وليد الرجيب يكتب: صورة أميركا تهتز
ازداد رفض دول العالم للهيمنة والغطرسة الأميركية، وقد تبدّى ذلك بوضوح عندما رفضت معظم الدول في هيئة الأمم المتحدة، فرض الولايات المتحدة عليها الموافقة على نقل السفارة الأميركية للقدس واعتبار مدينة القدس عاصمة لإسرائيل، بل تمسكت الدول بموقفها الرافض لذلك بعد أن هددت المندوبة الأميركية بقطع المساعدات عن الدول الرافضة.
هذا إضافة إلى استنكار الدول الأوروبية، انسحاب الولايات المتحدة من معاهدة المناخ ومنع دخول مهاجري بعض الدول إلى أراضيها. أما التصريح الوقح الذي أسقط «ورقة التوت» عن عورتها، فقد صدر من رئيسها غير المتزن والصفيق دونالد ترامب حول دول ذات سيادة، أسماها «حفرة القاذورات»، ففقدت أميركا بذلك ما تبقى لها من هيبة كذابة.
فمنذ عقود طويلة كانت دول العالم «تكره أميركا وسياستها المتغطرسة والعدوانية»، ولكن اليوم بلغ الاستياء والتذمر والعناد الدول والحكومات، فلم تعد أسطورة قائدة الديموقراطية والحرية في العالم تنطلي على أحد، بل لم تعد تستطيع الدول سواء الأوروبية أم غيرها، أن تعطي الذرائع لعدوانها وسلوكها الشاذ.
حصدت الولايات المتحدة العداء والكراهية في كل قارات الكرة الأرضية، في أميركا الجنوبية ودول آسيا وشرقها، ودول أوروبا وخصوصاً جنوبها، كما لم تعد هذه الدول وشعوبها تصدق المزاعم الأميركية، مثل كذبة الحرب على الإرهاب، وبدأت ترفض سياستها الاقتصادية المعولمة، أو املاءات البنك والصندوق الدوليين، اللذان أفقرا الشعوب من خلال سياسات الخصخصة ورفع الدعوم وزيادة الرسوم على السلع والخدمات، فخرجت التظاهرات الاحتجاجية في دول عدة، بما فيها الولايات المتحدة التي اعتبر المحتجون فيها، أنهم «الفقراء» يمثلون 99 في المئة بينما يستولي على الثروة 1 في المئة من الشعب، كما عكسته حركة «احتلوا وول ستريت».
لقد انخفضت شعبية الولايات المتحدة أكثر وأكثر، بعد أن برزت أقطاب أخرى مثل روسيا والصين، كما خفت صوت بعبع حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بوجود دول صنعت أسلحة نووية عابرة للقارات، بل تحدى بعضها بكل جرأة أميركا، ووضعت رأسها برأس الدولة التي تعتبر نفسها عظمى.
وقد قرأ العديد من المتابعين في الكويت، تقرير السفيرة الأميركية السابقة ديبرا جونز إلى الخارجية الأميركية بما معناه «أن أبناء الشعب الكويتي الذين تبلغ أعمارهم ثلاثين سنة فما فوق»، قد يدينون بالولاء لأميركا لأنها خلصتهم من الاحتلال الصدامي، لكن الشباب حتى سن الثلاثين، يكرهون أميركا ويعتبرونها أم الشرور في العالم».
إن الولايات المتحدة التي تتعرض لأزمة اقتصادية خانقة منذ 2008، لن تنتهي في يوم وليلة، لكنها من الواضح تفقد شعبيتها ونفوذها شيئاً فشيئاً، ويزداد السخط وتتعاظم الكراهية لها في كل ركن من أركان العالم، بمن فيهم شعبها.