نون والقلم

السيد زهره يكتب: أين جامعة الدول العربية ؟!

جامعة الدول العربية موجودة بطبيعة الحال. أجهزتها ومنظماتها ومؤسساتها تعمل وتقوم بالأعمال الروتينية. أيضا، تحت مظلة الجامعة، تجري الاجتماعات الدورية المنتظمة لوزراء الخارجية وغيرهم، وحتى القمم العربية تعقد بانتظام كل عام.

لكن القضية ليست هذه الأنشطة الروتينية التي تقوم بها الجامعة. القضية هي: أين هو الدور الفاعل المؤثر لجامعة الدول العربية في القضايا والأزمات العربية؟

دور الجامعة هنا يكاد يكون غائبا تماما، وليس لها أي صوت يسمعه أحد.

إذا نظرنا مثلا إلى القضايا العربية الكبرى المثارة، والأزمات المتفجرة اليوم، فسنجد أن الجامعة ليس لها أي دور فيها على الإطلاق. خذ مثلا قضايا وأزمات مثل، اليمن، وأزمة قطر، والوضع في سوريا، وغيرها، لا وجود للجامعة في كل ما يدور حول هذه القضايا والأزمات من جدل أو محاولات حل أو مفاوضات.

هذا وضع شاذ وغريب.

المفروض أن تكون الجامعة العربية هي المتحدث بلسان العرب وهي المعبر عن الهموم والقضايا العربية العامة، وهي التي تجسد الإرادة العربية، وهي المدافع الأول والأعلى صوتا عن المصالح العربية العامة.

فلماذا إذن يغيب دور الجامعة على هذا النحو؟

البعض يقول إن السبب هو أن الجامعة ضعيفة وعاجزة، لكن هذا ليس تفسيرا مقبولا. السؤال هو: ولماذا هي ضعيفة وعاجزة أصلا؟

الجواب: لأن الدول العربية هي التي تريدها هكذا، تريدها ضعيفة ليس لها دور فاعل حاسم أو مؤثر. الدليل على ذلك أن الدول العربية لا تُصرّ على أن يكون للجامعة حضور ودور فعال في أي قضية كبرى أو أزمة، بل هي تهمشها وتستبعدها تماما تقريبا. وأغلب الدول العربية لا تحرص حتى على تسديد حصتها في ميزانية الجامعة.

لسنا هنا في صدد مناقشة أسباب موقف الدول العربية على هذا النحو، لكن الأمر المؤكد أن غياب دور الجامعة العربية الفاعل والمؤثر خطير ولا يخدم المصالح العربية في شيء.

حضور الجامعة ولعبها دورا فاعلا يعطي قوة هائلة للموقف العربي في أي قضية أو أزمة في مواجهة الدول والقوى الأجنبية. هذا الدور يظهر العرب كقوة موحدة أو على الأقل تستطيع أن تتحدث بصوت واحد يعبر عن إرادة عربية عامة، كما أن الجامعة تستطيع أن تلعب دورا مهما في أي جهود للوساطة أو التفاوض لحل كثير من القضايا والأزمات العربية.

بالمقابل، غياب الجامعة ودورها يضعف كثيرا المواقف العربية.

ومن المهم أن ننبه هنا إلى أنه منذ سنوات طويلة، توجد عشرات التقارير الصادرة في الغرب التي تدعو إلى محو جامعة الدول العربية من الوجود. هذه التقارير تحتج بأن الجامعة ضعيفة ولا دور فاعل لها لتبرير هذه الدعوة، لكن الحقيقة أن وراء دعوتهم هذه، فكرة استراتيجية مطروحة وهي أن تنشأ بدلا من الجامعة منظمة إقليمية أخرى تكون إيران، وحتى إسرائيل، عضوا فيها؛ أي أن المقصود هو توجيه ضربة قاصمة للأمة العربية وتفكيك أي مظهر للتوحيد القومي العربي وآماله.

والدول العربية بتهميشها للجامعة على هذا النحو تعطي دافعا لهذه الدعوات المشبوهة الخطيرة.

يحدث هذا في الوقت الذي تتعرض فيه كل الدول العربية لأخطار وتحديات جسيمة، ونحن أحوج ما نكون إلى رد الاعتبار للعمل العربي المشترك والى التكاتف العربي العام في مواجهة هذه الأخطار. وليس هناك غير الجامعة العربية التي يمكن أن تجسد هذا التكاتف العربي.

وخلاصة الأمر أن الدول العربية من المفروض أن تدرك أن تقوية الجامعة العربية ورد الاعتبار لدورها وتأثيرها هي مصلحة استراتيجية عامة، وأن أي دولة عربية، أو مجوعة محدودة من الدول العربية مهما بلغ تأثيرها أو قوتها، لا يمكن أن تكون بديلا للجامعة ودورها.

نقلا عن صحيفة اخبار الخليج البحرينية 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى