نون والقلم

احمد الملا يكتب: عيسى المسيح بين بشارة يوحنا والحاجة في فكر المحقق الصرخي

جاء في إنجيل متّى الإصحاح الثالث قال ((وفي تلك الأيام جاء يوحنا المعمدان .. فلما رأى كثيرين من الفريسيين والصدوقيين يأتون إلى معموديته، قال لهم: يا أولاد الأفاعي، من أراكم أن تهربوا من الغضب الآتي؛ فاصنعوا أثمارا تليق بالتوبة؛ ولا تفتكروا أن تقولوا في أنفسكم: لنا إبراهيم أبا. لأني أقول لكم: إن الله قادر أن يقيم من هذه الحجارة أولادا لإبراهيم؛ والآن قد وضعت الفأس على أصل الشجر، فكل شجرة لا تصنع ثمرا جيدا تقطع وتلقى في النار؛ أنا أعمدكم بماء للتوبة، ولكن الذي يأتي بعدي هو أقوى مني، الذي لست أهلا أن أحمل حذاءه. هو سيعمدكم بالروح القدس ونار ))…

ومن خلال التدقيق في هذا النص من العهد الجديد نجد أن يوحنا المعمدان « يحيى» – عليه السلام – يتكلم عن شخصية أخرى وليس عن شخص عيسى – عليه السلام – لأنه قد وصف الذي يأتي بعده بأنه : 1- يأتي من بعده ؛ 2- أقوى منه ؛ 3- يعمد الناس بالروح القدس والنار…

وما يؤكد إن كلام يوحنا لا يشمل عيسى – عليه السلام – هو إن عيسى ويوحنا – عليهما السلام – قد تزامنت دعوتهما معًا؛ أي أن عيسى لم يأتِ بعد يوحنا وإنما كانت نبوتهما في نفس الفترة؛ بالإضافة إلى أن عيسى – عليه السلام – كانت نبوته وهو صبي أي لم يأتِ بدعوة النبوة والرسالة في مرحلة متأخرة من عمره حتى يمكن القول إن قصد يوحنا ( من يأتي بعدي ) هو من يأتي بعده الدعوة وليس العمر؛ كما إن عيسى – عليه السلام – لم يكن أقوى من يوحنا؛ حيث كان بني إسرائيل يسمعون كلام يوحنا أكثر من عيسى أو على أقل تقدير كان بني إسرائيل يتعاملون مع يوحنا وعيسى بنفس المستوى بحيث قتلوا يوحنا وصلبوا – حسب ما يعتقد المسيح – عيسى وهجموا عليه قبل ذلك وشتموه وتعاملوا معه بأبشع تعامل؛ فأين كان عيسى أقوى من يوحنا ؟؟!!…

أما الأمر الآخر متى وأين عمد عيسى – عليه السلام – بني إسرائيل بالنار ؟؟!! هل كان صلبهم له هو تعميده لهم بالنار؟ والكلام بحسب ما يعتقد به المسيح؛ فمن خلال التركيز على هذه النقاط الثلاث نلاحظ أن كلام يوحنا كان يخص شخصية أخرى تأتي من بعده تنطبق عليها هذه الصفات وهي غير منطبقة بأي شكل من الأشكال على عيسى – عليه السلام – ومن يقول أن المقصود بها هو عيسى – عليه السلام – نحن نسلم معه بذلك في حال سلم بنزول عيسى مع المهدي – عليهما السلام – في آخر الزمان ويعمد الناس بالنار ويكون في ساعتها أقوى من يوحنا وقد أتى من بعده في فترة زمنية طويلة جدًا حصلت بعد الرفع ومن ثم النزول؛ وهذا يستلزم منهم الاعتقاد بأنه – عليه السلام – قد رفع ولم يصلب؛ وبخلاف هذا لا ينطبق الوصف على عيسى – عليه السلام  ….

أما من كان يصر على أن هذا الكلام يشمل عيسى – عليه السلام – فنقول له إذا كنت تعتقد بان عيسى هو الرب والإله فكيف يمكن أن ينطبق هذا الوصف على الإله ؟؟؟!!! فهل الإله يكون بحاجة إلى أمور يحتاجها بقية البشر؟ وهذا ما وضحه سماحة المحقق الأستاذ السيد الصرخي الحسني في تعليقه على المورد المذكور أعلاه من إنجيل متّى في الإصحاح الثالث؛ وذلك في بحثه الموسوم ( مقارنة الأديان بين التقارب والتجاذب والإلحاد ) وتحت عنوان (يَحيَى يَعْمِدُ عيسى.. تكامُلُ ناسوتٍ أمْ افتقارُ لاهوت؟! )؛ حيث قال سماحته …

{{…. المستوى الثاني : وهنا أقول : يوحنا ( يحيى – عليه السلام – ) يصرح بأنه ليس أهلا بأن يحمل حذاء عيسى – عليه السلام – الذي يأتي بعده (الذي لست أهلا أن أحمل حذاءه ) فما حاجة الله الرب الإله للحذاء ؟؟!! هذا فقر وحاجة تضاف للفقر والاحتياجات الأخرى التي افتقرها عيسى – عليه السلام – منذ أن جعله الروح القدس في بطن مريم – سلام الله عليها – إلى حاجته وهو جنين إلى أمه والغذاء من أمه وهو في بطنها ثم حاجته ليخرج من بطن أمه بالولادة مع مشيمة ودماء ثم حاجته وهو طفل للختان وحاجته الضرورية لأمه للرضاعة والمدارات والتطهير مما يخرج منه من بولد وغائط وتغير ملابس وحاجته الدائمة للشرب والماء وثم بيت الخلاء ……}}… انتهى الاقتباس من كلام السيد الأستاذ الصرخي ….

وحسب الطرح أعلاه فإن الأخوة المسيح بين أمرين أما أن يسلموا بأن البشارة تتحدث عن شخص غير عيسى – عليه السلام – أو عنه لكن بعد نزوله مع المهدي في آخر الزمان؛ أو الخيار الثاني وهو ما قاله المرجع الصرخي وهذا يستلزم ترك الاعتقاد بربوبية عيسى – عليه السلام – والاعتقاد بأنه نبي مرسل من الله تعالى ولا توجد فيه صفات مما يقلونها او يعتقدون بها.

للسيد الأستاذ.. :«يَحيَى يَعْمِدُ عيسى.. تكامُلُ ناسوتٍ أمْ افتقارُ لاهوت؟!!.. مقارنة الأديان»

 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى