اخترنا لكنون والقلم
الحل السياسي الروسي في سورية «علماني»
لم يجانب المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا الحقيقة عندما حذر المعارضة السورية المشاركة في مؤتمر «جنيف 4» من ان الفشل قد يعني تكرار ما حدث في حلب في مدينة ادلب، حيث تتجمع فصائل المعارضة السورية المعتدلة والمتشددة، ففشل مؤتمر «جنيف 3» وما رافقه من حالات «حرد» سياسي من قبلها ووفدها، اعطى التحالف الروسي السوري الإيراني الضوء الأخضر لاستعادة مدينة حلب بالكامل، مما شكل نقطة تحول جذري في الازمة السورية.
المبعوث دي ميستورا يعرف الكثير من المعلومات والمخططات التي يجري طبخها في غرف مغلقة، ولذلك جاءت نصيحته «المجانية» للمعارضة والفصائل السورية المتشددة في شرق حلب بالخروج الى أماكن آمنة في مدينة ادلب، او أي مكان آخر، تجنبا للهزيمة، وعرضه مرافقتها بنفسه ضمانة لحمايتها صادقة وموضوعية، ولكن بدل الاخذ بهذه النصيحة على محمل الجدية، وتجنب الهزيمة وسفك الكثير من الدماء، تعرض الرجل لهجوم شرس وصل الى درجة البذاءة، مرفوقا بأحاديث عن الصمود والقتال حتى الموت.
الوفد الرسمي السوري الذي يتزعمه السيد بشار الجعفري، اكثر صقور النظام تشددا يتمنى ليل نهار ان ينفذ صبر وفد المعارضة القادم من الرياض، ويعلن الانسحاب مثلما حدث في مرات سابقة، ولا نبالغ اذا قلنا انه يسعى الى ذلك بشكل حثيث، وهذا ما يفسر تأكيد الجانبين بأن الانسحاب من المفاوضات غير وارد حتى الآن على الأقل، وتحليهما بفضائل الصبر وضبط الاعصاب مكرهين، ومن غير المستغرب ان يغلب الطبع التطبع في نهاية المطاف.
***
المبعوث الدولي، بتحذيراته القوية، استطاع ان يحقق ثلاثة إنجازات او سوابق مهمة في الأيام الاولى للمفاوضات في «جنيف 4»:
-
أولا: فرض على وفد الهيئة العليا القادم من الرياض منصتي المعارضة في موسكو والقاهرة، وسحب منه وحدانية التمثيل التي نجح في فرضها في لقاءات سابقة.
-
ثانيا: اجبر دي ميستورا وفد الهيئة العليا على ادانة الهجوم الذي نفذته مجموعة تابعة لتنظيم “هيئة تحرير الشام” (النصرة او فتح الشام سابقا)، وادى الى مقتل ثلاثين ضابطا وجنديا من قوات النظام من بينهم حسن دعبول، والعميد إبراهيم الدرويش، باعتباره عملا إرهابيا الهدف منه تخريب مفاوضات جنيف، واعتبر الإدانة هذه كشرط للبقاء في المؤتمر وكان له ما أراد.
-
ثالثا: طالب قادة الوفد نفسه وعلى رأسهم السيدين محمد علوش وناصر الحريري سحب تصريحاتهم التي اكدوا فيها انه لا مكان للرئيس الأسد في هيئة الحكم الانتقالي او مستقبل سورية، وفعلا جرى سحبها دون أي تحفظ.