نون والقلم

إبراهيم الشيخ يكتب: عبقرية مُحمّد

لقد كتب الكثيرون في عبقريّته، كما صنّفه الكثيرون بأنه من أعظم الرجال تأثيرا في التاريخ.

كارل ماركس ومايكل هارث وإلبرت إينشتاين وجورج برنارد شو وفولتير وتوماسكارليل وغاندي وغيرهم الكثير.

علماء ومصلحون وسياسيون وأدباء ومفكرون من شرق العالم وغربه، لهم وزنهم في التاريخ، لم تمنعهم منزلتهم من الحديث عن «محمد»، هذا النبي الأميّ، الذي غرس على صفحات الحياة مجدا وفخرا، وجبين التاريخ أمّة؛ شكّلها بيديه، وصنع من رجالاتها الذين كانوا يعيشون الجاهلية والبداوة والقبلية بكل ما تحمله تلك الكلمات من معنى؛ أبطالا وفاتحين وعلماء وقادة، دانت لهم الدنيا أكثر من ألف عام، ولَم يهِنوا ويتساقطوا إلا لما تخلّوا عن النهج الذي رسمه، والطريق الذي سلكه.

لقد كتب المفكر والأديب البارع عباس محمود العقاد عبقريات بديعة، استهلها بعبقرية محمد، ولكن أنّى لأيِّ يَراعٍ وإن كان مبدعا، أن يصف ما تجاوز العبقرية بمراحل، وتخطّى الإبهار بلا حدود.

لقد تدرّج نبيّ الرحمة في بناء دولته وأمته بعقلية شمولية، تجاوزت الحسب والنسب والقبيلة.

تجاوزت المصالح والمكاسب والمنافع والفئوية والطبقية.

كثيرون لم يكن التاريخ سيذكرهم لو لم يكونوا من جنود محمد.

لم يكن عمر الفاروق ليرتقي أعلى مراتب المجد، ويسكب في تاريخنا الروائع الخالدة والمُبهرة، إلا لأنه كان جنديا في جيش محمد.

ولم يكن خالد هو الفارس ومسعّر الحرب الوحيد في الجاهلية، لكن لم يرتفع مقام حنكته وشهرة فروسيّته وبراعة قيادته التي دانت لها المعارك والفتوح إلا عندما سلّ سيفه وسلّطه على المشركين وهو جندي وقائد في جيش محمد.

عبقرية محمد، هزمت عقلية الجاهلية ليس بالإسلام اسما فحسب، لكنها هزمت القبلية والطبقية والظلم والقهر والاستبداد بترسيخ مبادئ وقيم الإسلام قولا وفعلا.

غدَت العقيدة مكان الشرك، والعدالة مكان الظلم، والحريّة مكان العبودية، والمساواة مكان طبقية الأنساب والأجناس والذكور والإناث، وأصبح «الله» غاية، والجهاد سبيلا والرسول قدوة ودليلا.

عبقرية محمد سطعت بنجم بلال الحبشيّ وسلمان الفارسي وصهيب الرومي، فوق أبي جهل وأبي لهب، لأنها رسّخت المبدأ العظيم، من أبطأ به عمله لم يُسرع به نسبه.

لم يُسقط النبي محمد الفرسَ والروم ولَم يدن له العرب والفرس والعجم، ولَم يخضع له اليهود والنصارى إلا لأنه كان سيّدا مُلهَما ومُلهِما، ارتبط اسمه بالحق والعدل والإيمان.

يقولون عنها عبقرية، ولكن لو وُجدت في معاجم العرب ما يفوقها لنسختها به.

عليك الصلاة عليك السلام، بنور سنّتك نهتدي وسنظل نهتدي، يا خير الأنام.

صلوا عليه وسلموا تسليما.

برودكاست:

من مثلكم لرسول الله ينتسب

ليت الملوك لها من جدكم نسب

ما للسلاطين أحساب بجانبكم

هذا هو الشرف المعروف والحسب

أصلٌ هو الجوهر المكنون ما لعبت

به الأكفّ ولا حاقت به الريب

خير النبيين لم يُذكر على شفةٍ

إلا وصلّت عليه العجم والعرب

خير النبيين لم تُحصر فضائله

مهما تصدت لها الأسفار والكتب

خير النبيين لم يُقرَن به أحدٌ

وهكذا الشمس لم تُقرَن بها الشهب

واهتزت الأرض إجلالاً لمولده

شبيهةً بعروس هزّها الطرب

الماء فاض زلالاً من أصابعه

أروى الجيوش وجوف الجيش يلتهب

والظبي أقبل بالشكوى يخاطبه

والصخر قد صار منه الماء ينسكب

«الإمام الشافعي».

نقلا عن صحيفة الخليج البحرينية

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى