نون والقلم

اقتصاد قطر في مواجهة الحقيقة

رحلة شاقة وطويلة بانتظار الاقتصاد القطري، رحلة ستفقده الكثير من المكاسب التي كان حققها في إطاره الخليجي في العقود الماضية، رحلة العقوبات المفروضة ليست إلا البداية، فما عليه للأسف سوى الاستعداد للأسوأ والأخطر.

الاقتصاد القطري الذي يدفع الآن استحقاقات السياسات القطرية المرتبطة بالإرهاب دعماً وتمويلاً، مطالب الآن بربط الأحزمة، فالمطبّات لن تكون عادية، لأن الطريق وعر والمنحدرات شديدة الميلان، والانطلاقة سريعة والطريق طويل.

حاول الاقتصاد القطري بما يملك من مدخرات مالية ومن قروض سابقة إيجاد البدائل بعد مقاطعة الدول الأربع المكافحة للإرهاب، فلجأ إلى دول يصعب أن تكون بديلاً، فاقتصاداتها متداعية أصلاً، متحملاً تكاليف إضافية، فارتفعت عليه النفقات وزادت الأعباء وبات في موقف لا يحسد عليه.

على القائمين على هذا الاقتصاد أن يكونوا أكثر مهنية وصدقاً، وأن يبلغوا قيادتهم السياسية بالحقيقة المخيفة، أن اقتصاد البلاد في خطر، وأن استمرار المقاطعة يوماً اضافياً يعني فاتورة خسائر بعشرات الملايين، وأن أحداً لن يأتيهم من الخارج للاستثمار إلا لاستغلال ظرف وتحميل الشعب القطري والمقيمين أموالاً أكثر، وتكبيد الخزانة القطرية خسائر أكبر.

على القائمين على هذا الاقتصاد أن يدركوا من الآن «الحقيقة المرة» أن حالهم قد يدوم أشهراً وسنوات، وأن حساباتهم بأن المقاطعة هي لأيام أو أسابيع كانت خاطئة.

عليهم أن يدركوا أن سلعهم الفاخرة التي اعتادوا عليها لن تأتي إلا بالطائرات التي أصبحت فارغة من الركاب إلا في الاتجاه الواحد، وأن سلعهم الاستهلاكية زادت تكاليف نقلها عشرة أضعاف، وأن بضعة السياح الذين كانوا يشاهدونهم في سوق «واقف» سيختفون، وأن الاستثمارات الأجنبية ومعها الخليجية لن تطأ عتبة الدوحة.

عليهم أن يدركوا أن فنادقهم الفاخرة ومطار «حمدهم» الذي كلف 100 مليار ريال سيكون خاوياً، وأن المقيمين الذين تعج بهم العاصمة سيبدأون بالاختفاء تدريجياً، وأن إشغال الشقق والفلل التي يمتلكها القطريون سيتدنى إلى مستويات لا تكفي لتسديد قروضها للبنوك.

لا أحد يتمنّى أن «يحدث ما حدث» أو ما سيحدث للاقتصاد القطري، لكن هذا هو ثمن «التهوّر السياسي»، وهذا هو ثمن المكابرة والتعنّت، والأحلام الوهمية لإمبراطورية قطر، التي لم تدرك الجغرافيا، واعتقدت أن بإمكانها التغلب على عقدة الحجم بمد الإرهاب بالمال والسلاح والدعم الإعلامي، وباللعب بحدائق الجيران في النهار والليل.

استحقاقات هذا اللعب لم تكتمل بعد، لكن الأمل قائم أن تغلب الحكمة والعقل على التعنت والمكابرة، فهما لن يفيدا، لأن الدول الأربع المقاطعة اكتوت بنار المراهقة القطرية، ولن تقبل إلا بالتزام كامل بوقف ومكافحة آفة الإرهاب من الدوحة وغيرها.

نقلا عن صحيفة الخليج

 

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى