اخترنا لكنون والقلم

أم الدنيا و فرحة العرب!!

«مصر أم الدنيا» جملة حفظها المصريون والعرب عن ظهر قلب منذ قديم الأزل، وظلت عالقة بأذهاننا حتى يومنا هذا، ولا نعرف من صاحب تلك المقولة الشهيرة ولا متى قالها، لكن ما نعرفه وندركه جيدا أن مصر تستحق بالفعل أن تكون أم الدنيا، فمصر مهد الحضارات، وهبها الله هبات كثيرة، بداية من الأرض الطيبة والشعب الطيب وعبق التاريخ والحاضر المجيد.

مصر أم كلثوم وعبدالوهاب والشعراوي وزويل وأحمد شوقي.. مصر البلد العريق في كل المجالات، مهما وصفناها بالكلام لا يمكن أن نوفي لها حقها؛ لأنها ببساطة شديدة الدولة التي تغنى بها الشعراء والأدباء ووصفها المؤرخون بأجمل الصفات، إنها حقا أم الدنيا .

لو حكينا عن مصر نبتدي منين الحكاية؟ -كما قالها العندليب الأسمر- من الطب أم الهندسة والمعمار أم الآثار والجغرافيا أم التاريخ أم الفن والموسيقى؟ فالمصريون بارعون في كل المجالات، سأترك كل ذلك لأنه أشبع طرحا.

وسأبدأ الحكاية من ملاعب كرة القدم، والمواهب التي أثرت الحياة الرياضية المصرية، أمثال محمود الخطيب وطاهر أبو زيد «مارادونا النيل»، وأبوتريكه وميدو، وآخر عنقود المواهب الفرعون المصري الجديد محمد صلاح، الذي أجبرنا على الوقوف اضطراريا أمام مهاراته العالية، والتي بفضلها استطاع فك طلاسم كأس العالم ليقود منتخب بلاده إلى كأس العالم بروسيا بعد غياب 28 عاما، ليصبح الفلاح المصري الأصيل ابن مدينة بسيون معشوق الجماهير المصرية الأول، وحامل أحلامها في المونديال الروسي وكل المحافل الكروية بلا مبالغة.

عصام الحضري هو الآخر يثبت يوما بعد يوم أنه معجزة مصرية من الصعب تكرارها بفضل ما يقدمه في الملاعب بعمر 45 عاما، ليتحول إلى أيقونة كروية على مستوى العالم ومثالا يحتذى في الإصرار والتحدي.

صلاح والحضري لم يكونا أجمل ما في ليل التاسع من أكتوبر، لكن المشهد الأجمل كان الفرحة العارمة التي اجتاحت العالم العربي بوصول مصر إلى كأس العالم، فالفرحة الجنونية في الشوارع لم تكن مستغربة بالنسبة لي، فمصر هي قلب العروبة النابض، وما يسعد الشعب المصري هو بالتأكيد مصدر سعادة للعرب جميعا.

الفرحة اجتاحت كل مدن المملكة، فرأينا الأعلام السعودية إلى جانب الأعلام المصرية ترفرف في شوارع الدمام والخبر والرياض وجدة، وكأننا في شوارع العاصمة المصرية القاهرة، ولم يختلف الأمر في باقي العواصم العربية.

كمُّ التغريدات التي انطلق في سماء تويتر رسميا وشعبيا كان بمثابة ترمومتر التعاطف من قبل الجماهير السعودية والعربية التي تسابقت لإعلان مؤازرتها للمنتخب المصري والمصريين في رحلتهم إلى روسيا، فمنذ زمن طويل غابت عنا مثل تلك المشاهد التي تجمعنا وتوحد هدفنا، فكرة القدم في السنوات الأخيرة كانت مصدرا للتفرقة بين الشعوب العربية، وما مشهد مواجهة مصر والجزائر في تصفيات كأس العالم 2010 ببعيد.

أخيرا، تهرم القلوب كما تهرم الأبدان، إلا القلوب المليئة بالحب والمشاعر الفياضة، فإنها لا تهرم أبدا، وأظن -وليس كل الظن إثما- أن القلوب العربية لن تهرم أبدا طالما اجتمعت على قلب رجل واحد.

نقلا عن صحيفة اليوم

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى