محمود دشيشة يكتب: يا روح ما بعدك روح
تخوض مصر معركة بناء كبيرة تشمل كل محافظات مصر تقريبا تعيد بناء الطرق وتضيف لها المحاور وتتخلص من العشوائيات القبيحة التي أحاطت بالقاهرة كلها وتعيد تسليح جيش مصر العظيم بأحدث الأسلحة والأنظمة وتعمل على استعادة دورها ومكانتها بين دول العالم والشرق الأوسط كقوة إقليمية كبيرة كانت قد افتقدت جزءا كبيرا منه طوال ثلاثين عاما قبل ثورة 25 يناير ويتحمل الشعب المصري كله تبعات هذه النهضة ويتحمل كل ما تم وصدر من إجراءات و غلاء وارتفاع في أسعار السلع والخدمات الأساسية والضرورية كالماء والكهرباء والغاز والبنزين والمرور وغيرها وعينه وعقله وقلبه ينظران إلى الأفق حيث جنوب مصر وحيث الخطر الأعظم الذي يهدده وهو سد الموت الأثيوبي الذي لا بد من التخلص منه بأسرع وقت و إلا ضاع منا كل إنجاز تحقق.
لقد استنفذت مصر كل أنواع التعامل مع الأحباش طوال عشر سنوات كاملة قدم العدو الأثيوبي فيها أسوأ ما عنده من مؤامرات وعناد وصلف واستفزاز بكل وسائل الإعلام وتصريحات وزرائه وخارجيته و قابلت مصر كل ذلك بصبر شديد ومرونة لا حدود لها و كلما زاد صبر مصر زاد الصلف والاستفزاز الحبشي وأتموا بناء السد إلا قليلا و أتموا الملء الأول وأغرقوا السودان بعده ثم أتموا الملء الثاني بلا أدني تعاون أو تشاور مع مصر أو السودان ودون أن تهتز لهم طرفة عين و رغم الحرب الأهلية المشتعلة في أثيوبيا و المجازر و المذابح التي تدور هناك بين العرقيات المتصارعة هناك فقد عاد السفاح آبي أحمد بقضية سد الموت الأثيوبي إلى الأضواء ثانية و يتاجر بها و يعتبرها انتصارا له حتي يصرف نظر الأثيوبيين عن الحرب الأهلية و يتجمعوا حوله ضد العدو الخارجي مصر و السودان اللذان يعتدي هو علي مياههم و حدودهم فهو يغير التاريخ ويقتل مائة وخمسين مليون نفسا بشرية بمنع مياه النيل من التدفق لمصر و السودان و يحتل أراضي السودان الفشقة الصغرى و الكبري و التي تبلغ ملايين الأفدنة من أخصب أراضي العالم كله ويحرم السودان من خيرها ويدعي أنها أرض متنازع عليها رغم أنها أراضي سودانية مائة في المائة.
المفاوضات و الدبلوماسية و الأمم المتحدة لم تخدم قضيتنا و لم تمنع أثيوبيا من بناء السد و لو ليوم واحد بل ساعدتها على إضاعة الوقت والفرص علينا وأتاحت للعدو الوقت الكافي للبناء والملء و أصبحت قضية السد نقطة ضعف كبيرة للأمة المصرية فكل من أراد أن يضغط عليها زار أثيوبيا وأمدها بالمال والسلاح نكاية في مصر كما أن المناورات المصرية السودانية على الحدود مع أثيوبيا و بأحدث أنواع الأسلحة أصابت العدو الأثيوبي بالقلق الحقيقي و لكنها لم تتراجع ولو لخطوة واحدة بل و هاجمت الحدود السودانية و قتلت من أفراد الجيش السوداني الشقيق العديد من الشهداء من الضباط والجنود وما زالت على تلك السياسات حتي هذه اللحظة وبالطبع أستغل السفاح آبي أحمد الدعم العسكري الصيني والتركي والإماراتي لدفع قوات جبهة تحرير التيجراي للتراجع مرة أخري وبعد أن كانوا يحاصرون أديس أبابا عادوا للدفاع عن إقليمهم ضد القوات الأثيوبية و الأريترية المتحالفة معها وأعطى ذلك قبلة الحياة لهذا السفاح ليعود و يجتمع بقياداته عند السد ويعلن استعداد أثيوبيا لبدء توليد الكهرباء منه.
الآن إما أن تحيا مصر و إما أن تضيع مصر إلى الأبد فهذا السد يمثل تهديدا لم ينجح الأعداء في فرضه إلا الآن و جيش مصر دائما و عبر التاريخ و ما قبل التاريخ كان و مازال الدرع الذي تدفع به الأخطار عن الأمة المصرية و هو قادر على تغيير المعادلة علي الأرض و هدم السد بمساعدة من قاموا أصلا ببنائه و هم جبهة تحرير التيجراي التي ذاقت الذل علي أيدي قوات آبي أحمد وحلفائه و تعلم أنها هي أيضا مهددة بالضياع و تحتاج لدولة قوية مثل مصر للدفاع عن وجودها و لديهم خبرات عسكرية متراكمة في إدارة الحروب و خاصة حرب العصابات ولا أظن أن الصين وتركيا والإمارات سيضحوا بمصالحهم مع مصر لو أصبحت مصر في مواجهة أثيوبيا قبل أن تملأ أثيوبيا الملء الثالث و يصبح كل ما قمنا به عبث و تصبح رقبتنا و قرارتنا و كرامتنا تحت يد من يمسك بمحبس المياه في أثيوبيا.
الآن وصلنا إلى المرحلة الأخيرة وكتب علينا القتال والمواجهة ضد من يحاول قتلنا جميعا مرة واحدة ودون أن يطلق رصاصة واحدة كما أنه لا يملك صاروخا ولا طائرة ولكنه بنى سدا فأصبح لزاما علينا أن نعيش مرحلة «يا روح ما بعدك روح».
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية