من الثابت عقلاً إنه لا يمكن القضاء على الإرهابيين بشكل نهائي مالم يتم القضاء على المنبع الفكري أوّلا الذي يزوّد الحركات والتنظيمات الإرهابية بالفكر والعقيدة التي تستدرج الأفراد والعناصر لها, فما دام المنبع الفكري موجوداً فلا خلاص من الإرهاب إلا بالخلاص منه, وهذا الأمر قد عُمل به بشكل كبير في العراق على وجه التحديد إلى جانب الحملات العسكرية التي تقوم بها القوات العراقية في دحر عناصر تنظيم داعش الإرهابي وهناك حملة علمية وفكرية تهدف الى دحر الإرهاب الفكري وردم حفر منابعه.
هذه الحملة تمثلت بمحاضرات المرجع الديني العراقي السيد الصرخي الحسني والتي تشتمل على البحوث (وقفات مع توحيد التيمية الجسمي الإسطوري) وبحث (الدولة المارقة في عصر الظهور منذ عهد الرسول «صلى الله عليه وآله وسلم») هذه المحاضرات فتحت الآفاق لأن نغوص باحثين عن الحقيقة وكشف ماهية الفكر التيمي الذي تستمد التنظيمات الإرهابية منه شرعيتها –المصطنعة– لتستقطب الشباب تحت عنوان «التوحيد» ولتمارس القتل والإرهاب بحق البشرية والذريعة هي «مخالفة الدين والسنة النبوية» لكن الحقيقة الواقعية هي قتل الناس لمخالفتهم «سنة إبن تيمية» هذه السنّة التي لا تمثل الدين ولا التسنن الحقيقي, ولا تمثل دين التوحيد الحقيقي بل تستّرت به.
ومع ذلك نقول لكل من غُرّر به وصار تابعاً لهذا التنظيمات الإرهابية أو مَن يعتقد بصحّة وسلامة هذا الفكر التكفيري المتطرّف العنيف نقول له، هل دقّقت وبحثت وفحصت حول ما تعتقد به؟ أم اكتفيت فقط بما تسمع وتشاهد من كلام لأئمة وشيوخ التيمية الذين جعلوا منك دمية في يدهم يحركونها كيف يشاؤون؟ وبكلا الحالتين نكشف لكل هؤلاء حقيقة ابن تيمية وفكره الذي جعله يكفّر نفسه ويكفّر كل مَن يعتقد بما يعتقد به هو –أي إبن تيمية– ومن فمه سندينه, لكي تكون الحجة تامة حتى يحيا من يحيا على بينة ويهلك من يهلك على بينة.
مما لا شكّ فيه إن أبن تيمية يقول ويعتقد بصحة إن النبي الخاتم «صلى الله عليه وآله وسلم» قد رأى ربّه ويقول بأن هذه الرؤيا هي رؤيا «عين» وليست منام ويقول بصحة الحديث المنسوب للنبي «صلى الله عليه وآله وسلم» حيث يقول في كتاب بيان تَلبيس الجَهْميّة في تأسيس بِدَعِهم الكلامية ج7/290 طبعة مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف 1426هــ بالمدينة المنورة ((فيقتضي أنّها رؤية عين كما في الحديث الصحيح المرفوع عن قَتادة عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم»: {رَأَيْتُ رَبِّي فِي صُورَةِ شَابٍّ أَمْرَدَ، لَهُ وَفْرَةٌ جَعْدٌ قَطَطٌ، فِي رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ} )) ويقول في كتاب «بيان تلبيس الجهمية » ج 1 / ص 325 ((ولكن لا بد أن تكون الصورة التي رآه فيها مناسبة ومشابهة لاعتقاده في ربه فإن كان إيمانه واعتقاده مطابقا أتي من الصور وسمع من الكلام ما يناسب ذلك وإلا كان بالعكس)) ويقول أيضاً في كتاب «بيان تلبيس الجهمية» ج 1 / ص 5 – 6 ((بيّنت ما يجب من مخالفة الجهمية المعطلة؛ ومن قابلهم من المشبهة الممثلة، إذ مذهب السلف والأئمة؛ أن يوصف الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل. قال نعيم بن حماد الخزاعي: من شبه الله بخلقه فقد كفر، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر، فليس ما وصف الله به نفسه ورسوله تشبيهًا، وكان السلف والأئمة، يعلمون أن مرض التعطيل، أعظم من مرض التشبيه، كما يقال: المعطل أعمى، والمشبه أعشى، والمعطل يعبد عدمًا، والمشبه يعبد صنمًا)).
