ستةُ أيامٍ تَفصِلُنَا عن ساعةِ الصفرِ في العدوان على مياه النيل عبر بدء ملء السدِ في أثيوبيا، معلنةً اقترابَ لحظةِ الحسم،
ومع استمرار أثيوبيا في اللعب بالنار بفرض سياسة الأمر الواقع، فستكون مصر أمام خيارين، فإما أن تموتَ عطشاً وإما أن تفرضَ واقعاً جديداً -لا رجعةَ فيه ولا تفاوضَ بعده-، واقعٌ ينسف كلَ أوراقِ المؤامرة الدولية لإسقاط مصر، سواء عبر سدِ الخراب أو من خلال الجماعاتِ الإرهابية المأجورة في سيناء أو التهديدات المتجددة في ليبيا والبحر المتوسط عبر الأردوغاني، الوكيل الحالي لتنفيذ هذه المخططات.
وكما كان 30 يونيو بداية تصحيح المسار في مصر القرن الحادي والعشرين، فإن قضية السد ستكون امتداداً وتأكيداً لهذا التصحيح، فمصرُ بعد السد لن تكونَ أبداً مصرُ قبلَ السد !!، حيث استنفذت كافة الوسائل السلمية والوساطات الدولية روسيا وأميركا وغيرها، وأحالت ملف السد إلى مجلس الأمن، والجامعة العربية.
ومن المتوقع أن تشهد الشهور القادمة تغيرات كبرى في تركيبة النظام العالمي، نتيجة الحرب المتوقعة في أفريقيا والشرق الأوسط، وما سيتبعها من تحالفات، فمصر هي رهان المتآمرين لإسقاطها، وأيضاً الداعمين لعودتها لقيادة المنطقة والحفاظ عليها – وبعون الله سينتصر الجيش المصري في معركة الوجود المصيري- فما أحدثتهُ مصر من نهضة وتطور على مختلف الأصعدة خلال السنوات الماضية، أثار المتآمرين ودفعهم إلى سرعة تنفيذ مخطط إسقاط مصر وإجهاض إنجازاتها.
وتفترض مصر في تعاملها مع الآخرين، حسن النوايا -رغم علمها بما يحاك لها- والشرفاء لا يُعاقبون على النوايا، وإنما على الأفعال، والشرفُ لا يقتصر فقط على عدم العدوان – فكثيراً ما يتوقف البعضُ عن العدوان لضعفِهم وليس لمبادئهم- وإنما الشرف يشترط منع العدوان ورفضه، والقويُ لا يعتدي ولا يسمح لأحد، أن يعتدي عليه أو على الآخرين، وهذه هي مصر، التي لم تعرف على مدار تَارِيخِها إلا الشرف.
ويؤكد دائماً الرئيس عبد الفتاح السيسي على أخلاق مصر وقدراتها قائلاً :” ندير سياسة شريفة في زمن عز فيه الشرف.. ومصر لا تتآمر ولن تتآمر.. ولها وجه واحد، ولن تكون ذيلاً لأحد.. ويُخطئ من يظن أن صبرها تردد أو ضعف.. ومياهُ النيل مسألةُ حياة أو موت”.
وتدلل عملية اختيار موقع بناء السد بالقرب من السودان وعلى مسافة 900 كيلو متر من العاصمة أديس أبابا، أن احتياج أثيوبيا للتنمية والكهرباء، حقٌ يرادُ به باطل، فهناك الكثيرُ من الأماكن التي يمكن فيها إقامة السدود وتوفير الكهرباء بالاقتراب من مناطق الاحتياج دون المساس بمياه النيل القادمة إلى مصر.
ويعكف الجميع حالياً على قراءة سيناريوهات الأيام الباقية للسد في غياب تام -ظاهرياً- من أميركا وروسيا والصين، وتواجد تام -فعلياً- على الأرض، عبر الأجهزة والمعدات والرسائل والتنصت وتقديم المشورة لتحقيق الهدف المقصود بالإضرار بمصر.
وكما سطت كورونا على كافة الأخبار، وصار يعرفها القاصي والداني، وأتوقع أن تتصدر كلمة “حرب السد”، المرحلة المقبلة، بصورة سريعة وعلنية ومباشرة، وكما غيرتْ كورونا الأحوال، وأسقطتْ بالتجربة الفعلية كلَ الأكاذيب الدولية وادعاءات القوة الخارقة، ستغير أزمةُ السد أوضاع المنطقة.
ويرى البعضُ أن الحديثَ عن الحرب يشكل ُنوعاً من التحفيزِ لها والحضِ عليها- وقد جانبهم الصواب – لأن قرارات الحرب ليست عاطفة جماهيرية، ومصر تواجه حروباً معلنة وخفية منذ فجر التاريخ بأشكال وألوان مختلفة، ما يتعينُ عليها أن تكونَ دائماً على أهبة الاستعداد لدرءِ أي عدوان.
وتحضرني كلمة المشير أبو غزالة، رحمة الله عليه، حينما أكد أن أمن مصر القومي مُهددٌ من كل اتجاه، وأن الضعف دعوة للعدوان، وأن القوة يجب أن تكون رادعة لمنع العدوان على مصر وحماية وصون مقدساتِ الشعب وسلامة أراضيه.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية