أصبحت الدعاية الانتخابية واحدة من أهم الآليات المباشرة ذات التأثير السريع في صالح المرشحين في الانتخابات بكافة أنواعها، وكلما كانت الدعاية ترتكز على خطط مبتكرة ذات جدوى مدروس كانت النتائج إيجابية.
ونظرًا لهيمنة السوشيال ميديا وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات على سوق الإعلانات في مصر والعالم بعدما خطفت الأضواء من الدعاية التقليدية والصحافة الورقية، فقد باتت هدفًا مباشرًا لجموع المرشحين الذين يبحثون عن حملات مضمونة ونتائج إيجابية.
ونظرًا لضخامة سوق الدعاية والحملات الانتخابية في مصر وما ينفق فيه من أموال طائلة وما يمثله من تأثير مباشر في زيادة فرص المرشحين في الفوز، التقى موقع« نون» بالرئيس التنفيذي لشركة سي سي بلاس وخبيرة العلاقات العامة والتسويق والدعاية لمياء كامل وكان الحوار التالي:
هل جميع الحملات الانتخابية لها نفس الهدف وهو نجاح المرشح؟
هدف أي حملة هو فوز المرشح الذي تمثله، لكن الحملة الذكية للمرشح الانتخابي -أيا كانت الانتخابات التي يخوضها- لا تفكر في الصناديق وأعداد أصوات الناخبين كهدف في حد ذاتها، فالنجاح في الانتخابات مجرد خطوة على طريق العمل العام وبداية المسيرة كشخص مؤثر في المشهد السياسي، وأحيانا ينجح بعض المرشحين في الانتخابات تبعا لأصوات الصندوق الانتخابي لكنه يفقد الطريق بعد ذلك ولا ينفذ شيئا له قيمة في حياة الناس وبالتالي تنساه الناس أيضا، والبعض قد يخسر الانتخابات لكن يستمر في المشهد السياسي والعمل العام برؤيته، وأفكاره وخدمته للناس على الأرض ويترك علامة تغير حياة الناس للأفضل.
ماهي أول خطوة في الإعداد للحملة الانتخابية؟
أول خطوة يقوم بها فريق عمل المرشح هو الدراسة، وتشمل دراسة شخصية المرشح بما فيها من نقاط قوة وضعف، ودراسة احتياجات ومشكلات الدائرة الانتخابية، وكذا نقاط القوة والضعف للمنافسين، ثم تأتي مرحلة دراسة الجمهور المستهدف من الحملة وهي من أهم الخطوات، ونعتمد فيها على البحوث الميدانية، وخلالها ننزل إلى الأرض مع الناس سواء أفراد عاديين أو قادة الرأي ونتحدث معهم، والجمعيات الأهلية لنتعرف على مشكلاتهم وطموحاتهم، بجانب التقارير التي يصدرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. وعادة ما تكون المشكلات والتحديات ظاهرة لكن تحديد الأولويات هو ما يوضح الصورة بشكل أكبر.
وما هي أهم المشكلات التي ترصدونها خلال البحث؟
في المناطق التى عملنا عليها، جاء فى مقدمة اهتمامات الناس الخدمات الصحية والتعليمية، وخدمات البنية التحتية من صرف صحي ومياه، وبالطبع توافر فرص العمل الدائمة.
ما أكبر خطأ دعائى يقع فيه المرشح الانتخابي؟
الخطأ أن يتوجه برسالة عامة لجمهور عام، يجب أن يحدد المرشح في البداية جمهوره الأقرب إليه أو المؤيدين له، ويبدأ بتوجيه رسالته إليهم، فحالة الاقتناع والإيمان بهذا المرشح لدى هذه الفئة ستجعلهم بعد فترة بمثابة قادة رأى مؤثرين في محيطهم، ومتحدثين باسم المرشح وأفكاره وطموحاته، ومن هنا يكبر الجمهور تدريجيا بناء عن اقتناع بالرسالة والهدف الذي يقدمه المرشح.
كيف يتصرف مدير الحملة عندما يجد المرشح يصر على اتخاذ قرارات قد تضر مسار الحملة؟
لكل حملة استراتيجية تسير عليها، وعادة ما اتبع منهج الثقة وأبدأها من المرشح بأن يثق أولا أننا فريق عمل واحد هدفنا النجاح، وأن أظهر له مواطن قوته وضرورة إبرازها بشكل أكبر في الفعاليات التي يتواجد فيها، والرسائل التي يقدمها للناس وللإعلام، فقلة ثقة المرشح في نفسه تنعكس على ثقته في أفراد حملته، وأحيانا نختلف في الآراء ويحدث نقاش ونحاول إبراز وجهات نظرنا والقرار الأصح لكن في النهاية هي حملة المرشح ولا يجب أن يشعر أنه مجبر على شيء وإذا أصر على قرار فإننا نخضع لإرادته.
هل تختلف طريقة إدارة وخطوات الحملات الانتخابية تبعا لنوع الانتخابات؟
في أي انتخابات نحن نجهز قائد لديه رؤية وهدف وقدرة على تنفيذ برنامج انتخابي، وفى ذلك تكون الخطوات العامة والخطوط العريضة متشابهة فنحن نعمل على مرشح، وبرنامج انتخابي، وأصوات الناخبين، لكن مجال عمل كل حملة يختلف ويتسع طبقا لطبيعة الانتخابات.
كيف غيرت ظروف كوفيد- 19 من طبيعة الدعاية الانتخابية للبرلمان المصري؟
كوفيد_19 أثر على الحياة بصفة عامة والانتخابات بما فيها من تفاصيل جزء من حياتنا لكن أعتقد هذا التأثير ظهر في المحافظات الحضرية بشكل مختلف عن المناطق الريفية أو النائية، فستجدى في المحافظات الحضرية الاعتماد على السوشيال ميديا في الدعاية الانتخابية بشكل أكبر وتقليل الورق سواء كان منشورات أو لافتات، وفى الريف أو المناطق النائية يميل الناس للتواصل المباشر مع المرشح إما لعدم توافر الإمكانات المادية أو التعليمية للتعامل مع التكنولوجيا، أو لأنهم يريدون التأكد من أن المرشح سيمثلهم بحق ولن يكون بمعزل عنهم في برج عاجي ويعرف تفاصيل ظروفهم الاقتصادية ومشكلاتهم.
هل هذا يعنى أن مواقع التواصل الاجتماعي لم تغير من طبيعة الحملات الانتخابية؟
السوشيال ميديا غيرت من طبيعة الحملات الانتخابية في الحضر وفى المستويات الاقتصادية الأعلى لكن في القرى والمناطق النائية التحديات الاقتصادية تؤثر على درجة الاعتماد على السوشيال ميديا في الدعاية ويصبح التواصل المباشر الطريقة الأمثل.
كيف نشجع الناس على المشاركة في العملية الانتخابية؟
بشكل عام، أصبحت إجراءات التصويت أكثر سهولة عن السنوات الماضية، بجانب مد أوقات العمل بمراكز الاقتراع بهدف تشجيع الناس على المشاركة، كما بدأت الدولة فى تنفيذ برنامجا طموحا لرقمنة الخدمات الحكومية، وأعتقد أن التصويت الإلكتروني أحد هذه الخدمات بالطبع من الصعب خلال هذه الفترة القصيرة تفعيل التصويت الإلكتروني، لكن أتمنى أن يتحقق ذلك خلال الانتخابات الرئاسية القادمة؛ فالتصويت الإلكتروني سيخلق حالة من الحشد ويشجع الناس على المشاركة في الانتخابات في كل مكان وأي وقت.
هل نجاح الحملات الانتخابية مرتبط بمبالغ الإنفاق عليه؟
حددت الهيئة الوطنية للانتخابات ضوابط الإنفاق على الدعاية الانتخابية بكافة تفاصيلها سواء للمرشحين على المقاعد الفردية أو القوائم وفى الانتخابات في المرحلة الأولى أو الدعاية، ولم تترك تفصيله لم تتابعها ومنها قواعد تلقى التبرعات، ومراقبة كشوف الحسابات الخاصة بالحملات، وهو ما يعطى فرصة للمساواة إلى حد كبير بين المرشحين في المبالغ المخصصة للدعاية، وفى الحقيقة إن نجاح المرشح الانتخابي لا يرتبط بهذا القدر بالمبالغ المخصصة للدعاية صحيح إن هذه الأموال تساعده في توفير أدوات للوصول للناس لكن في نفس الوقت الناس أصبح لديها وعى فهم يشاهدون المشروعات التي تتم في الدولة والمدن الجديدة تبنى في العاصمة الإدارية، والجلالة، والعلمين وإن المسؤول في مكانه عندما تكون لدية الرغبة والإرادة يكون قادرا على تحقيق هدفه وهذا رفع سقف تطلعات الناس في التنمية المستدامة لتفاصيل حياتهم، وأصبح حتى المواطن البسيط والذى قد يكون غير متعلم في أبعد مكان في مصر يدرك نوايا المرشح وإذا كان جادا في تغيير حياة الناس للأفضل أم لا .
هل يتوقف مدير الحملة الانتخابية عن عمله بمجرد نجاح المرشح؟
المفترض ألا يحدث ذلك؛ فبعد نجاح المرشح يتواجد مدير الحملة معه خاصة في الفترة الأول كاستشاري يجهز له الأدوات والوسائل التي تحول البرنامج الانتخابي إلى عمل قابل للتنفيذ على الأرض، فعندما يدعم مدير الحملة المرشح يصبح ضمنيا ملتزم أمام الناس بتنفيذ الوعود التي قدمها المرشح للناخبين، والالتزام المهني والأخلاقي يلزمنا بمساعدة النائب على الوفاء بوعوده للناخبين حتى لو كان بشكل استشاري وليس جزءا من فريق عمله الدائم.
إذا أراد شخص الترشح لأي انتخابات ما التوقيت المناسب للبدء؟
مدة الترشح تختلف من شخص لآخر فالبعض يخطط للترشح في الانتخابات أيا كانت هذه الانتخابات قبلها بسنوات، ويعمل على بناء شخصيته وقاعدته الجماهيرية، والأدوات التي تمكنه من العمل العام فهو هنا يبنى أساس قوي، وهناك البعض يطلب منه حزب ما الترشح فيظهر اسمه لأول مرة للنور وقت الانتخابات.
يقال إن مسؤول العلاقات العامة للحملات الانتخابية للمرشح الفائز يكون هو الفائز الحقيقي هل هذا صحيح؟
العلاقة بين مسؤول الحملة والمرشح بها شراكة وتشبه علاقة الزواج سننجح معا أو نخسر معا، ومن المهم إن هذه الإحساس يكون لدى جميع العاملين في الحملة حتى نعمل جميعا بجدية، فالموضوع ليس كتابة أخبار أو الظهور في مؤتمرات وحشود، لكنه ترابط قوى يظهر في وضع الاستراتيجية والعمل عليها.
ما رأيك في الحملات الانتخابية للرئاسة الأمريكية؟
الانتخابات الأمريكية هذه المرة تتخذ مسارا مختلفا تماما عن السنوات السابقة، وأعتقد أن ذلك يرجع لأسباب متعددة منها طبيعة المرشح، والمناخ العام الذي تتم فيه الانتخابات فالعالم يتعرض لكارثة صحية والوضع في الولايات المتحدة ومعدلات الإصابة بفيروس كورونا وصلت إلى ما يقرب 8 مليون إصابة لتكون أعلى دول العالم في معدلات انتشار الوباء، وفى نفس الوقت هذا الوضع له تبعات اقتصادية شديدة من تزايد معدلات البطالة لتصل إلى8.6 % وهو تقريبا ثلاثة أضعاف النسبة التي كانت عليها قبل انتشار فيروس كورونا، فهذه الأجواء مختلفة تماما عن أي أوضاع شهدتها الانتخابات الأمريكية السابقة، وهو ما جعل أداء الانتخابي أيضا استثنائي، فحتى الجولات الانتخابية يدور حولها جدل بسبب خوف الناس من التجمعات، وهذا الأداء الاستثنائي اتضح كذلك في المناظرة التي تمت بين مرشح الحزب الديمقراطي جو بايدن، وترامب الرئيس الحالي مرشح الحزب الديمقراطي، فالأداء غلب عليه “شخصنة” الأمور بشكل مبالغ فيه ولكن الانتخابات الأمريكية دائما ما تفاجئنا بنتائجها وسنرى ما ستصل إليه الأمور خاصة ونحن ننتظر مناظرة نائبيي المرشحين.
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولي
