نون والقلم

حسين حلمي يكتب: جدلية حقوق الإنسان والطبيعة

لقد أسست الطبيعة مبدأً يبدو متناقضًا مع مفهوم حقوق الإنسان. يعتمد هذا المبدأ على محركين أساسيين في حياة البشر: الألم والإشباع.

هذه الفكرة واجهت انتقادات حادة من بعض الفلاسفة خلال فترة الثورة الفرنسية والأمريكية في القرن الثامن عشر. فقد رأى هؤلاء أن مفهوم حقوق الإنسان، الذي روجت له تلك الثورات، ليس أكثر من فكرة مجردة لا تستند إلى واقع ثابت. بالنسبة لهم، الحقوق الطبيعية للبشر قابلة للتغير وفقًا لاحتياجات الشعوب المختلفة في كل مجتمع.

قدم هؤلاء المنتقدون أمثلة تؤكد وجهة نظرهم، مثل حقوق السكان الأصليين في أمريكا (الهنود الحمر)، الذين لم تُطبق عليهم مبادئ الحقوق التي كانت تلك الثورات تدعو إليها.

في الحقيقة، كانوا يرون أن مفهوم حقوق الإنسان كان دائمًا مرتبطًا بمن تُمنح لهم فقط، وهو ما يضع قيودًا واضحة على تطبيقها.

على الجانب الآخر، اتجه البعض إلى تبني معيار مرتبط بالطبيعة ذاتها، مؤكدين أن الإنسان تحركه رغبة في إشباع احتياجاته الأساسية، وأن الحرمان من هذه الاحتياجات يؤدي إلى الألم.

بناءً على ذلك، يجب على الحاكم ضمان تلبية هذه الاحتياجات الأساسية وتفادي الألم الناتج عن الجوع والعطش والخوف. بهذه الرؤية، تصبح المطالبة بإشباع هذه الحاجات أكثر أهمية وأولوية مقارنة بفكرة حقوق الإنسان بمفهومها النظري.

ومع مرور الوقت تحول مفهوم حقوق الإنسان إلى أداة تُستخدم أحيانًا لتحقيق مصالح معينة. فأصبح منفذًا لاستغلال الشعوب ونهب ثرواتها، بينما يغض البعض الطرف عن معاناة أخرى، كأطفال غزة الذين يموتون جوعًا وعطشًا وبردًا.

تلك المعاناة التي لم تحرك ضمائر أولئك الذين يرفعون شعارات حقوق الإنسان دون تقديم حلول حقيقية أو مساءلة لما يحدث على أرض الواقع.

لم نقصد أحداً !!

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

زر الذهاب إلى الأعلى