نون والقلم

السيد زهره يكتب: لماذا تحب أوروبا الملالي وتكره العرب؟!

«أوروبا تحب الملالي».

تحت هذا العنوان نشرت مجلة «ويكلي ستاندارد» الأمريكية قبل أيام تحليلا افتتاحيا مطولا. التحليل يناقش العلاقة الغريبة بين الحكومات الأوروبية والنظام الإرهابي الإيراني ويحاول ان يقدم تفسيرا لها.

يستغرب التحليل بداية ما تفعله الدول الأوروبية وما تبذله من محاولات مستميتة من اجل انقاذ النظام الإيراني من ورطته ومن السقوط الذي يهدده، وخاصة بعد العقوبات الأمريكية القاسية التي تم فرضها عليه. الدول الأوروبية تتعب نفسها من اجل انشاء «نظام تحويلات مالية بديل» من اجل الالتفاف على العقوبات الأمريكية. المجلة الأمريكية تقول ان أوروبا تفعل هذا على الرغم من أنها تعلم جيدا ان هذا النظام هو خطوة محفوفة بالمخاطر ومن شأنها أن تخدم في الواقع نظام الملالي في استمرار دعم الإرهاب على ضوء سلوك إيران السابق في المنطقة.

وتعلم أن «النظام الإيراني سيستخدم هذه القناة المالية بالتأكيد كآلية أخرى لتمويل مغامراته الإرهابية والعسكرية». وليس هناك ادل على ذلك مما حدث عندما تم التوصل إلى الاتفاق النووي وحصل النظام الإيراني على أموال طائلة أنفقها بكل حرية على تمويل النشاط الخبيث في كل مكان».

وتقول المجلة أيضا ان أوروبا تدافع عن النظام الإيراني على الرغم من ان الإرهاب الإيراني وصل إلى أوروبا وأصبح يهدد أمنها، وعلى الرغم من ان الإيرانيين انفسهم أعلنوا غضبهم ورفضهم للنظام وممارساته.

افتتاحية المجلة تعتبر ان الأوروبيين يدركون هذه المخاطر تماما ويعلمون بها، لكنهم ببساطة لا يكترثون ولا يهتمون، أي انهم لا يهتمون بأن تستخدم إيران الأموال لتمويل الإرهاب، ولا يعنيهم ان تواصل إيران سياساتها وممارساتها الإرهابية في المنطقة والعالم.

هذا الموقف الأوروبي يمثل لغزا بحاجة إلى تفسير كما تقول المجلة.

والتفسير الذي تقدمه هو ان البعض في أوروبا ما زال مقتنعا بالوهم الذي روج له الرئيس الأمريكي السابق أوباما من انه إذا تم السماح للنظام الإيراني بالاستفادة من التجارة الدولية فسوف يصبح اكثر اعتدالا ويتوقف عن تهديد المنطقة.

وفي النهاية تنصح المجلة أوروبا بأن المسار الأكثر حكمة بالنسبة إليها هو «التوقف عن دعم قادة إيران رعاة الإرهاب، وبدلاً من ذلك، التعاون مع جهود الأمريكيين للتوصل إلى صفقة أفضل بحيث لا تتجاهل النشاط الإيراني غير النووي الخبيث، وأنه في مرحلة ما، يجب إجبار إيران على الاختيار بين تصدير الإرهاب والابتزاز النووي من ناحية، وإنفاق الموارد من أجل شعبها من جهة أخرى».

الحقيقة ان التفسير الذي يقدمه التحليل لدفاع أوروبا عن النظام الإيراني وسعيها إلى انقاذ النظام من ورطته ليس صحيحا. ليس صحيحا ان الأوروبيين يعتقدون ان هذا سيجعل النظام الإيراني معتدلا. هم يعلمون تماما بحكم التجربة على الأقل ان هذا غير صحيح.

هناك أسباب كثيرة أخرى، منها مثلا ان هذا الموقف الأوروبي هو جزء من إدارة خلافاتهم مع إدارة الرئيس الأمريكي ترامب.

لكن السبب الرئيس هو ان الدول الأوروبية في الوقت الذي تحب فيه الملالي كما تقول المجلة، فإنها تكره العرب.

الدول الأوروبية على الرغم من علاقاتها المتشابكة مع الدول العربية، فإنها في حقيقة الأمر لم تنس يوما ماضيها الاستعماري في المنطقة.

الدول الأوروبية ما زالت تعتقد انها هي الأحق بثروات المنطقة وأن الدول والشعوب العربية لا تستحقها.

ينبغي الا يغيب عن بالنا هنا ان مشروع تدمير الدول العربية واغراقها في الصراعات الطائفية تمهيدا لتقسيمها وتمزيقها إلى دويلات متناحرة هو بالأساس مشروع غربي. ولهذا، لا تجد الدول الأوروبية أي مشكلة في ان تمارس إيران إرهابها في الدول العربية وتسعى إلى تدميرها. هذا يصب في صلب ما تريده أوروبا.

والأمر المؤكد ان الدول العربية تتحمل قدرا كبيرا من المسؤولية عن استهانة أوروبا بالمصالح العربية على هذا النحو. الدول العربية لم توجه في أي وقت أي تحذير لأوروبا من مغبة مواقفها هذه، ولم تجعلها تشعر بأنها يمكن ان تدفع أي ثمن إن هي استمرت في هذه المواقف.

نقلا عن صحيفة اخبار الخليج البحرينية 

زر الذهاب إلى الأعلى