- أهم الأخباراخترنا لكنون والقلم

بسام عبد السميع يكتب: سدود النيل واقع جديد للصهيونية

إذا أردتم الأمان فلابد من إزالتي من كل مكان.. عبارةٌ أبصرتُها ُمدونةً على سدود النيل في إفريقيا فذهبتُ إلى إثيوبيا فسمعتُ صوتاً يتردد بين جنبات السد: سترحلون يا من تفتخرون بأنه ليس في الإمكان أبدع مما كان !!.. سترحلون يا من اعتبرتم السكون معيار الأمان فأفسحتم الطريق لأهدافي ومنحتموني القضاء على أعدائي وأنتم فقط أعدائي.

وارتديتُ قفازاً لأمسك سد الجائحة، الذي ارتسمت عليه جدارية الموت، فنظرت الجدارية محدقة قائلة: أنا الصهيونية بنت الأفاعي وسأسرد لكَ إشارات من صراعي.

فقلتُ: مهلاً أتقولين الحقيقة وأنتِ عباءة الملاعين القاتلين وقبلة الخاسرين في كل وقت وحين.. فقالتْ: أنا لا أكذب ولكني أعشق الكاذبين، فالعربي في ثقافتي مخادع كاذب.. وسأبدأ من سدود المياه في إفريقيا فهي الهدف المقصود للواقع الموعود وبقاء مصر هو الخطر الدائم لأن أولادها مخلصون وطنيون وعندما يتعافون فهم عن الحق لا يرجعون وبكل قوة يضربون وينتصرون.

أكواب النيل

وتناولتْ الصهيونية كوباً من مياه النيل -مكتوباً عليه تمت التعبئة في سد إثيوبيا– قائلةً: سأرتوي من النيل علانية في الغد القريب.. فاليوم أحمله في براميل لكن مجرى النيل سيصلني في تل أبيب وكلها مجرد سنوات معدودات، فتملكني الغضب وقررت إلغاء اللقاء، فطلبت مني الانتظار وحذرتني من التفاؤل حيال القادم، فالجاليات اليهودية المنتشرة في العالم تسيطر على المال والإعلام وتوفر لأجهزة المخابرات الصهيونية العمل والحركة والتمويل بدرجة لا تتوافر لأية دولة في العالم، كما أن الموساد يستطيع استخراج جوازات سفر جميع دول العالم.

فقلتُ لها إنكِ تخدعيني وتستهدفين هزيمة عقلي عبر أوهام القدرة الفائقة.. فقالتْ نعم .. فقلتُ لها: إن كورونا أثبتت أن العالم كله خداع وأنه يمكن النصر عليكم وعلى داعميكم، وذلك بصدق التوكل على الله وحسن الاستعداد .. فقالتْ هذا صحيح -لكن لمن يريد- وهو ما لا أراه واقعاً فغالبيتكم ارتضى السكوت !!.

فقلت لها بثقة ويقين: ستظل عندنا جمرة الإرادة وسنتمسك بحلم الواقع وسنحقق الانتصار لأن النيل لا يمكن لأي أحد في العالم أن يمنعه عن المصريين، ففي منعه موتهم وإذا استسلم المصريون للموت فلا يستحقون نهر الحياة -النيل هبة الله لهم- ولن يستسلم المصريون وسيبقى النيل لهم ما بقيت فيهم حياة.

سدود القتل

وانطلقتْ الصهيونية تقولُ: أنا في إفريقيا منذ عقود، وأعددتُ العدةَ لسدود القتل المبين، فقد منحتني الأم أمريكا مهمة تقديم وتسليم المعونات وتحديد المستحقين في دول حوض النيل، فتحققت لي قوة الوجود واستطعت العمل على بناء عشرات السدود لحجز مياه النيل، ومع تشغيل هذه السدود سأحدد كميات المياه الواردة إلى مصر عبر النيلين الأزرق والأبيض.

وتعد أثيوبيا البقعة الذهبية للتعمق الصهيوني في إفريقيا وتطويق المنطقة العربية والسيطرة على منابع النيل بالدرجة الأولى في إثيوبيا والتي تشكل التدفقات المائية الواردة منها إلى مصر من 80 إلى 85 % من إجمالي مياه نهر النيل.

وسجل العقد الماضي سجل مزيداً من تدفق الأثيوبيين إلى الأراضي العربية المحتلة، ليصل إجمالي الأثيوبيين في إسرائيل إلى 140 ألف نسمة.

ومنحت إثيوبيا الصهيونية تسهيلات عسكرية واستخباراتية بموجب اتفاقية عام 1998 تسهيلات عسكرية واستخباراتية في الأراضي الإثيوبية، وتم تأكيدها في اتفاق إستراتيجي نهاية عام 1999.

وتقع كثير من السدود القائمة والقادمة ضمن ملكية شركات زراعية واستثمارية تابعة للكيان الصهيوني والبالغ مساحتها 400 ألف فدان داخل إثيوبيا، وأوفدت الصهيونية مطلع ستينات القرن الماضي أعداداً كبيرة من  الخبراء العسكريين، لتدريب المظليين الإثيوبيين، لمساعدة  أديس أبابا على مواجهة جبهة التحرير الإريترية، ومنذ عام 1966 أصبح للصهيونية وفد عسكري يتواجد بشكل دائم في إثيوبيا، وهو الأكبر بعد الوفد العسكري الأمريكي، وكلاهما واحد.

زمن السكون

وارتسمت في ملامح الصهيونية علامات التعجب ممزوجة بالغرور قائلة: لقد اتخذتم كل الإجراءات للوقاية من كورونا، لكنم معي رفعتم الاحترازات بسرعة مذهلة – رغم أني العدو الحقيقي والدائم-، وارتديتم عباءات السلام والمحبة والإخاء وسياسة الأمر الواقع، وقلتم لشعوبكم «دعونا نعيش في زمن السكون»، وذهبتم باختياركم إلى مسار الموت التدريجي عبر وَهْم ِالتفاوض فأضعتم فلسطين وخدعتم أنفسكم بنصر السلام الحكيم فكان الطريق إلى منابع النيل والفرات.

وأضافت سأخبرك بشيء صغير : إن استمرار علاقة العرب معي يحميني والتراجع عنها يخيفني ويفتح الباب لنور اليقين بأني العدو الأول والدائم لكم، مشيرة إلى لوحة مكتوبٌ عليها «المفاوضات والتعاون الاستراتيجي أحد محاور السقوط العربي والنصر الصهيوني» ..  فقلت لها كفى اذهبي فليست هنا أرضكِ ولا مَكانكِ .. فقالت : كان هذا زمان، وأما الآن فأنا أمنح الأمان وأنزعه ممن كان بعد أن رضيتم بالهوان.

قلتُ لها أسرعي فقد شارف الوقت على الانتهاء.. فقالت: لا تتعجل سأسرد عليك لمحات تعيد الذكريات وتكشف القدرات وأحذرك من الخروج عن المسار لأنه لم يعد لديكم اختيار ولا تملكون القرار.

نقطة البداية

وانطلقت بغرور متسائلة ومجيبة في آن واحد.. أتتذكرون العراق؟، فالبداية لتحقيق الحلم كانت من الفرات، حيث حطمنا العراق بعد أن كان في مصاف القوة وقتل عملائي مفكريكم وعلمائكم في كل مكان ودمرتْ طائراتي المفاعل العراقي وأحرقت وحداتي «تموز 1» و«تموز 2»  قبل التحرك من باريس إلى بغداد.

واستمرت قائلة: سأوضح لك الصورة، فأنا من صنعتُ الأكذوبة عبر وكالاتي الإعلامية وعملائي في الدوائر السياسية والدبلوماسية، فكان الحصار والحديث عن الصواريخ وعمليات الانشطار، وكان لابد من الوصول إلى مخبأ الأسرار وترددت أميركا في تنفيذ القرار رغم سهولة الخداع.

وأوضحت أنها أرسلت وفوداً من بلدان عديدة إلى العراق بدعاوى الدعم والصمود ومواجهة الحصار «الصهيو أميركي» ولجان التفتيش ومعهم العملاء بأجهزة رصد لكل المناطق المقصودة للدمار فتم الاطلاع وتحديد المسار.. لتستكمل تركيا منذ العقد الماضي مشروع الدمار فهي الشريك لتحقيق «من النيل إلى الفرات».

وتابعت الصهيونية حديثها المفجع قائلة: لم تكن مفاجأة أن قدم الكثيرون منكم خدمات جليلة ومنهم متطوعون – رغبوا فقط أن يكونوا في المستقبل من الناجين من الدمار- فأي عار وأي دمار تفعلونه بأنفسكم؟! فلقد تمددتُ وانتصرتُ عليكم عندما وليتم الصغارَ أموركم وصار تعيين الفشلة في المناصب هو الاختيار.

فقاطعتها كفي حديثاً عن هذا الدمار فقد لحق العار بالإعلام الذي ردد عبر كافة وسائله اعتباراً من الخميس 20 مارس 2003  عنوان: «حرب تحرير العراق»، وذلك في فضيحة مدوية عبر التاريخ مدشنة عصر التدليس الإعلامي ومرددة أن اغتيال الأطفال والنساء والشباب في فلسطين هو عملية مقاومة للإرهابيين الفلسطينيين وتحول الضحية إلى قاتل والمجرم إلى صديق !!.. إنها قصة الإعلام الجديد الذي تم تأهيل كوادره في أمريكا ومهد الواقع العربي لصناعة الفوضى الخلاقة عبر تغييرات للذهنية العربية والمفاهيم والثوابت العربية.

وقلت لها أيتها الصهيونية، أعرف أن بقاء كيانك يعتمد بالمقام الأول على كفاءة عمليات الموساد الإجرامية، والذي يتكون من 9 دوائر، وتقع إفريقيا والشرق الأوسط في الدائرة الثانية والثالثة والمختصتان بتجميع المعلومات السرية والمهمة عبر شعبة السيطرة والمراقبة الإقليمية والعلاقات التبعية والودية والتنسيق والتعاون وإقامة العلاقات مع مخابرات الدول الأجنبية.

كما يتلقى عناصر الموساد علوماً في جميع الاختصاصات لمدة عامين عبر مراكز في تل أبيب والقدس، إضافة إلى التدريب علي استخدام الوسائل والتجهيزات المتطورة لإنجاز مهمة الاستخبارات والاطلاع على تجارب المخابرات الأجنبية، مع إلزام جميع الضباط العاملين في الجهاز بإتقان اللغة العربية.

كما يوجد في الكيان الصهيوني المحتل للأراضي العربية كلية خاصة لتدريس الأمن عبر تحليل المعطيات ويقوم رؤساء الأقسام في هذه الكلية بتقمص شخصيات المسؤولين العرب ورود أفعالهم حيال القرارات والأحداث المقرر اتخاذها.

واستمد الموساد هذا القسم من معهد متخصص في المخابرات الأمريكية يقوم العاملين فيه بتقمص شخصيات كل رؤساء دول العالم بنظام المحاكاة، ويتوفر للمتقمص عبر أجهزة المخابرات الاطلاع بصورة شاملة عن كافة المعلومات المتعلقة بالدولة التي يمثلها وطبيعة شخصية الرئيس وأمراضه وهواياته ونقاط ضعفه وذلك في فيلم هوليودي واقعي يومي ضمن لعبة الاستخبارات، ومع ذلك ستنتهي آجلاً أم عاجلاً فهي سنة الله في الكون وستذهب أمريكا وستتوارى مهما ظن الواهمون أنها مستمرة وأنها تقرر كل شيء.

وانتفضت الصهيونية معلنة انتهاء المقابلة بقولها: إن معرفة ما نفعله هو وسيلة لغايتكم بالقضاء علينا – لكننا نجحنا في تحويل الوسيلة عندكم إلى غاية وصار المعتاد لديكم هو الإنجاز وأصبحت قضيتكم ماذا تقولون وليس ما ستفعلون .. فقلتُ في نفسي صدقت الكاذبة!!.. فبعدَ أن كنا لمياه النيل مَالِكين سنصيرُ مُستأجرين لنكرر حكاية فلسطين!!.. فعندما تسابقنا إلى الداء أحرقنا الدواء وأصبح الانكسارُ رفعةً والهوانُ نصراً!!، وهذه هي حكايتنا منذ «نكبة 48»، فقد اعترفنا للقاتلين بالعيش في منطقتنا مُجرمين فصاروا لمنابع النيل والفرات مسيطرين ولواقع جديد مدشنين !!.

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى