
حسين حلمي يكتب: العالم بين القيم والفساد
يقول عمنا صلاح جاهين: «مع أن كل الخلق من طين، وكلهم بينزلوا مغمضين، بعد الدقايق والشهور والسنين، تلاقى ناس أشرار وناس طيبين.. عجبى!» هذه الكلمات البسيطة تختصر حكاية الصراع الأزلي بين قوى الخير والشر.
منذ بداية الزمن، والبشرية تعيش معركة مستمرة بين هاتين القوتين. الخير يسعى لترسيخ قيم الجمال والمحبة، بينما الشر يحاول فرض هيمنته بمختلف الوسائل. ومع أن الخير يبدو دائمًا مهزومًا في البداية، إلا أن النصر غالبًا ما يكون لصالحه في النهاية.
ولكن حين نلقي نظرة على العالم الآن، نرى أن كفة الشر تبدو راجحة. قوى الظلام تسيطر وتحرك خيوط اللعبة كما تشاء، فيما ينزوي أصحاب القيم والمُثُل العليا على الهامش.
صوت من ينادون بالسلام والحب بات ضعيفًا وسط ضجيج المصالح والصراعات. وربما يكون السبب وراء ذلك هو تعقيد حياة البشر الحديثة، وتلك المدنية التي جعلت الإنسان يتوه بين مبادئ الخير ومتطلبات الواقع.
الخير والشر ليسا سوى انفعالات كامنة داخل كل فرد، ولكن الظروف المعيشية هي ما تدفع الإنسان ليختار أحدهما. إلا أننا اليوم نعيش في عالم يُعزز قوى الشر بشكل واضح.
من يمتلك النفوذ والأموال والسلاح يصبح السيد الذي يخشاه الجميع، ومن يحاول الوقوف ضده يُتهم فورًا بالتطرف أو الجنون. وهكذا تستمر دائرة السيطرة، حيث نرى زعماء الشر يبسطون أيديهم في كل اتجاه، يهددون دولًا، يحتلون أراضي، ويعيدون رسم الخرائط حسب أهوائهم دون اعتبار للإنسانية أو الحق.
في هذا المشهد القاتم، يصبح الخير مجرد فكرة هامشية عند الأغلبية. الأشرار يحكمون العالم، والأخيار يتم دفعهم إلى الظل أو ربما إلى قاع النسيان. ومع تقدم الأيام، يبدو وكأن قوى الشر ماضية في التهام كل شيء، تاركة السؤال الحائر: هل ستبزغ شمس الخير مجددًا؟ أم أن العالم بأسره سيستسلم لهيمنة الظلام؟