نون والقلم

السيـد زهره يكتب: الخطر الإيراني .. رؤية بحرينية عربية

توقفت أمس عند بعض الجوانب المهمة في الكلمة التي ألقاها الفريق أول ركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة في اجتماع مجلس وزراء الداخلية العرب في تونس.

يبقى أن أهم ما تطرق إليه الوزير في كلمته في تقديري يتعلق بما قاله عن الخطر الإيراني الذي يهدد الأمة العربية والموقف العربي العام الواجب تجاه هذا الخطر.

لنتوقف أولا عند النقاط التي طرحها الوزير بهذا الشأن، ثم نناقش أهميتها بعد ذلك.

الوزير اعتبر أن التدخلات الخارجية في الشؤون العربية هي أهم الأخطار والتهديدات للأمن العربي. وبالطبع، يأتي الخطر الإيراني على رأس هذه الأخطار.

واعتبر الوزير أن أكبر ما يمثل تجسيدا لهذا الخطر حديث القادة الإيرانيين المتكرر عن حدود إيران الفارسية الكبرى، الأمر الذي يمثل انتهاكا للسيادة واستهتارا بالدول العربية وبالهوية العربية.

وبالإضافة إلى هذا، تلعب إيران دورا رئيسيا في تهديد أمن واستقرار الدول العربية في الواقع العملي بتدخلاتها المباشرة، كما أنها المصدر الرئيسي لدعم المنظمات والجماعات الإرهابية في المنطقة.

الخطر الإيراني على هذا النحو كما تحدث عنه وزير الداخلية يتطلب، كما قال في كلمته، موقفا عربيا وإجراءات عربية واضحة لوقف هذه التدخلات للحفاظ على الهوية العربية، والدفاع عن أمن واستقرار الدول العربية، ووقف الأطماع التوسعية.

ما قاله الوزير على هذا النحو عن الخطر الإيراني يمثل رؤية بحرينية عربية دقيقة لهذا الخطر.

أهمية هذه الرؤية تنبع بداية من أنها تنطوي على توصيف دقيق لطبيعة هذا الخطر كما هو بالفعل.

بداية، حين تحدث الوزير عن أحاديث الإيرانيين عن «حدود إيران الفارسية الكبرى، فهو يشير إلى التصريحات التي لا تتوقف من القادة والمسئولين الإيرانيين، والتي يتحدثون فيها عن الهيمنة على مقدرات دول عربية، ويكشفون فيها بلا مواربة عن حقيقة الأطماع التوسعية للنظام الإيراني.

مؤخرا مثلا، وقد سبق أن كتبت عن هذا، تحدث الرئيس الإيراني روحاني عن الدول التي كانت تمتد إليها حدود إيران في الماضي، ولم يتورع في هذا السياق عن تكرار الحديث عن أطماع إيران في دول الخليج العربية.

ولم يكتف المسئولون الإيرانيون بتكرار الحديث عن هيمنتهم على مقدرات أربع دول عربية في الوقت الحاضر، بل وصل الأمر بأحد هؤلاء المسئولين إلى أن يقول قبل أيام إنه لا يمكن أن يتم اتخاذ أي قرار في المنطقة إلا بموافقة إيران.

القضية فيما يقوله القادة الإيرانيون على هذا النحو ليست أنهم يتعلقون بأوهام السيطرة والهيمنة على مقدرات المنطقة بشكل لا يمكن أن يتحقق فعليا، لكنها تكشف بوضوح عن أي حد وصلت إليه أطماعهم وخططهم التوسعية العدوانية. وهي الخطط التي يحاولون تطبيقها بالفعل في شكل الإرهاب الذي يمارسونه في الدول العربية ودعمهم للقوى والجماعات الإرهابية. وهو ما أراد وزير الداخلية أن ينبه إليه.

هذه الرؤية التي قدمها الوزير عن الخطر الإيراني تستمد أهميتها من اعتبارات أخرى تتعلق بالأوضاع الراهنة في المنطقة ومختلف المواقف العربية.

كما نعلم، أنه على الصعيد العربي العام، ليس هناك اتفاق كامل بين كل الدول العربية على طبيعة الخطر الإيراني وأولوية مواجهته.

هناك دول عربية معروفة تعتبر أن إيران لا تمثل خطرا على العرب ولا على الأمن العربي، أو أن الحديث عن هذا الخطر أمر مبالغ فيه.

وهناك دول تعتبر أن الأمر يخص بعض دول الخليج العربية فقط، ولا يمثل بالضرورة قضية عربية عامة.

ولا يقف الأمر عند هذا الحد. نعلم أن دولة عربية مثل قطر دخلت في تحالف عملي مع إيران، وانحازت إليها في مواجهة المصلحة العربية العامة، وأفسحت مجالا للوجود الإيراني في قلب الجزيرة العربية.

على ضوء حال المواقف العربية على هذا النحو، تأتي بالضبط الأهمية البالغة لما قاله وزير الداخلية عن الخطر الإيراني.

الوزير أراد، وفي حضور كل وزراء الداخلية العرب، أن ينبه إلى أن إيران تمثل خطرا استراتيجيا يهدد الأمة العربية بأسرها، وليس بعض الدول العربية فقط.. تمثل خطرا استراتيجيا بحكم الأطماع التوسعية المعلنة، وبحكم ما تمارسه في الواقع من عدوان وإرهاب في الدول العربية. وقد كان ملفتا أن يشير الوزير إلى الخطر الذي يتهدد الهوية العربية من وراء ذلك، فالمشروع الإيراني يستهدف بالفعل في جوهره القضاء على الهوية العربية، أي أنه تهديد وجودي.

وأراد الوزير بناء على ذلك أن ينبه إلى الأهمية الحاسمة لأن يكون هناك موقف عربي حازم، واتفاق عربي على التصدي بشكل جماعي مشترك للخطر الإيراني بكل ما يقتضيه ذلك.

وكما نرى، فإن ما قاله وزير الداخلية عن الخطر الإيراني، وما لفت الأنظار إليه، يمثل رؤية بحرينية عربية واضحة دقيقة، ورسالة من البحرين إلى كل الدول العربية.. رسالة تحذير وتنبيه واستنهاض للهمة والإرادة العربية دفاعا عن الأمن القومي العربي.

نقلا عن صحيفة الخليج البحرينية

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى