نون والقلم

احمد الملا يكتب: الحسين.. ذبيح الفرات في سفر إرميا

جاء في سفر إرميا في الإصحاح 46 (( اصْعَدِي أَيَّتُهَا الْخَيْلُ، وَهِيجِي أَيَّتُهَا الْمَرْكَبَاتُ، وَلْتَخْرُجِ الأَبْطَالُ: كُوشُ وَفُوطُ الْقَابِضَانِ الْمِجَنَّ، وَاللُّودِيُّونَ الْقَابِضُونَ وَالْمَادُّونَ الْقَوْسَ. فَهذَا الْيَوْمُ لِلسَّيِّدِ رَبِّ الْجُنُودِ يَوْمُ نَقْمَةٍ لِلانْتِقَامِ مِنْ مُبْغِضِيهِ، فَيَأْكُلُ السَّيْفُ وَيَشْبَعُ وَيَرْتَوِي مِنْ دَمِهِمْ. لأَنَّ لِلسَّيِّدِ رَبِّ الْجُنُودِ ذَبِيحَةً فِي أَرْضِ الشِّمَالِ عِنْدَ نَهْرِ الْفُرَاتِ…)).

وهذه النبوءة تتحدث عن مقتل سيدًا على الفرات (لأَنَّ لِلسَّيِّدِ رَبِّ الْجُنُودِ ذَبِيحَةً فِي أَرْضِ الشِّمَالِ عِنْدَ نَهْرِ الْفُرَاتِ) لكن أصحاب الديانة المسيحية واليهودية قالوا إن الواقعة على إنها معركة حدثت بين ملك بابل ونخو فرعون مصر؛ وهنا كلا الطرفين المتصارعين حسب هذا التفسير لا علاقة لهم بالرب فهذا فرعون وهذا ملك بابل من أعداء بني إسرائيل ؛ وهنا نسأل كيف يكون للسيد رب الجنود ذبيحة على شط الفرات ؟! إن كان الطرفان لا علاقة لهما بالرب ؟؟!! وقد يقول أحدهم إن الذبيح هو يهوياكيم وهو من ذرية يهوذا؛ لكن يهويكايم أو غيره لم يذبح ولم يقتل على شط الفرات وهذا يعني إن هذه النبوءة تحدثت عن شخصية لها علاقة بالرب وهو من قتل على شط الفرات عطشانًا وهو سبط النبي الخاتم- صلى الله عليه وآله وسلم -؛ الأمر الذي جعل الكثير من الرهبان ينتظرون قدوم هذا الذبيح لكي ينصروه فلم يستطع أحد من إدراكه إلا وهب النصراني الذي قتل مع الحسين- عليه السلام- وعلى الرغم من هذا البحث بسيط جدًا لكن فيه حقيقة واضحة للعيان وتصيب الإلحاد في مقتل وهي:

أخبار ذات صلة

إن كان الإسلام دين أوجده شخص مدعي النبوة- حسب زعمهم- وحتى الديانات الأخرى وينكرون وجد الإله بالأصل؛ فكيف تحققت هذه النبوءة؟ هل كانت الصدفة صاحبة دور في تحديد المكان؟ هل كانت الصدفة هي من يخطط ويكتب النبوءات؟ أم أن هذه النبوءات كانت تصدر من أشخاص هناك من علمهم وأخبرهم بما سوف يجري بمستقبل الأيام ؟ كيف عرف إرميا أن هناك ذبيح على الفرات يقتل في سبيل الله تعالى؟ أليس هناك من أخبره؟ وما حصل في كربلاء كان باسم الرب وذبح الحسين- عليه السلام – من أجل الله وفي سبيل الله فهل هي الصدفة ؟؟!! فالترابط والتماسك بين الكتب السماوية – مع وجود الأخطاء والتحريف فيها – يثبت وجود الرسل والرسالات السماوية وتتحقق هذه النبوءات على أرض الواقع وبصورة طبيعية وبدون أن تكون هناك مراسلات أو توصيات بين نبي وآخر؛ كما إن رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- هل أمر أو طلب من الحسين- عليه السلام- أن يقدم نفسه ذبيحة ليزيد في كربلاء حتى تتحقق نبوءة إرميا ؟؟!! وهل كان الحسين-عليه السلام- ليقدم نفسه قربانًا وبالطريقة التي حصلت في طف كربلاء ويعرض أهله وعائلته وأبنائه أخوته لقضية لا وجود ولا حقيقة ولا واقع لها من أجل أن يحقق نبوءة ؟؟!! …

كما أحب أن أذكر الأخوة أصحاب الديانات الأخرى بنقطة مهمة أشار لها الأستاذ المعلم السيد الصرخي الحسني في بحثه الموسوم (( مقارنة الأديان بين التقارب والتجاذب والإلحاد )) والذي دعا فيه إلى نبذ كل مظاهر العنف والكره والتركيز على المقومات الحقيقية التي جاءت بها الديانات السماوية ؛ حيث قال سماحته..

((إنّ الكراهية والعنف والإرهاب يضرب في كل مكان ويقع على جميع الأجناس والأعراق البشرية، فالأمر خطير والمسؤولية عظيمة يتحملها علماء الأديان السماوية وأهل الاختصاص، فعليهم أن يدفعوا الاختلاف والتوفيق بين معاني الكتب السماوية التي ظاهرها الاختلاف، فعليهم العمل بإخلاص ومصداقية ومهنية وعقلانية للتقريب بين المعاني والأديان، واعتماد المشتركات والتمكن من تأسيس قواعد ومسائل كلية متقاربة ومشتركة، في العقيدة وأصول الدين، بحيث يقبلها عموم البشرية من النفوس العاقلة المتّزنة، وأن يكون ذلك وفق شروط وضوابط وقوانين لغوية وعرفية بمنهج علمي موضوعي ناضج، ولابد أن تُبذل كل الجهود والمعارف والأفكار من أجل تأسيس منهج وسطي معتدل للحوار والتخاطب والفهم والتفهيم واحترام الناس وأفكارهم واختياراتهم، وكل منهم بحسب الأدلة والحجج التي تصل إليه والتي يطلع عليها، وكل منهم بحسب مستويات عقولهم وأذهانهم وبحسب الظروف والعوامل النفسية والحالة الاجتماعية التي يعيشونها …)).. انتهى الاقتباس …

أي يجب على الجميع أن يسعى في التقريب بين العقائد بما يصب بمصلحة البشرية لقيادتها نحو السلام والوئام والتراحم والابتعاد عن الإصرار على نفي الآخر فكريًا وعدم تقبل رأيه هذا من جهة ومن جهة أخرى الابتعاد عن التعتيم والتغييب المتعمد والممنهج لكل الحقائق الموجودة في الموروث العقائدي والديني وعدم صرف الحقائق لمعانِ أخرى كما هي قضية ذبيح الفرات التي صرفت لمعنى آخر كما صرف اسم ( محمد ) إلى معنى أخر في الكتاب المقدس؛ لأن غاية الأديان السماوية هي الوحدة والسلام وعبادة الله تعالى من الباب الذي أختاره لنا وليس الذي نختاره نحن فلنبتعد عن التحريف والتدليس ونتوجه لله تعالى بقلوب خالصة وصافية لنكون من المرحومين ومن الناجين في الدنيا والآخرة.

 

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى