نون والقلم

السيد زهره يكتب: هذا زمان ما أُخذ بالقوة

«ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة». هذه مقولة خالدة معروفة للزعيم جمال عبدالناصر.

هي مقولة تصح في كل الأزمان، لكنها تصح أكثر ما تصح على زماننا هذا الذي نعيشه، سواء على صعيد العالم ككل، أو على صعيد دولنا العربية.

الزمان الذي نعيشه يحكمه منطق شريعة الغاب. لا مكان فيه لقانون دولي، أو دور لأي منظمات دولية، أو حتى لمراعاة أي قيم أو أخلاقيات بالمعاني السياسية المتعارف عليها… لا مكان فيه لعدل أو إنصاف.

هذا زمان الكلمة الأولى والأخيرة فيه هي للقوة الباطشة، ولفرض الإرادة والأمر الواقع، حتى لو كان واقعا همجيا وإرهابيا.

وعلى امتداد السنوات الطويلة الماضية، كانت منطقتنا العربية هي الساحة لممارسة هذا المنطق الهمجي من جانب القوى الدولية والإقليمية.

الدول الكبرى والدول الإقليمية تعاملت مع ساحتنا العربية على اعتبار أنها ساحة مستباحة، وعلى اعتبار أنه لا مكان فيها لسيادة دول، أو كرامة لشعوب، ولا وجود فيها لشيء اسمه مصلحة عربية.

هذه الدول أعطت لنفسها الحق في أن ترسل قواتها وطائراتها وحتى مليشياتها الإرهابية وقتما تشاء لتشن عدوانا على أي دولة عربية تشاء، من دون أي تفويض من أي جهة كانت، ومن دون أي مبرر سوى أنها هي التي تريد ذلك.

هذه الدول عاثت في الأرض العربية إرهابا وعدوانا وتدميرا وتخريبا من دون رادع ومن دون أن تنطق المنظمات الدولية بكلمة.

هذه الدول تعاملت مع الدول العربية على اعتبار أنها أصبحت غنيمة مستباحة الكل في العالم يجب أن يحصل على نصيب منها، وكي يعزز مكانته ويعظم مصالحه.

ونتيجة هذا المنطق الهمجي، وهذه الاستباحة للمنطقة العربية كانت مرعبة.. دول عربية تم تدميرها.. عشرات الملايين من أبناء الأمة العربية قتلوا أو تم طردهم من بيوتهم وبلادهم وتشردوا.. الإرهاب أصبح يضرب في كل مكان.. وهكذا.

الأمر العجيب المذهل أن دولة مثل أمريكا انتهى بها الأمر إلى أنها لم تعد تملك ما تقوله لنا سوى: ادفعوا.. ادفعوا. تريد أن تستنزف كل ما تملك دولنا العربية. يقولون ويفعلون هذا تحت ذريعة أننا يجب أن نمول حربهم المزعومة ضد الإرهاب. هم الذين أوجدوا الإرهاب في منطقتنا، وهم الذين كانوا وراء ما شهدته دولنا من فوضى. ومع ذلك، يريدون منا أن ندفع لهم ما نملك بزعم أنهم يحاربون الإرهاب. وفي حقيقة الأمر، هم لا يريدون للإرهاب أن ينتهي، ولن يفعلوا أي شيء كي ينتهي.

نقول هذا كي نعيد التذكير إلى أمر المفروض أن يكون بديهيا تجسده مقولة «ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة».

لن يستقيم حال دولنا العربية، ولن نسترد حقوقنا التي ضاعت، ولن تتوقف هذ الاستباحة للأرض العربية، ولن تستعيد الأمة مكانة أو كرامة، ولن يأخذنا أي أحد في العالم بجدية.. لن يحدث هذا إلا بقوتنا.. إلا إذا قررنا أن نحققه بالقوة.

والقوة لا تعني القوة العسكرية وحدها، ولو أنها عنصر أساسي.

القوة تعني أمورا كثيرة أخرى.

تعني قبل كل شيء قوة الإرادة.. أن تكون لدى دولنا إرادة الدفاع عن الأمة.. إرادة مواجهة الأعداء ووضع حد لجرائمهم.. إرادة الدفاع عن أنفسنا بالاعتماد على أنفسنا.. إرادة البقاء.

والقوة تعني وحدة الموقف والسياسة العملية، على الأقل بين مجموعة قائدة من الدول العربية تأخذ زمام المبادرة، وتشرع في بناء قوة عربية قادرة.

والقوة تعني رفض الابتزاز والإرهاب السياسي الذي نتعرض له من الدول الكبرى، وتعني قرارا بوقف الاعتماد على قوة الغير في الدفاع عن أوطاننا وشعوبنا.

القوة هي منطق زماننا، وما لم نأخذ به ونتعامل مع الكل على هذا الأساس، فسنظل ضائعين، وستظل ساحتنا العربية مستباحة، وستظل شعوبنا مقهورة مهددة بالقتل والتشرد، وستظل سيادتنا مهددة من كل من هبَّ ودبَّ في العالم.

نقلا عن صحيفة الخليج البحرينية

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى