- أهم الأخباراخترنا لك

التحالف الإسلامي و مصير القوة العربية المشتركة

سها صلاح

في خطوة مفاجئة فجرها ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مؤخراً أعلنت السعودية عن تشكيل تحالف إسلامي عسكري من 34 دولة لمحاربة الإرهاب، وأن تكون هناك غرفة عمليات مشتركة للتحالف في العاصمة الرياض.

وصدر البيان المشترك بهذا الشأن بعد محادثات جرت خلال الأيام الثلاثة الماضية، حيث قال ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان: اليوم كل دولة إسلامية تحارب الإرهاب بشكل منفرد، فتنسيق الجهود مهم جدًّا. معتبرًا أن ذلك سيطور الأساليب والجهود التي يمكن أن نحارب بها الإرهاب في جميع أنحاء العالم الإسلامي. وذكر البيان أن هناك أكثر من عشر دول إسلامية أخرى أبدت تأييدها لهذا التحالف، وستتخذ الإجراءات اللازمة في هذا الشأن، ومنها جمهورية إندونيسيا.

الدول المشاركة.. والممتنعة

ضم التحالف 17 دولة عربية ، إضافة إلى 17 دولة إسلامية. ومن بين الدول العربية جاءت السعودية، التي تقود التحالف، إضافة إلى الإمارات والأردن والبحرين وتونس والسودان والصومال وفلسطين وقطر والكويت ولبنان وليبيا ومصر والمغرب وموريتانيا واليمن وجمهورية القمر الاتحادية الإسلامية.

أما الدول غير العربية فهي باكستان وبنجلاديش وبنين وتركيا وتشاد وتوغو وجيبوتي والسنغال وسيراليون والغابون وغينيا وكوت دي فوار والمالديف ومالي وماليزيا والنيجر ونيجيريا.

ويبدو أن السياسة الخارجية لزعيمة التحالف “السعودية” لعبت دورًا كبيرًا في اختيار الدول، حيث جاء التحالف خاليًا من الخصم اللدود للمملكة المتمثل في إيران، فعلى الرغم من أنها دولة إسلامية، إلا أن اختلاف وجهات النظر بين السعودية وإيران في العديد من القضايا الإقليمية والدولية جعل انضمام الأخيرة للتحالف أمرًا غير قابل للنقاش مع المملكة، وهو ما يشير إلى أن التحالف يمكن أن يضع طهران هدفًا له في الأيام المقبلة.

ترحيب مصري

من جانبها رحبت مصر بالتحالف الإسلامي، نافية وجود علاقة بين التحالف الإسلامى ضد الإرهاب الذي أعلنت الرياض عن تشكيله ومقترح إنشاء قوة عربية مشتركة، حيث قال المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية المصري المستشار أحمد أبو زيد هناك اختلاف بين الطرحين، فالتحالف الإسلامى يستهدف مكافحة الإرهاب فقط ، أما القوة العربية المشتركة فهي تتعامل مع التحديات التى تواجه الأمن القومي العربي بمختلف أشكالها، وفي النطاق العربي فقط، مؤكدًا أن مصر تدعم كل جهد يستهدف مكافحة الإرهاب والقضاء عليه، سواء كان هذا الجهد إسلاميًّا أو عربيًّا.

تحذير لأمريكا

الإعلان المفاجئ عن تشكيل التحالف الإسلامي العسكري جاء بعد أيام قليلة من دعوة سياسيين غربيين، خاصة أمريكيين، لتشكيل تحالف من الدول العربية لقتال “داعش”، حيث أكد السناتوران الأمريكيان “جون ماكين” و”ليندسي غراهام”، خلال زيارة لبغداد مؤخرًا، ضرورة توفير قوة من 100 ألف جندي معظمهم من الدول الإسلامية، مثل مصر وتركيا والسعودية، لقتال تنظيم “داعش” في العراق وسوريا، معتبرًا أن حشد العدد الأكبر من تلك القوة ليس صعبًا على مصر، بل سيكون صعبًا على السعودية والدول الأصغر، وأنه بإمكان تركيا المساهمة فيه، وهو ما قابلته حكومة العراق برفض شديد، اتضح في تصريحها بأن “العراق لديها ما يكفي من الرجال والعزيمة لإلحاق الهزيمة بداعش وأشباهها من الجماعات الإجرامية الأخرى”.

ويبدو أن الدعوة الأمريكية لم تحظَ بقبول في الأوساط الدولية، وهو ما دفع واشنطن للتوجه إلى حليفتها وذراعها الأيمن بالمنطقة “السعودية” لمحاولة إقناع الدول العربية بفكرة تشكيل التحالف السُّنِّيِّ، فأخذت الرياض في بلورة الموضوع بشكل مختلف؛ حتى يلقى القبول لدى شركائها.

مصير القوة العربية المشتركة

الحديث عن التحالف العربي سبقه أيضًا حديث آخر عن قوة عربية مشتركة، ففي 25 مايو الماضي أكد الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، في بيان صدر عنه، أن اجتماع قادة أركان الجيوش العربية في القاهرة أقرَّ آليات لتشكيل قوة عربية مشتركة؛ تمهيدًا للموافقة على البروتوكول الخاص به، حيث ينص البروتوكول المقترح على عقد اجتماع سنوي خلال شهر نوفمبر، مع تعيين قائد عام للقوة لمدة عامين وآخر ميداني لكل مهمة، كما يحدد مهمات القوة العسكرية المشتركة، ومنها التدخل السريع لمواجهة التحديات والتهديدات، بالإضافة إلى المشاركة في عمليات حفظ السلام وتأمين عمليات الإغاثة وتأمين خطوط المواصلات البحرية، وتمت إحالة الأمر إلى الحكومات العربية للنظر فيها وإبداء الملاحظات قبل اعتمادها من رئاسة القمة العربية وعرضها لاحقًا على مجلس الدفاع العربي المشترك.

هذه المحاولة أيضًا باءت بالفشل، فمع اقتراب موعد حسم تشكيل القوة والبروتوكول الخاص بها، بدأت خلافات كثيرة تظهر على السطح، وهي خلافات جوهرية تتمثل في اختلاف توجهات الدول المشاركة في القوة، فمن بين النقاط الخلافية الاتفاق على مقر القوة، ففي الوقت الذي حظيت فيه القاهرة بتأييد من المملكة العربية السعودية، عارضت قطر والجزائر، وتحفظت العراق على أن تكون القاهرة مقرًّا للقوة العربية المشتركة، كما جاءت الحرب الدائرة في كل من سوريا وليبيا لتشكل نقطة خلاف جوهرية أخرى بين الدول العربية؛ بسبب توجهات بعض الدول الداعمة للنظام السوري والجيش الليبي في مقابل دول أخرى داعمة وممولة للتنظيمات الإرهابية في كلتا الدولتين، وهو ما شكل عائقًا حقيقيًّا أمام تشكيل القوة العربية، ودفع بالقوة إلى مصير مشابه لمصير محاولات سابقة باءت بالفشل.

زر الذهاب إلى الأعلى