دوشة فنية

تأهل جزاع وبتول إلى الحلقة النهائية من شاعر المليون

انطلقت ليلة أمس الحلقة ما قبل الأخيرة من برنامج شاعر المليون في موسمه الثامن، والذي تنظمه لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية في أبوظبي على مسرح «شاطئ الراحة»، وتنقله على الهواء مباشرة قناة الإمارات وقناة بينونة.

وبحضور معالي اللواء ركن طيار فارس خلف المزروعي رئيس لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي؛ انطلقت أحداث الحلقة، والتي من جانب اللجنة السيد عيسى سيف المزروعي نائب الرئيس، وعضوا اللجنة الاستشارية للبرنامج الأستاذين بدر صفوف وترك المريخي، وأعضاء لجنة التحكيم ممثلة بكل من د. غسان الحسن، والناقد والكاتب سلطان العميمي، والكاتب والإعلامي حمد السعيد.

كما حضر الحلقة معالي جمعة عبدالله العبادي سفير المملكة الأردنية الهاشمية في الدولة، وطاقم السفارة، والشاعر علي محمد القحطاني الملقب بشاعر الوادي الأخير،وعدد من الإعلاميين، والجمهور الذي جاء مشجعاً للشعراء المشاركين في الحلقة، والذي ملأ مسرح “شاطئ الراحة”.

وقبل المنافسة بين شعراء الأمسية؛ أعلنت أسمهان النقبي وإلى جانبها حسين العامري عن اسم الشاعر الفائز بتصويت الجمهور بعد أسبوع من الانتظار.

واستطاع الشاعر السعودي نجم بن جزاع الأسلمي من التأهل عبر تصويت الجمهور إثر حصوله على 70% من نسبة الأصوات، لينضم بذلك إلى قائمة الشعراء الستة، والتي اكتملت بانضمام الأسلمي إليها. فيما غادر راشد بن قطيما بـ58%، ومشاري سرهيد الرشيدي بـ47%، ومحمد الخطيمي بـ45%.

الحميداني ضيف الحلقة

وليلة أمس استضاف البرنامج الشاعر الكويتي راجح الحميداني حامل بيرق “شاعر المليون” بدورته السابعة، والذي تنازل عن البيرق لصالح آخر الشعراء المتنافسين، بعد أن ألقى قصيدته التي حازت على رضا الجمهور وقال فيها:

كل ما يطري على بالك لحن مهجور سوّه
لين يا راسي تذّب الريع وأكسيك العمامه
والله إني واقف موقف يحتاج قوّه
كنت صامل في مكاني لا وقف تبرد عظامه
مير أنا كويتي وفي راسي سعاطير الحموّه
أتقدم باسم أبو ناصر وأبلغكم سلامه
يا سلام الله سلامٍ فيه من حكمة سموّه
وحب شعب اخوان مريم وامتنانه واحترامه
السلام اللي يجيب الشعر بمزونه ونوّه
لين ما تنبت قفارٍ تبجيل وقرامه
من يغالي في أبو خالد الله يبارك في غلوه
ومن يصافح كفّه الطاهر يصافح له غمامه
والله ان حبي لشخصه من قبل ما هو بتوّه
قبل ما يغمرني بلطفه وطيبه واهتمامه
شيخ دارٍ من خلقها الله على مجد ومروّه
كل خطب ومعترك تقلط على ذروة سنامه
إن أعدوا ما استطاعوا من رباط الخيل قوه
والله إن يحرم على العدوان يطرون السلامه

معايير الحلقتين الأخيرتين

انتهت ليلة أمس أول مرحلة من التنافس بين الشعراء الستة، وهم بتول آل علي وعلى سالم الهاملي من الإمارات، وصالح الهقيش الصخري من الأردن، ومن السعودية نجم بن جزاع الأسلمي وفواز الزناتي العنزي ومتعب النصار الشراري، بعد أن ألقوا قصائدهم التي تراوحت أبياتها بين 9 أبياتٍ و12 بيتاً، وجاءت حرة الوزن والقافية والموضوع بناء على طلب أعضاء لجنة التحكيم، شرط الابتعاد عن موضوع مسابقة “شاعر المليون”، بالإضافة إلى كتابة أبيات على وزن “الجدولي” مع الالتزام بالموضوع الذي يختاره الشعراء بالقرعة. وهو ما أوضحه الناقد سلطان العميمي حين استعرض معايير مشاركات الشعراء خلال الحلقتين الأخيرتين.

إذ قررت إدارة البرنامج تقسيم المرحلة النهائية من المنافسة إلى حلقتين، أولهما كانت ليلة أمس، والثانية ليلة الثلاثاء المقبل، والتي سيتم خلالها تتويج الفائز بالبيرق بعد إلقاء كل شاعر قصيدة حرة الوزن والقافية والموضوع، وتتراوح أبياتها بين 8 و10 أبيات، أما المعيار الثاني فسيتم إيضاحه في الحلقة الأخيرة، على أن يتم تقييم الشعراء من قبل الشعراء ومنحهم الدرجات التي يستحقون من أصل 60%، 30% مخصصة لحلقة ليلة أمس، و30% لحلقة الأسبوع القادم.

أما الجمهور فله نسبة 40%، وفي ختام المنافسة يتم جمع النسب التي يحصل عليها الشعراء خلال الحلقتين، ليخرج من المنافسة الشاعر صاحب الدرجات الأقل، وبعدها يُعلن عن اسم الفائز، ومن ثم ترتيب خمسة شعراء.

بتول تحقق أعلى النسب

بعد إلقاء الشعراء قصائد ليلة أمس تمكنت الشاعرة بتول آل علي من حجز أول مقعد لها من حيث النسب، بعد أن منحتها اللجنة 28%، تلاها نجم بن جزاع الأسلمي وفواز الزناتي العنزي بحصول كل واحد منهما على 27%، وحل ثالثاً صالح الهقيش الصخري 26%، أما متعب النصار الشراري فحصل على 21%، وحل أخيراً علي سالم الهاملي إثر حصوله على 20%.

بتول تلقي «حادي الشر»

بدأت الشاعرة الإماراتية بتول آل علي برحلة التنافس الأخيرة، حيث قدمت قصيدة “حادي الشر” التي أعجبت اللجنة، ما دفع الناقد سلطان العميمي لاعتبار الشاعرة تتوهج إبداعاً وشعراً وفكراً منذ أول قصيدة شاركت فيها، وحتى قصيدة ليلة أمس التي قالت في أبياتها الأولى:

ياحادي الشر صوتك ما يزعزع ثبات
من فرقدين التحالف رج أرضك هزيم
ماني بقدّ الأمانة لو لبست السّكات
دخان نار الأعادي في حمانا يهيم
قافي حواري لا صارت يدّيني عصات
من وين ما يمّمه جاني فحله عظيم
يرّد ريحك ف إذنك صرصر عاتيات
تكشف لثام الحقيقة عن جوارٍ دميم
ما بين ملح أجاج وبين عذب فرات
يفصلك برزخ كرامة ما يمسّه لئيم

د. غسان الحسن قال: اعتدنا أن تأتي بتولبقصيدة مطربة، كما قصيدة “حادي الشر”، فأنّى بدأ المتلقي فيها يجد ما يرضيه. موضحاً أن الشاعرة تناولت موضوعاً من الساحة وشخصت الواقع وطرحت الحلول. وأشار د. الحسن إلى نقطتين في القصيدة، وهما التناص الموجود في القصيدة مع عدد من الآيات القرآنية، حيث استلت الشاعر التناص من ثمان آيات، إلى جانب تناص من بيت الحطيئة (دعِ المكارمَ لا ترحلْ لبُغيتها/ واقعدْ فإنك أنت الطاعمُ الكاسي)، فأنطقت بتول التناص لتقول ما في نفسها، كما بيّن الاختيارات الجميلة والمميزة للتناص الذي ورد في عباراتمثل (صرصر عاتيات، ملح أجاج، عذب الفرات، يبتلع حوتك، حولك ينفر أربع جهات، لا انت بيونس ولا عصاة الكليم)، أما في البيت (خلّ المكارم مدام يجود جيبك شتات/ للمجد ناسه وتوّك عن بلوغه فطيم) فقد استلت الشاعرة تناصها من بيت الحطيئة فأدت الشاعرة المعنى بذلك.

الناقد سلطان العميمي أكد أن القصيدة التي ألقتها بتول تتوهج إبداعاً وشعراً وفكراً، والشاعرة منذ بداية المسابقة وهي تشكّل رقماً صعباً، وتكتب موضوعات جادة عبر قصائد ناضجة تبنيها بشكل متين وجزل، وبما يلفت النظر.

