اخترنا لكنون والقلم

ارتدادات قرار مجلس الأمن

[bctt tweet=”ارتدادات القرار الدولي الأخير بشأن الاستيطان، والموقف الأمريكي غير المتوقع، قلب التحليلات «الإسرائيلية» رأساً على عقب” via=”no”]، وكشف عن جوهر التفكير اليميني الحاكم الذي لا يرغب في إقامة دولة فلسطينية ولا في السلام. قبل القرار الدولي، كان اليسار «الإسرائيلي» واليمين معاً يرثيان حل الدولتين، حيث أعلن المرشد الروحي لليسار الصهيوني الكاتب والأديب أ. ب. يهوشع أن حل الدولتين الذي كان يدعو له لم يعد قائماً، بل بات غيبياً، ويجب البحث عن بديل واقعي. ورد رئيس الكيان رؤوبين ريفلين، في ندوة بالقدس المحتلة، بالقول: إنه يعارض حل الدولتين وقيام الدولة الفلسطينية.
جاء القرار الأممي ليقلب التوقعات، ويعيد الاعتبار لحل الدولتين، بعد أن صار «الإسرائيليون» يتحدثون عن حكم ذاتي مُحَسَّن للفلسطينيين دون دولة، وهو ما طالب به رئيس البلدية اليهودية للقدس المحتلة نير بركات، وأيده رئيس «حزب البيت اليهودي» نفتالي بينيت، الذي لا يريد للفلسطينيين سوى حكم ذاتي على المنطقة المصنفة «أ» والتي تبلغ مساحتها 39 % من مساحة الضفة الغربية، وهو ما كان طرحه إرييل شارون عندما انفصل عن الليكود وشكل «حزب كديما»، بهدف الانسحاب من غزة وتصديرها إلى مصر، وترسيم الحدود في الضفة وضمها إلى «إسرائيل» باستثناء المنطقة (أ) التي تبقى محاصرة من الاحتلال مع منفذ وحيد نحو الأردن.
بعد قرار مجلس الأمن، أفصح اليمين «الإسرائيلي» عن جوهر تفكيره الاستيطاني، وكتب محللوه ومنظروه أنه لا بد من ضم الأراضي الفلسطينية، خاصة المنطقة «سي» التي تشكل أكثر من نصف الضفة، وتطبيق القانون «الإسرائيلي» عليها، فيما توقع آخرون أن يعمد رئيس الوزراء نتنياهو بعد أن يلتقي الرئيس الأمريكي الجديد ترامب إلى ضم الكتل الاستيطانية والمنطقة «سي»، واعتبار الأردن دولة فلسطينية، وبالتالي تقويض السلطة الفلسطينية بالكامل.
لكن هذه التخيلات، ومن بينها أيضاً فيدرالية فلسطينية – «إسرائيلية»، أي تقسيم البلاد إلى ثلاثة كانتونات، لا يُحظى الفلسطينيون فيها بحقوق سياسية، بل مدنية فقط، طبقاً لما جاء في وعد بلفور، تبقى مجرد ردود على القرار الأممي، حيث إن الرئيس الأمريكي المنتخب ليس من طينة الرئيس الحالي باراك أوباما الذي أُهين من قِبَل نتنياهو أكثر من مرة وامتص الإهانات على مضض. فالرئيس ترامب مزاجي وحساس ورد فعله قد يكون فورياً على أي غطرسة من جانب نتنياهو الذي يراهن على أن ترامب سيمضي قدماً في نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وكذلك لن يعارض الاستيطان، وهو بالتالي لن يختلف مع نتنياهو. لكن الأخير بدأ مبكراً في فتح قنوات اتصال مع الكونغرس للضغط على ترامب وهذا من شأنه إثارة غضب الأخير، لأن الاثنين مغروران، وهذا الغرور سيؤدي إلى صدام بينهما في أي لحظة، رغم أن الرئيس ترامب غرَّد قبل خطاب كيري الوداعي بأن على «إسرائيل» أن تبقى قوية حتى العشرين من يناير/كانون الثاني موعد تسلمه السلطة في البيت الأبيض، وكأنه يريد الانقلاب على سياسة سلفه رغم أن إدارة أوباما كانت الأكثر دفاعاً وسخاء مع «إسرائيل» من أية إدارة سابقة، كما ورد على لسان كيري، وكأنه يرد مسبقاً على خطاب كيري الذي كان عملياً يدعو للسلام ووقف الاستيطان وإقامة دولة فلسطينية في حدود سنة 1967. رغم أن كيري يريد حماية «إسرائيل» من نفسها، لأن سياسة نتنياهو الاستيطانية تقود إلى دولة ثنائية القومية وليس إلى دولتين، ما يعني تأبيد الاحتلال الذي لا يقبل به أحد.
بعض المفكرين الاستراتيجيين «الإسرائيليين» يطالبون بالتروي وعدم الذهاب بعيداً في ردود الفعل، بل تجميد الاستيطان ومحاولة استئناف المفاوضات للتوصل إلى حل الدولتين.
على الجانب الآخر، يؤكد المسؤولون الفلسطينيون أن القرار يتيح استئناف المفاوضات نحو حل الدولتين، وهم يراهنون على مؤتمر باريس الذي كان يُنظر إليه بأنه شكلي، لكن صدور قرار مجلس الأمن أعطاه قوة دفع دولية لم تكن متوقعة، إذ إنه سيكون محفلاً يمهد للاعتراف بالدولة الفلسطينية ودعوة الطرفين إلى استئناف المفاوضات لتحقيق هذا الهدف، ويخشى «الإسرائيليون» من أن الرئيس باراك أوباما سيختتم حياته السياسية بدعم أي توجه فلسطيني لاحق إلى مجلس الأمن للاعتراف بالدولة الفلسطينية.
الأفق يبدو مفتوحاً على كل الاحتمالات، فالغلظة «الإسرائيلية» في التعامل مع الفلسطينيين بعد القرار، و[bctt tweet=”الإعلان عن مشاريع استيطانية ضخمة، لن تبقى بلا ردود فعل شعبية.” via=”no”] وفي حالة تبني إدارة ترامب للتوجهات «الإسرائيلية»، فلن يكون بوسع السلطة الحفاظ على التنسيق الأمني ولا الأمن، والمستوطنون جزء منه، وستكون هناك احتمالات للرد العنيف، مقابل العنف «الإسرائيلي»، لأن [bctt tweet=”شعار المقاومة السلمية أو الذكية الذي ترفعه السلطة، لن يكون صالحاً في المرحلة المقبلة” via=”no”].

 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى