
حسين حلمي يكتب: الدين و القومية في ميزان الوحدة العربية
ما يحدث في المنطقة العربية اليوم يعكس حالة من التصادم بين فكرة الوحدة العربية وفكرة الأممية التي يروج لها البعض ممن اختاروا السلاح وسيلة لنشر أفكارهم.
يروج هؤلاء لفكرة أن العالم ينقسم إلى «دار سلم» يعيش فيها المسلمون و«دار حرب» يقيم فيها كل من لا يؤمن بأفكارهم، حتى إن كان مسلماً ولكنه لا يطبق مفهومهم لما يرونه «شرع الله».
لذلك، مثل هؤلاء كانوا أشد المعارضين لفكرة الوحدة العربية، بل رفضوا أي انتماء لمن يسكن هذه الدول من غير المسلمين، متجاهلين ما يربط شعوبها من أرض مشتركة ولغة جامعة.
يرى الداعون للوحدة العربية أن الدين ليس عاملاً يهدد النسيج العربي أو يمنع توحد شعوبه، على عكس ما يزعمه دعاة الفكر الأممي.
كما أن التنوع العرقي في المنطقة كان مطروحاً كعائق أمام الوحدة وفق منظورهم. من ناحية أخرى، القوميون تمسكوا بشعارات تدعو إلى شمولية الوطن للجميع، ومنها شعار «الدين لله والوطن للجميع»، الذي كان أحد ركائز ثورة 1919 في مصر، التي كانت مثالاً لوحدة عنصرَي الأمة.
ولعل كلمات مكرم عبيد، أحد زعماء الثورة والوفد، تلخص هذا المعنى حين قال: «مصر ليست وطناً نعيش فيه، إنما وطن يعيش فينا».
وعبارته الشهيرة الأخرى: «اللهم يا رب المسلمين والنصارى، اجعلنا نحن المسلمين لك وللوطن أنصاراً، واجعلنا نحن نصارى لك وللوطن مسلمين»، كانت تعبيراً عن هذا التآخي والوحدة بين أبناء الوطن الواحد.
من هذا المنطلق، يبدو أن دعاة الفكر الأممي استهدفوا تفكيك الاستقرار في الدول العربية عبر محاربة كل دعوة لتوحيد الصفوف واللحمة الوطنية، كما أسقطوا دولاً كانت تسعى لتحقيق أحلام الوحدة العربية، مثل العراق وسوريا، ليبعثوا برسالتهم الواضحة: الحرب قائمة ضد كل من يخالف رؤيتهم أو يعارض أفكارهم. والأمل أن يحفظ الله هذه المنطقة من المزيد من الدمار.