نون والقلم

أحمد علاء الدين يكتب.. الحل الأمثل لأزمة رجال الأعمال

في ظل الأحداث التي نشهدها الآن عقب جائحة كورونا وتسارع جميع الدول في اتخاذ ما يلزم من إجراءات احترازية و وقائية خوفا على سلامة مواطنيها، لم يسلم اقتصاد أي دولة من التأثر الشديد بتداعيات هذه الإجراءات والتدابير، وكان لذلك تأثيرا ملحوظا على قطاع الأعمال الخاصة.

ولاحظنا جميعا خلال الأيام القليلة الماضية ظهور بعض رجال الأعمال الكبار أصحاب الشركات والمؤسسات الخاصة، التي تتمتع بعدد هائل من الموظفين والعمال مطالبين الدولة بدعمهم، وعدم توقف حركة الإنتاج حتى لا يتكبدوا خسائر كبيرة لا يستطيعون تحملها، أو تسريح بعض موظفيهم لعدم الاحتياج لهم في ظل هذا التوقف .

وعلى الجانب الآخر شاهدنا تشديدات الرئيس عبد الفتاح السيسي على عدم المساس بحقوق عمال القطاع الخاص أو التخلي عنهم في تلك الظروف العصيبة. فهل تصطدم الدولة مع رجال الأعمال؟ أم تقدم الحل الأمثل لتجاوز الأزمة؟

حتى نكون منصفين ونقدم حلا عادلا يرضي الجميع علينا  التسليم بأن كلا الطرفين يعاني من الأزمة الاقتصادية ولن يستطيع تجاوزها إلا بوقوف الآخر بجانبه وعدم التخلي عنه.

فعلى الرغم من تمتع معظم رجال الأعمال بثروات هائلة، إلا أن الأزمة لم ترحم أحد، وجاءت على حين غفلة من أهلها، والمدرك جيدا لواقع هؤلاء و ما يتبعونه في إدارة مؤسساتهم وشركاتهم العملاقة يجد أنها تمر بعدة مراحل منذ بداية التخطيط لإنشائها حتى مرحلة الاستقرار والادخار.

ومن بين هذه المراحل مرحلة يطلق عليها البعض «التطوير والامتداد» وتعقب عملية الاستقرار والادخار؛  فبعد جمع الأموال والاحتفاظ بها يعمل هؤلاء على استثمارها مرة أخرى دون توقف للحصول على أرباح أكثر، في ظل استقرار الوضع بشكل كبير قبل الأزمة.

فأصبحت الآن معظم هذه الثروات الهائلة بعد استثمارها خلال فترة الاستقرار والانتعاش أصول ليست لها قيمة؛ إلا إذا تحركت عجلة الإنتاج وعادت الأمور مرة أخرى إلى مجرياتها سابقا، ولذلك نرى رجال الأعمال يصرخون بعدم التوقف كليا ويطالبون بوقوف الدولة إلى جانبهم بأي شكل من الأشكال.

ولا أحد ينكر عليهم ذلك؛ حيث تتطلب المشروعات الجديدة أو  التوسع في النشاطات القائمة عددا كبيرا من الموظفين والعمال، بما يقلل من حجم البطالة التي تسعى الدولة جاهدة لمحاربتها؛ إلا أن الرياح جاءت بما لا تشتهي السفن فعصفت بكل الاستثمارات قديمة وحديثة، إذ ربما الكثير من هؤلاء لا يملك التحكم في جزء بسيط من ثروته الهائلة، و لا عجب قد يكون الكثير منهم أيضا مدين بمديونيات عالية في ظل هذا التوسع؛ فمن الطبيعي عدم استطاعة معظمهم تحمل الأعباء إذا استمرت الأزمة طويلا، إلا من رحم وحالفه الحظ بالتوقف عند مرحلة الادخار استعدادا للامتداد.

الكل يرى أن الدولة لا تستطيع أن تقدم دعما لأنها هي الأخرى تعاني، بل ربما تحتاج الدعم لتحملها كثيرا من الأعباء في هذه الظروف العصيبة. فما هو السبيل لإنقاذها الموقف بذكاء وحكمة دون تكلفة أو تحمل ما لا تطيق؟

نعم لا تستطيع تقديم دعما مباشرا، ولكن تستطيع القيام بدور فعال وواقعي دون ترك الأمور تسير بعشوائية وتخبط، بأن تقوم بالتنسيق والوساطة بين رجال الأعمال المتضررين والبنك المركزي؛ وتوفير كل ما يحتاجون إليه من تمويلات تساعدهم في إعطاء كافة الموظفين والعمال رواتبهم كاملة لحين تجاوز الأزمة.

ليس دعما وإنما على سبيل الاقتراض، وللبنك المركزي حيلا كثيرة لتوفير هذه الأموال وضخها في البنوك بسهولة،( أوعيه ادخارية بفوائد مرتفعة أو شهادات استثمارية وغيرها) بما يكفي الوفاء بهذا الالتزام.

و عليه تقوم الدولة بإصدار حزمة من القرارات و الإجراءات اللازمة تطبق على أصحاب الشركات والمؤسسات المتضررة لمنحهم هذه الأموال، وإلزامهم  تسديدها في التوقيت التي تراه مناسبا طبقا لما أصدرته من قرارات سابقة.

وبهذا يتخطى الجميع الأزمة بسلام جنبا إلى جنب، لا يتم المساس بحقوق موظفي القطاع الخاص، ولا يلجأ رجال الأعمال إلى تقديم المبررات والأعذار، ولا تتحمل الدولة تكلفة أي أعباء؛ وقد قامت بدورها على أكمل وجه بذكاء شديد جدا، لاحتواء الأزمة وعدم تسريح بعض الموظفين أو إلحاق الأذى بهم، أيضا حفظت هيبتها من التحايل عليهم للوقوف بجانبها وصمودهم، انطلاقا من الدافع الوطني لتخطي هذه الأزمة، كذلك مساهمة البنك المركزي في ذلك ليست هباءاً وإنما سيحصل على فوائده.

وأخيرا لم يعد هناك نماذج كثيرة أمثال رجل الأعمال “طلعت حرب” حتى يقدموا ما بين أيديهم مهما كانت تكلفتهم، و لم يُجدي استعطافا أو محايلة أو ترديد شعارات يعتقد البعض أنها تؤثر على أحد للقيام بدوره والتفكير في غيره؛ ولن تستطيع الدولة إلزام أحد بالمحافظة على حقوق موظفيه وعماله ما لم يكن للقانون كلمة قاطعة.

 tF اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى