نون والقلم

احمد الملا يكتب: سيرة الإمام الجواد تتجسد في سيرة المحقق الأستاذ

 الإمام الجواد هو محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب – عليهم السلام أجمعين – وهو تاسع الأئمة المعصومين تولى منصب الإمامة بعد استشهاد أبيه الإمام الرضا -عليه السلام – وهو ابن سبعة سنين .

ويعتبر -عليه السلام- من أروع صور الفكر والعلم في الإسلام حيث حوي فضائل الدنيا ومكارمها، وفجر ينابيع الحكمة والعلم في الأرض، فكان المعلّم والرائد للنهضة العلمية، والثقافية في عصره، وقد أقبل عليه العلماء والفقهاء ورواة الحديث، وطلبة الحكمة والمعارف، لكي ينتهلون من نمير علومه وآدابه، وقد روى عنه الفقهاء الشيء الكثير ممّا يتعلّق بأحكام الشريعة الإسلامية من العبادات والمعاملات وغير ذلك من أبواب الفقه، وقد دوّنت في موسوعات الفقه والحديث، و كان هذا الإمام العظيم أحد المؤسّسين لفقه أهل البيت -عليهم السلام- الذي يمثّل الإبداع والأصالة، وتطور الفكر .

وتعتبر مسألة توليه منصب الإمامة وهو صغير السن من أبرز المشاكل التي واجهته -عليه السلام- لأن المسلمين لم يعتادوا على مثل هذا الأمر بالإضافة إلى استغلال هذه القضية من قبل أعداءه لكي يقلبون الأمر لصالحهم ويفضون الناس من حول الإمام – عليه السلام- لكنه تصدى لهذه القضية وأثبت إمامته من خلال إثبات علميته وأعلميته في كل المسائل بحيث أخذ يجيب على كل أسئلة المستفتين من عامة الناس ومن العلماء وحتى المغرضين، ورغم محاولة المخالفين من أن يسخروا من إمامنا الجواد لأنه صبي -حسب قولهم –  فجالسه كبراء علمائهم وناظروه على مختلف الأصعدة فرأوا بحرًا لا ينفد وعطاءً علميًا لا ينضب وفشلت كل مؤامرات حكام عصره وأتباعهم، لذلك قررت السلطة الحاكمة التخلص منه خوفًا على مصالحهم ومكانتهم التي هز عرشها علم هذا الإمام الفذ، فدسوا السم له -عليه السلام – وقتلوه وهو في الخامسة والعشرين من العمر في 29 ذي القعدة سنة 220 هـ .

ونحن اليوم نعيش تحت ظل مرجعية جسدت حياة الإمام الجواد -عليه السلام- وسيرته الجهادية والعلمية العطرة خير تجسيد حتى في مسألة التصدي لقيادة الأمة الإسلامية، هذه المرجعية المتمثلة بالمحقق الأستاذ السيد الصرخي الحسني – دام ظله – الذي دخل الحوزة العلمية وهو في مقتبل العمر وأصبح مرجعًا عالمًا أعلمًا وهو في ريعان شبابه، بسبب العلمية الفائقة التي تميز بها سماحته؛ حتى أنه تلقى دعوة خاصة من قبل السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر-قدس سره الشريف- لحضور البحث الخارج { إني أدعوكم دعوة خاصة إلى حضور البحث الخارج الأصولي والفقهي، علما إني لم أدع غيركم مثل هذه الدعوة } والسبب في ذلك لأنه-قدس سره- وجد في السيد الصرخي الحسني العلمية العالية والتي تميز بها عن بقية أقرأنه من طلبة العلم وفضلاء الحوزة .

وكانت أول ثمار هذه العلمية هي إصداره لبحثين «مبحث الضد» و «حالات خاصة بالأمر» وهي عبارة عن تقريرات لأستاذه الشهيد الصدر-قدس سره الطاهر- وتحتوي على إشكالات ونقض لمباني السيد الصدر، وبعد إطلاعه عليها أقر بما جاء فيها وذلك بقوله -قدس سره- ( بسمه تعالى : قد استقرأت في الجملة بعض مطالب هذا البحث الجليل الذي تفضل به هذا السيد الجليل دام عزه فوجدته وافيًا بالمقصود مسيطرًا على المطلوب مع الأخذ بنظر الاعتبار ما ذكره دام عزه في مقدمته أسأل الله حسن التوفيق لنا وله ولجميع المؤمنين , توقيع محمد الصدر ).

واستمرت الثمار العلمية لهذا المرجع الأعلم والتي من خلالها أثبت للعالم أجمع أنه صاحب عليمة فائقة وأنه يمتلك ذهنية المجتهد الأعلم الجامع للشرائط، وما تحتويه مكتبته العلمية من بحوث وإصدارات ومؤلفات التي أثبت فيها أعلميته وأرجحيته في الساحة العلمية الحوزوية، ومنها بحوث أصولية عالية كالفكر المتين الذي سجل فيه إشكالات على مباني جميع المتصدين والتي عجز المتصدون عن الرد ولو على مبنى واحدًا منها؛ وهذا ما أثار حفيظة الحساد والحاقدين مما جعل سماحته عرضة للاعتداءات والهجمات والتنكيل والتعتيم الإعلامي والتغييب وبصورة مستمرة، بسبب الخوف على المصالح والمناصب والواجهة والسلطان التي هزها علم هذا العالم الجليل بعلمه وأعلميته، لكن كل هذه المخططات والمؤامرات التي حيكت وتحاك ضده لم تثنِ من عزيمته وإصراره في نصرة الدين والإسلام والمسلمين، فكانت هذه المسيرة العلمية لسماحة المحقق الأستاذ السيد الصرخي الحسني هي تجسيدًا حقيقًا لحياة وسيرة الإمام الجواد-عليه السلام.

 

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى