نون والقلم

أحمد الحناكي يكتب: من غزة إلى الجولان.. يا لها من «صفعة»!

صدمت كما الجميع من اعتراف الولايات المتحدة بأن «الجولان السورية» منطقة تتبع الكيان الصهيوني، ليس لكون القرار غريباً على الدولة الأميركية فهي عودتنا دائما على الانحياز التام لذلك الكيان الشاذ، ملقية بعرض الحائط كل الدول العربية والإسلامية وكل من يملك ذرة من الإنسانية في بلدان العالم أجمع، بل إن ما طُعنّا فيه هو أن الأمم المتحدة لم تعترف يوماً بهذا الاحتلال، وحتى الدول الأوروبية التي تتبع الحلف الأطلسي لم تتفق مع أميركا فضلا بطبيعة الحال عن الدول الكبرى الأخرى كروسيا أو الصين أو الهند.

من الواضح أن المؤامرة بدأت تتجلى وأن «مشروع القرن» الذي يتم فيه فرض ذلك الكيان المحتل الشاذ اتضحت أنيابه الشريرة، فمن قمع أهالي غزة إلى فرض أمر واقع في الجولان، ونعلم أن سبب تلك الجرأة الرئيسة هو ما يحدث في سورية أو ما حدث من حرب طاحنة أدت إلى تحجيم قدرات الجيش السوري، لدرجة لا يستطيع فيها أن يدافع عن الجولان ولا غير الجولان.

أمر محير ما يحدث في البلدان العربية، من سورية واليمن وليبيا وفلسطين والجزائر والسودان والعراق ومصر، ما يجعلنا نوقن أن الأمر ليس ربيعاً «هلّ» فجأةً، بل هو تخطيط مريب يراد منه تمزيق هذه البلدان واستنزاف قدراتها المادية والعسكرية، فضلا عن إرجاعها إلى الخلف سنين طويلة.

لا بد أن يكون هناك اجتماع حتمي لجامعة الدول العربية يتخلله درس ما حدث بشكل جاد، يتم فيه التسامي بجميع الخلافات أمام الخطر الكبير المحدق بكل منا، فالدول العربية كلها معرضة لخطر يتهددها، إما من جيرانها أو من إثارة الخلافات في ما بينها والمستفيد دوما هو دولة الاحتلال الصهيوني، إذ أصبحت الدولة السورية تحارب لأجل أن تحافظ على وحدتها بعد أن كانت تحارب لاستعادة الجولان.

هل علينا أن نستسلم بحكم أننا ضعفاء، أو أن الكيان الصهيوني أقوى ذراعا عسكريا؟ برأيي أننا ما زلنا نملك اليد الطولى سياسيا، فيكفي أن معظم بلدان العالم لا تعترف بأن الجولان غير سورية، بل إن كثيرا من الشرفاء في العالم يرفضون قطعا ما يحدث على الأرض من تضييق أو تنفير أو تهجير يمارس ضد الفلسطينيين أصحاب الأرض الحقيقيين.

من شاهد المقطع المنتشر لمقدم برنامج أميركي واسمه مايك الذي اتصلت به مواطنة أميركية تدافع فيه عن حق المحتلين وأنهم يدافعون عن أنفسهم ضد الصواريخ التي تضربهم قادمة من القطاعات الفلسطينية يعرف يقينا أن المبادئ لا تباع أو تشترى، إذ أجابها بقوةً موضحا الخلفية التاريخية التي تفيد بحق الفلسطينيين بأرضهم، ووضعها على الصامت عندما قاطعته أكثر من مرة وسألها سؤالاً واضحاً قائلا لها: «تخيلي لو أنني أتيت إلى منزلك وطردتك منه لأسباب ومزاعم دينية ثم ضايقتك حتى اضطررت للانتقال إلى سكن آخر هو إلى الموت أقرب، مفتقدا لكل قواعد السكن التي تتوافر فيه الخدمات الأساسية، ماذا ستفعلين؟ الرجل يريد القول أن المحتلين يضطرونك أن تتجرد من كل القيود أو القيم أو الأخلاقيات أحيانا لكي تدافع بشراسة عن أرضك أو وطنك.

اللوبي المساند للكيان الصهيوني يتحرك بقوة كبيرة وبفعالية، معتمدا على دعم لا محدود من الأميركيين لكي يقضم الأراضي العربية، وبالتالي علينا الوقوف أمام هذا الاحتلال مستخدمين جميع الوسائل الممكنة، من مقاطعة أو ضغوطات مالية، سواء سلبا أم إيجابا، أو سياسية بإعادة النظر بالعلاقات بيننا وتلك الدول التي تعترف بالأراضي الفلسطينية وتبعيتها لدولة الاحتلال.

لا يهمنا أن تعترف أميركا بالجولان أو غيرها، لكن الأهم هو أن نظل على «قلب رجل واحد»، رافضين الاعتراف بهذا النظام الفاشي إلى الأبد.

نقلا عن صحيفة الحياة

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى