اخترنا لكسيارات وتكنولوجيا

المنصات المشفرة وميزات إخفاء الهوية أصبحت عوامل رئيسية تُسهم في انتشار الشائعات

في ظل التحولات الكبرى التي فرضتها التكنولوجيا الرقمية، أصبحت الشائعات أحد أخطر الأدوات التي تُستخدم بشكل متزايد لتشكيل وعي جماهيري زائف، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بالقضايا ذات الأبعاد الوطنية.

 

مع الانتشار الواسع والسريع لوسائل التواصل الاجتماعي، باتت الشائعات تنتقل بسرعة كبيرة، مما يجعل السيطرة عليها أو تصحيح الأضرار الناتجة عنها تحديًا كبيرًا. هذا يثير تساؤلات بالغة الأهمية: ما التأثيرات المترتبة على هذه الشائعات؟ وكيف يمكن مواجهتها بفاعلية؟

 

الدكتور محمد محسن رمضان، مستشار الأمن السيبراني ومكافحة الجرائم الإلكترونية، أوضح في حديثه مع “العربية.نت” و”الحدث.نت” أن الشائعات الرقمية تلعب دورًا رئيسيًا في تشويه الحقائق وتوجيه الرأي العام بطرق متنوعة. وأبرز الآليات التي تستخدمها تتضمن تقديم معلومات مضللة في قوالب تبدو واقعية، وإثارة القلق والخوف عبر استغلال الأزمات الاقتصادية والأمنية لنشر أجواء من الذعر والفوضى.

 

وأشار الخبير إلى أن الهدف الأساسي للشائعات الرقمية يكمن في إضعاف الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة، وذلك من خلال الترويج لروايات عن فساد أو فشل المسؤولين. كما لفت إلى أن هذه الشائعات تُستخدم كأسلوب لتعميق الانقسامات المجتمعية عبر محتوى يستهدف إذكاء التفرقة السياسية أو الطائفية. وأضاف أن التلاعب بالرأي العام بهدف توجيهه نحو مواقف بعيدة عن المصلحة العامة هو أحد أخطر تداعيات هذه الظاهرة.

 

الدكتور رمضان أكد كذلك أن الجماعات الإرهابية والجهات المعادية تعتمد على تقنيات متطورة لنشر هذه الشائعات وتعزيز انتشارها. وتشمل هذه التقنيات شبكات وهمية وحسابات مزيفة لإخفاء الهوية، بالإضافة إلى استخدام الذكاء الاصطناعي والروبوتات لنشر المحتوى المضلل على نطاق واسع. كما تستخدم تلك الجماعات تقنيات “التزييف العميق” لفبركة الوسائط الرقمية، إلى جانب منصات مشفرة مثل تلغرام وسيجنال لتجنب الرقابة، مع استغلال خوارزميات منصات التواصل الاجتماعي عبر عناوين جذابة تُشجع على زيادة التفاعل.

 

وفيما يتعلق بمواجهة هذه التحديات، أوضح الخبير أن الحل يكمن في تبني استراتيجيات متقدمة. من أبرزها تحليل البيانات الضخمة لتحديد الأنماط المشبوهة في نشر الشائعات، واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي للكشف عن الأخبار المزيفة وتقييم مصداقية المحتوى، بالإضافة إلى تتبع البيانات الوصفية لتحديد التلاعب بالصور والفيديوهات. كما شدد على ضرورة تعزيز الوعي الرقمي لدى الجمهور من خلال حملات توعوية تُسلط الضوء على أساليب التحقق من الأخبار والمعلومات.

 

واختتم الدكتور دعوته بالتأكيد على أهمية التعاون بين الحكومات وشركات التكنولوجيا لتحسين خوارزميات رصد المحتوى المضلل. إذ إن الشائعات الرقمية لم تعد مجرد ظاهرة عابرة، بل تشكل تهديدًا حقيقيًا للأمن القومي والاستقرار الاجتماعي. ولذا فإن التصدي لها يحتاج إلى حلول ذكية ومبادرات توعوية مكثفة تسهم في الحد من تأثيرها السلبي، لحماية المجتمعات من مخاطرها المتزايدة في عصر التطور التكنولوجي السريع.

المصدر
العربية نت
زر الذهاب إلى الأعلى