نون والقلم

الهجرة الطوعية و اللجوء القسري

تقول إحصائيات الأمم المتحدة إن [bctt tweet=”عدد اللاجئين الذين شردتهم الصراعات وصل تقريبا إلى خمسة وستين مليون لاجئ” via=”no”]، ونصف هذا الرقم من دول إسلامية، وتحديدا سوريا وأفغانستان والصومال.

الرقم على ما يبدو غير دقيق، تماما، إذ أن عدد اللاجئين يفوق هذا الرقم بكثير، لكنه رقم يعتمد على سجلات مفوضية اللاجئين، ولا يأخذ في حسابه أن هناك عشرات الملايين من هذه المنطقة، تشردوا ولم يتم تسجيلهم في سجلات الأمم المتحدة، إضافة لسجلات الدول التي دخلوها.

لدينا ملايين اللاجئين الذين دخلوا أو لا، لأسباب اقتصادية أو سياسية، أو جراء صراعات، أو انتهاكات فردية لحقوق الإنسان، وكل هؤلاء تدفقوا إلى أوروبا وأميركا بتأشيرات سياحة أو زيارة، ولم يعودوا إلى بلادهم، ويقيمون بشكل غير شرعي في تلك الدول، من الفلسطينيين والعراقيين والسوريين واليمنيين وغيرهم من دول أخرى، وهؤلاء لا تحسبهم الأمم المتحدة، برغم أنهم يعدوا فعليا لاجئين، لكن بسبب ظروف إقامتهم الملتبسة، باتوا خارج التعداد أساسا، وهناك عرب ومسلمون، يعيشون في دول هربا من قمع أجهزة أمنية أو جراء اضطهادات، منذ عشرين عاما، ومازالوا حتى اليوم بلا اقامات رسمية، ولم يتم حصرهم أساسا.

يضاف إلى ما سبق، تلك الملايين التي تم تهجيرها، داخل الدول ذاتها، وبرغم أن الحرب السورية، مثلا، كشفت عن لجوء أربعة ملايين سوري، وانتقالهم من مناطق إلى مناطق أخرى في سوريا، إلا أننا بشكل عام، أمام إفلاس في التدقيق بشأن الأرقام، فلا احد يعرف حصرا، عدد اللاجئين العرب والمسلمين، داخل دولهم، الذين يتركون مدنهم أو مناطقهم ويهربون إلى مناطق أخرى.

في قضية اللجوء سواء داخل الدول أو إلى خارجها، فأن الغالبية العظمى من اللاجئين هم من العرب والمسلمين، وربما مجموع الأرقام التي تم تهجيرها آخر خمسين عاما، تتجاوز رقم الأمم المتحدة بكثير، والأغلب أن الأمم المتحدة تستثني من أرقامها، كل من استقر أو حصل على جنسية أجنبية، أو من توارى بعيدا عن الرصد والإحصائيات.

ما هو مثير هنا، أن هذه الأرقام في المحصلة، التي تتجاوز أرقام الأمم المتحدة، تعد في مجملها وصمة عار على جبين هذه المنطقة، فهي الأكثر ثراء، وشعوبها الأكثر تشردا،وهذه مفارقة، ونحن أمام مشهد في غاية الغرابة، فلا استطاعت هذه المنطقة التركيز على تنمية شعوبها، ولا قامت أنظمة حكم شفافة تؤمن بالحقوق والواجبات، ولا سادت عدالة، بل إن التسلط والفساد، ولدا لاحقا، صراعات، وحروبا، تحت شعارات مختلفة،سياسية ودينية وقومية ومذهبية، أدت إلى تدمير بنية المنطقة، وتحويلها إلى منطقة طاردة للحياة.

للأمم المتحدة معاييرها، في تحديد اللاجئ، لكننا لو أردنا أن نتحدث بمنطق آخر، فكل من هجر المنطقة العربية والإسلامية، لأسباب سياسية أو أمنية أو اقتصادية، أو جراء الحروب والصراعات، يمكن فعليا اعتباره لاجئا، بشكل أو آخر، بما في ذلك أولئك الذين هاجروا طوعا، وهنا، يصير الخط الفاصل بين الهجرة الطوعية، واللجوء القسري،من عدم، لان النتيجة واحدة، فالمنطقة باتت طاردة وغير قابلة للحياة.

 

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى