استثمار التخلف !!
ان عبارات من طراز مصائب قوم عند قوم فوائد او الضّارة النافعة او فرح الكلاب بموت الحمير لها تجليات لا آخر لها في حياتنا، وبقدر ما تحاول بعض الخيول جرّ العربة الى الامام تحاول البغال العمياء جرها الى الوراء، وتلك بالطبع جدلية أبدية في التاريخ ولولاها لما كان هناك ظلام ونور وحقيقة ووهم وصواب وخطأ . لكن المفارقة في عالمنا العربي هي ان اكثر الناس شكوى من التخلف هم الاكثر استثمارا لمحاصيل شقائه ومن يلعنون الجهل والامية علنا يسبحون بحمدهما سرا، لأنهم بدونهما عراة بل عورات، والدليل على ذلك ساطع وطاف على سطح النهار، فمن يدبجون المدائح بالمثقف لا يترددون في رجمه وكسر قلمه وسمل عينيه ان استطاعوا .
ومن يشكون من تحول الكذب الى ثقافة سائدة يُعاقبون الصادق اذا طالهم من صدقه ما لا يسرهم، وقد اصبح الحديث عن هذه الشيزوفرينيا مُملا وعسير الهضم، لأنها لم تعد اصابات متباعدة لافراد بقدر ما تحولت الى وباء، وليس هناك من يدعو الى التلقيح ضده بسبب ندرة الامصال الاخلاقية.
وقد يبدو هذا الكلام اقرب الى التجريد والتعميم، لأن اوان البوح وتسمية الاشياء باسمائها لم يأزف بعد، وحين يأزف ستصدق مقولة د . يوسف ادريس الذي قال ان الحرية المتاحة في العالم العربي لا تكفي كاتبا حرا واحدا ! وبالعودة الى تلك المأثورات الكلامية عن الضارة النافعة وموت الحمير وفرح الكلاب فإن من يتغذون من الفوضى واختلاط المفاهيم سوف يقاومون بكل ما تصل اليه اقلامهم وايديهم اللحظة الفاصلة والفارقة لإدراكهم بأنهم ضحاياها .
اما هؤلاء الذين لم يفقدوا توازنهم حتى الان ويراهنون على عودة الشمس بعد يوم اطول من بضعة اعوام فلن نتردد في ان نزف اليهم بشارة اوشكوا على ان ييأسوا منها، وهي ان العنزة سوف تبقى تثغو حتى لو طارت وان الكلب لن يصهل اذا وضع على ظهره سرج ، وان الحرة ستصوم وتفطر على دمها كي لا تأكل بثدييها !!