وهنا لنا عدة تعليقات:
التعليق الأول: إن إبن تيمية قال بصحة حديث « الشاب الأمرد الجعد القطط » وكذلك يقول بأن من يرى ربه يجب أن تكون الصورة التي شاهد ربه فيها « مناسبة ومشابهة لإعتقاده في ربه » وهذا يعني إن إبن تيمية يعقتد أتم الإعتقاد بأن الله سبحانه وتعالى « شاب أمرد جعد قطط » وهذا الإعتقاد جاء وفق ما رآه النبي « صلى الله عليه وآله وسلم » من رؤيا عين, كما ورد في الحديث الصحيح بحسب ما يقول به إبن تيمية…
التعليق الثاني: نذكر فيه كلام المرجع الديني العراقي السيد الصرخي الحسني في المحاضرة الثامنة (وقفات مع التوحيد التيمي الجسمي الأسطوري), حيث علق المرجع الصرخي على كلام إبن تيمية الذي نقله عن نعيم بن حماد, قائلاً:
{{… شيخ التجسيم ابن تيمية يُدين نفسَه بنفسه، ويكفّر نفسه بنفسه، ويدين أئمته ويكفّرهم ويكفّر كلّ أتباعه، قال تيمية: قال نعيم: {مَن شبّه اللهَ بخَلْقِه فقد كفَر}، ولا يخفى على الجميع فضاعة وشناعة تشبيههم الله بالشابّ الأمرد الوَفْرة الجَعْد القَطَط عليه نَعْلان في خضِرة، موقَّر موفِر، عليه حُلّة لؤلؤ..، وكذلك ما يقولون و يصرّون عليه من رؤيا الربّ في الآخرة وفي المعراج وكذا في الدنيا في النوم واليقظة،وأنّ رؤيا النبي صلى الله عليه وآله وسلم للربّ الأمرد إمّا باليقظة وإمّا بالنوم، وأنه (صلى الله عليه وآله وسلم) تنام عينه ولا ينام قلبه، وأنّ رؤياه كَفَلَق الصبح، وأنّ رؤياه وحي، فثبت يقينًا إصرارهم على اتصافه بالصفات البشرية وتشبيههم للرب بالشابّ الأمرد الوفرة القطط وتشبيهه بالإنسان في الرأس والشعر والعينين واليد والرجل والساق والقدمين والضرس والأسنان والمشي والهرولة والجلوس والتحرك والنزول، فهذا كفر ظاهر بَواح صُراح وبحسب كلامهم وإقرارهم ومقاييسهم التكفيرية القاتلة. (فهم أولى بالعقوبة والقصاص والقتل والتحريق والتمثيل وكل من يقومون به من إرهاب للناس فهم أولى بأن ينفّذ بهم) …}}.
التعليق الثالث: إبن تيمية يقر بأنه أعشى, فعندما يقول بأن المشبه أعشى, والأعشى هو الذي يسوء بصره في الليل وفي النهار أو يبصر في النهار ولا يبصر في الليل, وهذا يعني إن المشبه لا يرى بصورة صحيحة وهنا يقصد إبن تيمية الناحية العقائدية والفكرية, وبما إن إبن تيمية شبه الله سبحانه وتعالى بصورة الشاب الأمرد الجعد القطط « وهي صورة لمخلوق من مخلوقات الله سبحانه وتعالى وشبهه فيها » بحسب ما صححه من حديث فهذا يعني إنه بعد أن كفر نفسه فإنه كذلك يقول بأنه أعشى أي الذي لا يبصر دينه وعقيدته بصورة صحيحة وعنده خلل في بصره فلا يرى الأمور – من الناحية العقائدية – بصورة صحيحة كالأعشى.
التعليق الرابع: يقر إبن تيمية على نفسه وعلى كل من يتبعه بأنه « يعبد صنم » فكما بينا بأنه شبه الله سبحانه وتعالى بصورة شاب أمرد عد قطط, وعنده المشبه « يعبد صنماً » وهذا يعني إن إبن تيمية ومن يتبعه يعبدون صنماً وهو « الشاب الأمرد الجعد القطط ».
الخلاصة هي إن إبن تيمية ومن حيث لا يشعر فقد كفر نفسه وكل من يعتقد بما يعتقد به هو وجعل نفسه ومن يتبعه أعشى وعابداً لصنم, فهل يستحق هكذا فكر « كافر و أعشى وعابداً للأصنام » أن يكون هو الممثل الحقيقي للإسلام ومن يخالفه يستحق القتل ويستباح دمه وماله وعرضه ؟! هل إلتفت أتباع إبن تيمية إلى هذه القضية ؟ هل أطلعوا على هذه الكتب وهذه الحقائق أم إنهم إكتفوا بأخذ المسلمات من شيوخ التيمية ؟ فعلى الجميع وخصوصاً من يتبعون هذا الفكر وهذا النهج التكفيري أن يراجعوا ما يتبعون وأن لا تأخذهم العزة بالإثم وأن يصحوا من هذا السبات الذي زجهم فيه إبن تيمية وفكره المشوش والمغالط والذي هو عبارة عن سموم مدسوسة في عسل « التوحيد» الذي حرق سوريا والعراق والعديد من الدول العربية والإسلامية, فهذا هو دين توحيد الصنم الشاب الأمرد, دين التكفير والقتل وسفك الدماء.