وفيما يتعلق بالعنوان “حادي الشر” فقد وجده لافتاً، وفي بداية البيت الأول (يا حادي الشر) إيحاء يذهب بالمتلقي إلى ثيمة الصوت التي اعتمدت عليها الشاعرة، وبرزت في عدة عبارات مثل (صوتك ما يزعزع، عصاة الكليم، لبست السكات، ريحك ف إذنك)، فوظفت الثيمة لصالح موضوع القصيدة التي وجد فيهاعدة مفاتيح للدخول، كما الحال بالنسبة للعبارات (فرقدين التحالف، يبلعك حوتك، من تحت طربوش، عرّج على البيت)، معتبراً أنها رسائل مهمة توضح مكامن الحل، وما أعجب الناقد أن الشاعرة ورغم قلة الأبيات إلا أنها كثّفت المعاني رغم شساعتها.

فيما أوضح الناقد حمد السعيد أن بتول شاعرة متميزة، وليلة أمس قدمت نصاً سياسياًموجهاً حضرت الصور الشعرية فيه من البداية إلى الختام. ووجد السعيد أن في القصيدة نوعين من الأبيات، أبيات تنتمي إلى بطون الشعر وتحتاج إلى شرح مثل (ملح أجاج، حواري، فرقدين التحالف)، كما ذهبت نحو المباشرة في أبيات أخرى، أما الرمزية فبدت في البيت (زمرة مباديك ضاعت في خليط أمنيات/ من تحت طربوش طامع أو عمامة سقيم)، لافتاً إلى أن البيت الذي أعجبه بما فيه من ذكورية تمثل في قول الشاعرة (ماني بقدّ الأمانة لو لبست السّكات/ دخان نار الأعادي في حمانا يهيم) وكأن في الطرح ذكورية.

الصخري يقرأ «كتاب العمر»

الشاعر صالح الهقيش الصخري وكعادته استطاع التفوق في النص الذي ألقاه ليلة أمس، والذي عنونه بـ”كتاب العمر”، فحلق بين الفصيح والنبطي، متكئاً على ما لديه من معلومات ومعرفة، وقال في الأبيات الأولى من نصه:

جيت أحبك خفت كف الدرب تسرقني ظلالي
يا قصيدة في كتاب العمر ما زلت أحتريها
بين طيات السنين اللي تمر ولا تبالي
عشت باقة من ورود الصدق ما احدٍ مشتريها
ما ذكرت إلا “قف نبك” ليا زولك طرالي
في حضورك تمضي الدنيا ولا فكرت فيها
من حدود الآه بجروحي إلى حد احتمالي
كل دمعة خضّبت كفك عشاني مشتهيها
من ثباتي في سفوح الصمت وللحظة زوالي
كنت أعيشك دمعةٍ في وسط جفي مرتويها

الناقد العميمي أكد أن الصخري خير من يمثل شعراء الأردن بشعره وحضوره، خاصة وأنه أول شاعر يصل إلى النهائي بجدارة، حيث قدم قصيدة جميلة محكمة البناء والتصوير الشعري، والخيالي الشعري فيها رائع، فيما وظف الجمل الشعرية الفصيحة بذكاء وجمال، كما فعل حين قال (ما ذكرت إلا “قفا نبك” ليا زولك طرالي/ في حضورك تمضي الدنيا ولا فكّرت فيها).

وأضاف أن قوافي القصيدة مرتبطة بالشاعر وحده حينما قال على سبيل المثال (طرالي، ظلالي، خيالي، لحالي)، في حيث ذهب في العجز إلى (أحتريها،مشتريها، أحتويها، مشتهيها)، إلا في بيت واحد حين قال (انثريها)، ورأى الناقد لو أن التنوع كان أكبر وحضور الطرف الآخر أكثر في القافية لكان أجمل، كما أشار الناقد إلى أن القافية تغلبتأحياناً على القافية الشعرية كما في (مرتويها).

في حين قال الناقد حمد السعيد أن الحضور المسرحي للشاعركان طاغياً، وعلى مستوى القصيدة فقط ذهب الصخري إلى غرض الغزل عبر نص جميل بدءاً من مطلعه (جيت أحبك خفت كف الدرب تسرقني ظلالي/ يا قصيدة في كتاب العمر ما زلت أحتريها)، وصولاً إلى البيت ما ذكرت إلا “قفا نبك” ليا زولك طرالي/ في حضورك تمضي الدنيا ولا فكّرت فيها) الذي خدم موضوع القصيدة، وكذلك البيت (كنت “عوليس” المسافر في مدى صدّك لحالي/ كنت وحدي أطوي جروحك وبالصدر أحتويها)، مما يدل على سعة اطلاع الشاعر. وأوضح السعيد أن الشاعر شبه الحبيبة بالقصيدة في عبارة (يا قصيدة نوّخت)، واستخدم (الدمع) ثلاث مرات.

د. غسان الحسن قال إن صالح الصخري أحد الشعراء الذين أطربونا شعراً منذ بدايات الموسم، فقدم نموذجاً طيباً ورفيعاً لمستوى الشعر في الأردن. وقد أبدى د. الحسن إعجابه بتوظيف عبارة (قفا نبك) التي اعتبرها دنيا من المعاناةوالبكاء والفراق والأطلال، وأنها تذكّر المتلقي مباشرة بكاملمطلع معلقة امرؤ القيس (قفا نبكِ من ذكرى حبيبٍ ومنزلِ)، مشيراً إلى أن الذكرى تنبهنا إلى البعد.

ثم أوضح أن الشاعر اعتمد أسلوب أنسنةِوإحياء فكرتهوتجسيدها، كما استل الكثير من التناص، مثل (فقا نبك)، وكذلك (عوليس المسافر) التي تدل إلى الأسطورة أو يوليسيوس، وهو الرجل الذي ظل مسافراً ثم عاد. كما أعجب د. الحسن القوافي التي تستند إلى الشاعر، مخالفاً بذلك رأي الناقد العميمي،وبرأي د. الحسن أن في القصيدة كلها شخصية واحدة حاضرة، فيما الأخرى غائبة، أما الميدان الذي هو القصيدة؛ ففيه الشاعر فقط، وبالتالي نجد ذاتاً متوحدة فقدت طرفها الآخر. ثم أوضح أن الشطر الثاني من البيت الأول (يا قصيدة في كتاب العمر ما زلت أحتريها)، والشطر الثاني من البيت الأخير (يا قصيدة توخّت عمري وما زلت أحتريها) أخذا المساحة العمرية للشاعر، وأقعدت صاحب القصيدة، شارحاً الناقد أن في ذلك إشارة إلى قوة الموضوع الذي يجمع بين الشاعر والفتاة.

وجدانيّة الهاملي

ثالث الشعراء المتنافسين حلّ الإماراتي علي سالم الهاملي الذي ألقى ليلة أمس قصيدة تراوحت أبياتها بين المباشرة في الطرح، والجزالة التي وسمت عدداً من أبياته، فقال في الأبيات الأولى من قصيدة التي جاءت بهيئة مقاطع:

في خلوتي شرقي الظفرة براسً منيف
والليل يسدل على وجه النهار الخمار
نادمت حرفي وحرفي مثل فكري شريف
ما ينسخ افكار غيري يصنع ابتكار
قمت اتفكّر وانا العبد الفقير الضعيف
لا حول لي غير حول الله ولا لي خيار
أمور دنياي ما ترزا وانا ابها صريف
مادام قلبي دليل وعقلي المستشار
لكنني لا ذكرت الآخرة يا لطيف
أيقنت إني هنا ما بين جنّة ونار
عز الله أن البني آدم على الأرض ضيف
وان الحياة أشيره ما هي بدايم خضار

الناقد حمد السعيد وصف النص بأنه ذاتي ووجداني، ومن خلاله تحدث الشاعر عن مصير الإنسان، ورأى أن النص يتميز بالجمال والسلاسة، على الرغم من وجود اتجاهين في النص، أولهما مباشر، معيداً سبب تلك المباشرة إلى الموضوع المطروح، وثانيهما يذهب إلى الجزالة الشعرية كما في البيت (وانا أتمرجح ما بين أغصانها والرصيف/ ما طحت لكن وصلت لمرحلة الاصفرار) بما فيه من تصوير جميل جداً جاء للدلالة عن حال الإنسان وما يمكن أن يصل إليه. ومن جهة توظيف اللهجة الإماراتية فقد وصفها الناقد بالتميز، حيث أن ذاك التوظيف خدم المعنى الذي أراد الشاعر، والذي وصل إلى الدعاء في البيتين الأخيرين (يا رب ظللني بعفوك بظلٍ وريف/ وانا الضعيف الذي بك يا القويّ استجار)، و(وافر منّك وانا جرمي كبير ومخيف/ وانت الوحيد الذي منّك وإليك الفرار).

من جانبه قال د. غسان الحسن إن الشاعر كان الشخصية المحورية في النص، محدداً المكان في الشطر الأول من البيت الأول (في خلوتي شرقي الظفرة براسً منيف)، والزمان في الشطر الثاني بقوله (والليل يسدل على وجه النهار الخمار)، وهو ما أحال الناقد إلى أن الشاعر سيأخذه إلى نص قصصي. موضحاً أن الشاعر استمر في التعبير عن دخول الليل حينما قال (خمار)، إلى أن قال (نادمت حرفي وحرفي مثل فكري شريف/ ما ينسخ افكار غيري يصنع ابتكار) وفي ذلك استلال جميل من الناسخ والمنسوخ، إلى أن وصل إلى البيت (قمت اتفكّر وانا العبد الفقير الضعيف/ لا حول لي غير حول الله ولا لي خيار) حيث خفت الشعر وانخفض المستوى التخييلي فيه، إلى أن وصل إلى البيت (أمور دنياي ما ترزا وانا ابها صريف/ مادام قلبي دليل وعقلي المستشار) والبيت الذي تلاه، إذ جاء بكلام مباشر ومعروف. ومن الأبيات الجميلة التي أشار إلى الناقد (وآجالنا أوراق يعصفها هبوب الخريف/متشبثه بالغصن لو بعضها منّه طار) (وأنا أتمرجح ما بين أغصانها والرصيف/ ما طحت لكن وصلت لمرحلة الاصفرار)، وفي المقطع الأخير انخفض الجمال حينما قال (يا رب ظللني بعفوك بظلٍ وريف/ وأنا الضعيف الذي بك يا القوي استجار)، مؤكداً على ضرورة انتباه الشاعر إلى ضرورة توحيد المستوى الفني.

الناقد سلطان العميمي قال إن القصيدة تذكره بقصائد المتصوفة ومناجاة الذات الإلهية، وقد توهج الشاعر في نصه الذي حضرت فيه اللهجة الإماراتية وبيئته، وتوظيف ذلك جاء جيداً. لكنه وجد تكراراً للكلمة أو للأسلوب في بعض المواقع، وكاد ذلكأن يوقع الشاعر في النمطية مثل (لا حول لي، ما بين جنة، ما بين أغصانه)، أما المستوى الشعري فقد كان عالياً جداً في المطلع، ثم ارتفع في البيت (وآجالنا أوراق يعصفها هبوب الخريف) فامتدت الصورة الشعرية على أكثر من بيت. مؤكداً الناقد أنه أسلوب القصيدة سهل ممتنع.

الزناتي يبشر بالمجد

وعبر القصيدة الرمزية التي ألقاها الشاعر فواز الزناتي العنزي استطاع التعبير عن إحدى القضايا التي يعيشها عالمنا العربي عموماً، ومنطقة الخليج خصوصاً، منتقلاً من خلال الأبيات التي جاء بها من حدث إلى آخر، ومن عدو إلى سواه، محاولاً عبر الصور الدلالة على عاشه ويعيشه العرب، ومما قال في الأبيات الأولى من قصيدته:

يا حمل ظهر المقبلات بهم وقتك لا تضيق
على هدير الأمنيات الصاخبه حلمك برك
شالك وأخذ شعلة أمل في غيهب الواد العميق
وارخى سدول النور في شتى مساريه وترك
له بين جيلانه مهابه ينعكس منها بريق
تسطع بقلب صار حقده مثل نبض الزنبرك
لا بد ما يدعس على نبض الضلال اللي يويق
من خلف قضبان الوهن ما دام بالغل احترك
حط اصبعك يا حلم في عين المداهن والعويق
اللي غفى في حض كسرى واهدنوا ظهره درك

أشاد د. غسان الحسن بمسيرة فواز الزناتي، وبالقصيدة التي ألقاها فجاءت تتويجاً لرحلته في الموسم الثامن، حيث ظهر أسلوبه فيها، حيث التصوير شاملاً ومكوناً من وحداتٍ كثيرة تتضامن لتركب الصورة الممتدة التي لا تتحول إلى صورة تمثيلية، وعبر ذاك التصوير يستطيع المتلقي العارف إدراك أن الشعر الحقيقي يكون هكذا.

واعتبر د. الحسن أن البيت (يا حمل ظهر المقبلات بهم وقتك لا تضيق/ على هدير الأمنيات الصاخبه حلمك برك) إنما هو صيحة عالية في الأحلام التي تحققت عبر البِشارة، وأن نص الزناتي مليء بالصور الشعرية الجميلة الجزئية والممتدة، هو الذي استطاع توظيف الصراع العربي ضد العديد من الجهات، وهو ما نقله في فقرات القصيدة، ودلل على ذلك بالبيت (من يوم حمنا في فصول القادسية له نعيق/ طبعه مهو طبع الحرار وضاع مع سرب الكرك) الذي يظهر فيه الشاعر جانباً من جوانب الخصوم، وكذلك البيت (وما دام يغفل عن “سفر برلك” عسى ما يستفيق/ يوم إن طيبه تدمع التهجير من ضحك الشرك) حين كان الشباب العرب يساقون للمشاركة في معارك العثمانيين في بلاد غريبة عنهم فلا يعودون، وهذا كناية عن وجود فئتين أشار إليهما الشاعر عبر المفردتين (القادسية) و(سفر برلك)، أما في الختام فقد جاء ببِشارة عبر عنها الشاعر بقوله: (دام التحمنا في جسد لسيوفنا المجد العريق/ اليا ارتدوا حكامنا درع الخليج المشترك).

من جهته قال الناقد سلطان العميمي إن القصيدة مكتوبة باحترافية عالية، وهي تدل على إبداع الشاعر ومنبريته، فعبر القصيدة يتحدث الشاعر عن فكرته والصراعات التي تحيق بمنطقتنا، كما نبّه الناقد إلى الإشارات المهمة في الأبيات والجماليات المرتبطة بالموضوع والتي اتّسمت بالحرفية العالية. وفي معرض قراءته النقدية لفت إلى مفردة (الزنبرك) التي اعتبرها التقاطة متميزة، وإلى روعة البيتين (حط اصبعك يا حلم في عين المداهن والعويق/ اللي غفى في حض كسرى واهدنوا ظهره درك)، و(وما دام يغفل عن “سفر برلك” عسى ما يستفيق/ يوم إن طيبه تدمع التهجير من ضحك الشرك)، إضافة إلى بيت الخاتمة.

حمد السعيد النص أوضح أن موضوع القصيدة سياسي مغلف برمزية مبررة، تاركاً التأويل للمتلقي، أما القصيدة بحد ذاتها فهي مكتملة ومحكمة وجزلة، بما فيها من مفردات وترابط وصور وجماليات كثيرة لا يمكن الانتهاء من الحديث عنها خلال وقت ضيق.

«عمّار» في قصيدة الشراري

الشاعر السعودي متعب النصار الشراري الذي مكّنه تصويت الجمهور من الاستمرار في التنافس؛ ألقى نصاً بعنوان “عمّار” تحدث فيه عن معاناة طفل سوري شاءت الحرب له اختبار تجربة الألم العميق في بلده التي يقتل فيها الناس، ويهجّرون، ويعيشون مرارة العيش في بلاد اللجوء التي تفقدهم – أو تكاد – هويتهم، وقال في أبيات المطلع:

ضيّع الوهم النفوس وضيّق الكذب المدارك
والبكاء حل بمحل الضحك من شر البلية
وجهتك يا عمار ما هي باختيارك
تلتجي بالنار من رمضاك والمأمول فية
عن جنون الحرب طارت بك جناحين انكسارك
للسماء، للريح، للمجهول، لأدنى أرض حية
ما تركت إلا جثث أهلك تحت أنقاض دارك
وما أخذت إلا سواد الذكريات المفصلية
وانت مالك بالحروب ولا تطالبهم بثارك
طفلٍ أصغرمن ظروف الحرب وأبعاد القضية

الناقد سلطان العميمي أكد على جمال القصيدة وتميز موضوعها حين تحدث الشاعر عن طفل أسماه “عمّار” يعاني من الحرب، وهو رمز لكل الأطفال الذين يعانون من الحروب. ومما قاله العميمي: القصيدة محكمة من حيث البناء، وكذلك من ناحية الانتقال من صورة إلى صورة، فلم تفلت القصيدة من الشاعر. أما التصوير الشعر فيها فقد جاء عالياً، كما في البيت (يتلقّفك البرد والطوفان والعالم يبارك/ لو تواجههم بوردة واجهوك ببندقية) الذي يحمل رمزية جميلة وتصويراً لافتاً وعمقاً في المعنى والدلالة. فيما وجد الناقد المطلع مميزاً، فرغم سوداوية الموضوع إلا أن الشاعر كان متفائلاً حتى في وصف الاغتراب الذي يعيشه الأطفال الذين يعانون من أخطار فقدان الهوية. وفي الختام لفت العميمي نظر الشاعر إلى قافية القصيدة التي يجب أن يكون الروي فيها متطابقاً.

الناقد حمد السعيد شكر الشاعر على اهتمامه بقضية اللاجئين العرب والمهاجرين، وأكد على أن شخصية عمار تمثل جميع الأطفال واللاجئين، والتي تناولها الشاعر برقي، بإبداع شعري غير متعب. ثم أشار إلى الطباق الذي أورد الشاعر في البيت (عن جنون الحرب طارت بك جناحين انكسارك/ للسماء للريح للمجهول لأدنى أرض حية)، والصورة الجميلة في البيت (ما تركت إلا جثث اهلك تحت أنقاض دارك/ وما أخذت إلا سواد مفصلية)، وفي البيت (تسأل الأوطان بقعة فوقها ينبت خضارك/ ولو بيدها ما سقتك الماء وتعتبرك خطية)، وكذلك في بيت الختام الذي يدعو للتفاؤل (لو يطول الليل يا عمّار لا تيأس نهارك/ غيبة الشمس بزمانك لا تحسبها سرمدية).

فيما قال د. غسان الحسن إن الساحة مفتوحة أمام الشعراء لاختيار موضوعات يتفاعلون معها، واستلال لحظات وأحداث منها ليبنوا قصائدهم عليهم، وهو ما فعله متعب. ثم أشار إلى البيت الأول الذي أعجبه، فهو ينبئ المتلقي عن المأساة التي تحدث عنها الشاعر في الأبيات التي تلته وجاء فيها بصور جميلة ممتدة، كما أعجبه البيت (وجهتك يا عمار ما هي باختيارك/ تلتجي بالنار من رمضاك والمأمول فية)، والذي اعتبره نموذجاً لتوظيف الكلمات المعروفة بطريقة متميزة، والبيت (تسأل الأوطان بقعة فوقها ينبت خضارك/ ولو بيدها ما سقتك الماء وتعتبرك خطية)، وكذلك البيت الأخير الذي هو كناية عن انتهاء الليل (لو يطول الليل يا عمّأر لا تيأس نهارك/ غيبة الشمس بزمانك لا تحسبها سرمدية). وختم بالتركيز على ضرورة التزام الشاعر بحركة الرويفي القوافي.

الأسلمي يلقي «القصيدة»

تحت عنوان “القصيدة” ألقى الشاعر نجم بن جزاع الأسلمي قصيدته التي حازت على إعجاب أعضاء لجنة التحكيم الذين منحوه درجة عالية، نظراً لفرادة نصه من حيت البناء والأسلوب والصور وغير ذلك مما وردة في “القصيدة” والتي جاء في أبياتها الأولى:

بقت حرّتك في صحصح البال متبوعة
عليها طواريق المغنين صدّاحه
من أفراح ولا حزن للبوح مدفوعه
أو الهم جاهد غيهب الصمت واجتاحه
بعمر الزهور وفي ثرى الملح مزروعه
وقطفت الفكر من واحة الشعر تفاحه
بروحك ملامح ذات راعيك مطبوعة
وعلى الوجه هذي نبرة الصدق فضّاحه
صدى ونّتك بآفاق الأرواح مسموعة
من أقصى الظلام لشاسع النور منزاحه

الناقد حمد السعيد قال إن نجم شاعر استثنائي مبدع وجزل، بما قدم من أبيات رائعة في التركيب، وعميقة في الصورة الشعرية، فكل بيت إنما هو صورة متكاملة. وقد أعطى الشاعر مسببات القصيدة وحالتها، والصراع بينه وبين القصيدة.

وأشار إلى أن كل شاعر متمرس يدرك تماماً ما جاء به نجم، هو الذي جاء بأبيات في غاية الجمال من حيث التصوير الشعري والوصف الحقيقي للقصيدة، ومن بينها (من أفراح ولا حزن للبوح مدفوعه/ أو الهم جاهد غيهب الصمت واجتاحه)، و(بعمر الزهور وفي ثرى الملح مزروعه/ وقطفت الفكر من واحة الشعر تفاحه)، وكذلك (بروحك ملامح ذات راعيك مطبوعة/ وعلى الوجه هذي نبرة الصدق فضّاحه)، بالإضافة إلى البيت (وقف قبل لا ياصل شفا شرهة ربوعه/ بردّه حياه وجامح الغيض يجتاحه)، واكتفى الناقد مختتماً بالقول: أعجز عن ذكر الجمال الموجود في النص.

د. غسان الحسن اعتبر الأسلمي نجم الأمسية، كونه قدم قصيدة جميلة تستحق الإطراء. فالشاعر كتب في أدق أوصاف القصيدة كموضوع، كما أحسن حين أنسن القصيدة وخاطبها. والنظر إلى أي بيت – كما قال د. الحسن – يدل على شاعرية الشاعر، ومن بين الأبيات التي أشار إليها الناقد (بروحك ملامح ذات راعيك مطبوعة/ وعلى الوجه هذي نبرة الصدق فضّاحه) الذي جاء بوصف جميل وبالصدقٍ الفني (عصية ولكنك تطيحين مرفوعه/ تذرين وقلوب الرجاجيل لمّاحه)، وهو بيت يتضمن مقابلة، وأكثر من طباق ومحسن بديعي، كما في البيت توظيف للمحسنات البديعة التي بنت المعنى، والذي تباين في الشطر الأول مع المقابلة التي وردت في الشطر الثاني، كما لعبت العفوية دوراً ووظيفةً في أداء المعنى، وقد أعجب د. الحسن التسلسل البنائي للقصيدة، والتي جاءت متوالية، بيتاً إثر بيت، فلا فجوات بين المعاني والصور.

وفي تعليق الناقد العميمي قال إن نجم قدم نصاً عالياً، ولعل ذاك النص هو أجمل نصوصه منذ انطلاق الموسم. فاستطاع وصف الصراع بين الشاعر وقصيدته، وهو أسلوب لجأ إليه بعض الشعراء قديماً. وأضاف الناقد أن الشاعر الحقيقي يعيش هذا الصراع من ناحية الصورة والوصف الشعري، ولولا أن نجم شاعراً حقيقياً لما نمكّن من وصف التجربة بصدق، فجمع الصور من مختلف الأشتات والتناقضات، مما يدل على موهبة نجم الذي تميز بأسلوبه في التساؤل والتعجب والتأكيد، مما أثر إيجاباً في بناء نصه الرائع.

الشعراء يكتبون على «الجدولي»

في التحدي الثاني قال سلطان العميمي إن الشعراء يجب أن يكتبوا على زون الجدولي الذي يعادل في الشعر الفصيح بحر المتقارب (فعولن فعولن فعولن فعولن)، أو (فعولن فعولن فعولن فعول)، ومن بين الشعراء الذين كتبوا عليه فيما مضى محمد الكوس، وجمعية الرميثي، كما كتب الماجدي بن ظاهر وحسب الموضوعات التي اختاروها بالقرعة. مشيراً إلى أن الوزن لا أحد من كتب عليه إلا القلة، ولهذا فإن “شاعر المليون” يعمد إلى تذكير الشعراء به باعتباره أحد الأوزان الجميلة والعريقة والأصيلة، والتي لا بد من إحيائها، ولا بد أن يبني عليها الشعراء أبياتهم.

وبعد إلقاء الشعراء أبياتهم التي تناولوا فيها الأغراض المطلوبة منهم حسب القرعة ومن بينها الصدق والنبل والوفاء وغير ذلك؛ أكد أعضاء لجنة التحكيم أن النصوص جاءت بعدة أساليب، فمن الشعراء من أهمل القافية الأولى والتزم بالقافية الثانية، ومنهم من ذهب إلى تقليد الماجدي بن ظاهر بما في الأبيات من سجع وتقسيم رباعي، حيث لكل قسم قافية أو سجعة، وهو ما يسمى بالترصيع، وقد أبدع الشعراء فيما كتبوا.

وبعد منح اللجنة النسب للشعراء اختتمت الحلقة التي سيتم استكمال الجزء الثاني منها في الأسبوع المقبل، حيث سيستمرون في التنافس إلى أن يتم الإعلان في ختامها عن الفائز بالبيرق.

أخبار ذات صلة

Back to top button