- أهم الأخباراخترنا لكاقتصاد وبنوك

العجمي: صراع الحكم أنهك إقتصاد الربيع المصري

شهدت مصر منذ نهاية فترة حكم الرئيس المصري السابق حسني مبارك، وحتى تولي الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي خمس حقب رئاسية، أحداثها سريعة ومتلاحقة على كافة النواحي أثرت تأثيراً مباشراً في حياة المصريين.

تنحى « مبارك» عن الحكم بعد احتجاجات ملأت الشوارع استمرت 18 يومًا، من بدء ثورة 25 يناير 2011، لتبدأ مرحلة مضطربة من الحكم بدأت بمرحلة انتقالية قادها المجلس الأعلى للقوات المسلحة، تلاها انتخابات وتولى الدكتور محمد مرسي «المعزول» الذي يمثل جماعة الإخوان المسلمين رئاسة مصر، ثم قامت ثورة 30 يونيو 2013، وشهدت البلاد مرحلة انتقالية ثانية، حيث تولى إدارة شؤون البلاد رئيس المحكمة الدستورية المستشار عدلي منصور، فانتخابات رئاسية أخرى فاز بها الرئيس عبد الفتاح السيسي والذي خاض الانتخابات بعد أن قدم استقالته بوصفه وزيرًا للدفاع في خطاب رسمي للأمة بالتليفزيون المصري.

وقد كان المشهد حافلًا بالتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والعنف، والانفلات الأمني والأخلاقي عقب الثورة، وسبقه مشهد من الاحتقان السياسي، والمعاناة الاقتصادية من ارتفاع تكاليف المعيشة، وارتفاع أسعار السلع الأساسية، والمعاناة في طوابير الخبز، وتضخم الفساد.

وشهد مصر قبل ثورة يناير 2011 عدم الشفافية في الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وتخلل الفساد في جميع الهيئات الحكومية، وفرض حالة الطوارئ ووضع 34 مادة في الدستور 2007 لتزيد من سيطرة النظام الحاكم، وإلغاء الإشراف القضائي على الانتخابات البرلمانية، وارتفاع معدلات الفقر، والإحباط العام.

 وتزايدت معاناة أصحاب الدخول المنخفضة من تحقيق احتياجاتهم المعيشية، وظهر ما يعرف بالصراعات على المعيشة وعدم الشعور بالأمان الاقتصادي وحالة من السخط العام نتيجة لقضية توريث الحكم، في الوقت الذي كان يعلن فيه عن تحقيق معدلات نمو اقتصادية قوية، كان الشعب لا يشعر بهذه المؤشرات، وزاد من الوضع سوء بعد ثورة 25 يناير 2011 حيث انهار الاحتياطي النقدي الأجنبي، وتوقفت السياحة والاستثمارات الأجنبية، ومعها تعرض الجنيه للإنهيار، ثم التعويم ليفقد المصريين نصف ثرواتهم بعد القرار، وحدث ارتفاع كبير في الاسعار بعد التعويم وتخفيض الدعم عن الطاقة.

جاء ذلك في الوقت الذي كان يتوقع من الصحافة الاقتصادية أن تلعب دورًا حيويًا في الاقتصاد، وتسهم بدور كبير في التنمية، ونشر الوعي بالقضايا الاقتصادية، من خلال استخدام أساليب العمل الصحفي المختلفة وفنونه، فالوعي الاقتصادي ركيزة مهمة لنجاح العملية الاقتصادية، والتنمية المستدامة، وحث المواطنين على المشاركة في خطط الدولة التنموية.

وتشهد الصحافة الاقتصادية في مصر اهتمامًا كبيرًا، وسواء من حيث زيادة المساحات المخصصة للشأن الاقتصادي بالصحف العامة، أو من خلال صدور صحف متخصصة في الشأن الاقتصادي، ويعول عليها في أنها قادرة على إنقاذ الصحافة الورقية لعلاقتها المباشرة بالمؤسسات المالية والاقتصادية التي تقوم بالإعلان في الصحف.

هذه الأوضاع السريعة والمتلاحقة ناقشتها دراسة رسالة دكتوراه هامة تستند على الحقائق والأرقام وتُعد مرجعاً علمياً موثقاً عن حقبة مهمة أثرت سلباً وإيجاباً في الأحوال المعيشية للمصريين.

الباحث يتوسط لجنة المناقشة

الدراسة اعدها الكاتب الصحفي الزميل محمد عادل العجمي نائب القسم الاقتصادي بصحيفة الوفد، تحت عنوان  أطر معالجة القضايا الاقتصادية في الصحف المصرية دراسة تحليلية خلال الفترة من 2010 الي 2015، ونال عنها درجة الدكتوراة في الآداب، إعلام، بمرتبة الشرف الأولي.

رصدت الدراسة أطر معالجة القضايا الاقتصادية وتحليلها وتفسيرها. وبينت الأطر الإعلامية المستخدمة في تحليل قضايا الاقتصاد المصري وتفسيرها، والأطر المرجعية التي وظفتها عينة الصحف والقوى الفاعلة التي أبرزتها، ومسارات البرهنة، ومدى انعكاس التغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي مر بها المجتمع المصري على أطر معالجة القضايا الاقتصادية.

وتناولت رسالة الدكتوراة دراسة تحليلية خلال الفترة من 2010 الي 2015 عشرة قضايا اقتصادية هي: الفساد الاقتصادي، وارتفاع الأسعار، ونقص الوقود، وانخفاض قيمة الجنيه المصري، وعجز الموازنة، ونقص السلع التموينية، ونزاعات المستثمرين، والديون، والمساعدات والمنح، ومشروع قناة السويس.

وكشفت الدراسة عن وجود علاقة ارتباط بين نوع الصحيفة والقضايا الاقتصادية، وبين الأطر المستخدمة والصحف، كما أظهرت وجود علاقة ارتباط بين القوى الفاعلة والصحف المصرية.

 وتشير البيانات الإحصائية إلى وجود دالة ارتباط بين القضايا وفترات الحكم، كما توصلت إلى وجود علاقة بين فترات الحكم ونوع الاطار المستخدم. ودالة ارتباط بين النغمة وفترة الحكم.

وتظهر الدراسة عن تعدد العوامل التي تؤثر في تأطير القضايا الاقتصادية، ومن هذه العوامل التوجه السياسي للصحيفة، والدولة، والمتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والأزمات الاقتصادية، ونمط الملكية، والقائم بالاتصال.

فالعوامل الخارجية؛ مثل: الأزمات الاقتصادية والاضطرابات السياسية والاجتماعية التي شهدتها مصر، دفعت إلى انتقاء بعض جوانب القضية الاقتصادية وفقًا للتوجه السياسي للصحيفة فتبرز جوانب، وتغفل جوانب أخرى، باستخدام الأطر والآليات، بهدف التأثير في استجابات الجمهور تجاه القضية.

وجاءت القوى الفاعلة المصرية الرسمية (الحكومة) ثلاثة أضعاف القوى المصرية غير الرسمية. ولعبت الحكومات وتجمعات رجال الأعمال أهم القوى الفاعلة في الخطاب الصحفي الاقتصادي.

وجاء أهم القوى الفاعلة المصرية الرسمية أحمد نظيف وحكومته، في الترتيب الأول على مستوى الصحف، وعلى مستوى كل صحيفة، وخلال فترتي مبارك والعسكري، وجاء خلال فترة مرسي «هشام قنديل وحكومته» وفترة منصور «حازم الببلاوي وحكومته» وفترة السيسي « إبراهيم محلب وحكومته» وجاء تجمعات رجال الأعمال أهم القوى الفاعلة في الخطاب الصحفي الاقتصادي، واتفقت الصحف على ذلك، وخلال فترات الحكم باستثناء فترتي العسكري كانت « عائلة مبارك» ومرسي « المواطنون» بوصفهم قوى فاعلة في المقدمة.

وتوضح الدراسة قيام الصحف المصرية بتأطير القضايا الاقتصادية من خلال ثلاثة أطر رئيسة هي إسناد المسئولية، والفساد، والصراع، واختلفت الصحف المصرية في ترتيب هذه الأطر فتناولت الأهرام القضايا الاقتصادية من خلال أطر المسئولية، والفساد والنتائج، وصحيفة الوفد من خلال أطر الفساد، والمسئولية، والصراع، والشروق من خلال أطر المسئولية والفساد والصراع. وجاء أهم ثلاثة أطر خلال فترة مبارك: «المسئولية والفساد، والصراع» وخلال فترة العسكري: «الفساد، والمسئولية، والصراع» وخلال فترة مرسي: «المسئولية، والأزمة، والفساد» وخلال فترة منصور: «المسئولية، والإنسانية، والصراع»، وفترة السيسي: «المسئولية، والنتائج، والصراع»

وتميل معالجة القضايا الاقتصادية إلى الطابع الخبري، مما يجعلها سطحية لا تقدم الشرح والتفسير للقارئ، كما تفتقر الصحافة الاقتصادية إلى الخبر المصنوع، والذي يجتهد وينفرد به الصحفي الاقتصادي، خاصة تلاحظ تكرار الأخبار نفسها في الصحف الثلاثة، وربما الصياغة والمتن والصورة نفسهم، والاعتماد على البيانات الصحفية التي تخرج من الوزارات أو المؤسسات الاقتصادية والشركات، دون أن يكون هناك تحليل من الصحفي يوضح ما يتضمنه البيان.

وجاءت أهم القضايا الاقتصادية في الصحف المصرية: «الوقود، والفساد، وارتفاع الأسعار» وهو ما يتفق مع أهم القضايا التي جاء بالوفد، واتفقت الصحف الثلاثة على الترتيب الأول والثاني «الوقود والفساد» واختلفت في الترتيب الثالث فجاء بالوفد ارتفاع الأسعار، وبالأهرام نقص السلع التموينية، وبالشروق عجز الموازنة.

واختلفت فترات الحكم في ترتيب أهم ثلاث قضايا فجاء في فترة مبارك: «الوقود، ارتفاع الأسعار، الفساد» والعسكري: «الفساد، والوقود، والديون» ومرسي: «الوقود، والفساد، والديون» ومنصور: «الوقود، والمساعدات، والتموين» والسيسي: «مشروع القناة، والوقود، والجنيه». ويزداد الحديث عن القضايا الاقتصادية في المواسم؛ مثل: قضية الأسعار خلال شهر رمضان، وقيمة الجنيه خلال موسم الحج، وعجز الموازنة خلال عرضها على البرلمان، وعادة تكون النبرة سلبية، مركزة على فشل الحكومة في الوفد، والشروق، في حين تركز الأهرام على الإجراءات الإيجابية التي تتخذها.

وكشفت النتائج عن سلبية نغمة التغطية على مستوى إجمالي الصحف، واتفقت الوفد والشروق على سلبية النغمة، خالفتهم الأهرام حيث جاءت النغمة الإيجابية في المقدمة، كما ظهرت النغمة السلبية للخطاب الصحفي الاقتصادي خلال فترات الحكم باستثناء فترة السيسي حيث جاءت النغمة الإيجابية في المقدمة.

وتعاني الأقاليم الاقتصادية من عدم التوازن، فقد ركز الخطاب الصحفي الاقتصادي على إقليم السويس واتفقت الصحف وفترات الحكم على الأقاليم نفسه، ويتناسب هذا الخلل في التغطيّة الصّحفيّة للأقاليم الاقتصادية، مع الخلل في إسهام كل إقليم في الناتج القومي المصريّ، وهو ما يُعبّر عن عجز الحكومات والأنظمة السياسيّة في خلق تنمية حقيقيّة ومتوازنة في الأقاليم الاقتصادية تُؤدي إلى إسهام حقيقي في الناتج المحلي، وتُحدّ من ظاهرة النزوح من المحافظات إلى العاصمة التي تعجّ بالسكان والعشوائيات.

وكشف تحليل أطر القضايا الاقتصادية عن مدى التحيز وعدم التوازن والانتقاء للمضمون الاقتصادي بما يتوافق مع ما ذهبت إليه نظرية الأطر الإعلامية، حيث مارس الصحفيون من خلال الخطاب الصحفي التحيز والانتقاء وعدم التوازن سوء في اختيار مصادر المعلومات، أو التركيز على جوانب إبرازها وتجاهل جوانب أخرى.

تتشكل لجنة المناقشة من الدكتور محمود علم الدين، استاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة رئيسا ومناقشا، والدكتور نجوي كامل استاذ الصحافة بكلية الاعلام جامعة القاهرة، مشرفا، والدكتور هبة شاهين رئيس قسم علوم الاتصال والإعلام بكلية الآداب جامعة عين شمس مناقشًا، والدكتور دينا فاروق أبوزيد استاذ مساعد بقسم علوم الاتصال والإعلام بكلية الآداب جامعة عين شمس مشرفًا مشاركًا. وشارك في الاشراف الدكتورة سهي عبد الرحمن مدرس الصحافة بقسم علوم الاتصال والإعلام بكلية الآداب جامعة عين شمس.

 

 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى