![ترامب](/wp-content/uploads/2025/02/8888888888888888888888888888-780x470.jpg)
مجدي حلمي يكتب: ترامب يهدد النظام الدولي
هل تعد الولايات المتحدة الأمريكية دولة عنصرية؟ وهل الإجراءات والقرارات التي اتخذها رئيسها دونالد ترامب منذ توليه السلطة، بما في ذلك الأوامر التنفيذية، تشكل انتهاكًا واضحًا لميثاق الأمم المتحدة التي تحتضن مقرها الرئيسي؟ هذه الأسئلة أثارها مجموعة من الشباب في جلسة نقاش جمعتني بهم.
بالنسبة للسؤال الأول، استند الحاضرون إلى أن الولايات المتحدة، منذ تأسيسها، قامت على أساس غير متكافئ اعتمد على التمييز العنصري بين البيض والسود. كما يتهم البعض المجتمع الأمريكي بمعاداة المرأة، حيث فشل ترشح النساء للرئاسة في مناسبات عدة، وكان آخرها خسارة مرشحتين أمام ترامب.
يُظهر هذا، وفق آراء هؤلاء الشباب، نظرة اجتماعية تضع المرأة في مرتبة متأخرة عن الرجل. وتستمر مظاهر العنصرية ليس فقط على مستوى النخبة بل تشمل الأغلبية الكبرى من الشعب الأمريكي، رغم أنهم يقدمون أنفسهم كداعمين لحقوق المرأة حول العالم. المفارقة هنا أن الولايات المتحدة تُعد أيضًا واحدة من أكثر الدول انتهاكًا لتلك الحقوق.
أما فيما يتعلق بانتهاكات ترامب لميثاق الأمم المتحدة، فقد تمثلت في تجاهله الواضح لمؤسسات المنظمة العالمية وانسحابه من عدد من الهيئات الدولية مثل منظمة الصحة العالمية، المجلس الدولي لحقوق الإنسان، اليونسكو، ووقف الدعم عن وكالة الأونروا مع المطالبة بإلغائها.
كما أمر بمعاقبة المحكمة الجنائية الدولية، وهي جهة دولية أنشئت بناءً على إرادة عالمية وصوتت عليها الجمعية العامة بالأغلبية. هذه الخطوات تعكس استهتارًا بمبادئ التعاون الدولي.
وفق المادة الثانية، الفقرة الخامسة، من ميثاق الأمم المتحدة، يلتزم الأعضاء بدعم أي قرارات تتخذها الأمم المتحدة وفق ميثاقها، والامتناع عن تقديم العون لأي جهة تخالف تلك القرارات.
ومع ذلك، فإن انسحاب ترامب من الهيئات المذكورة وفرض العقوبات أثر على الجهود الدولية لمحاسبة زعماء دول متورطين بجرائم ضد حقوق الإنسان. على سبيل المثال، جاء الانسحاب من مجلس حقوق الإنسان عقب فضحه لانتهاكات فاضحة ارتكبت ضد شعب أعزل في فلسطين، ما ينم عن نهج يبرر التجاوزات الإسرائيلية.
ما قام به ترامب بعد عودته للساحة السياسية يمكن أن يُصنف بحسب المواد الخامسة والسادسة من ميثاق الأمم المتحدة. تنص المادة الخامسة على إمكانية تعليق عضوية الدول التي تتخذ ضدها إجراءات قمع أو منع من قبل مجلس الأمن والجمعية العامة. أما المادة السادسة فتتيح للجمعية العامة فصل أي عضو يواصل انتهاك مبادئ الميثاق بناءً على توصية مجلس الأمن.
في ظل هذه الانتهاكات المتتالية، يصبح من الضروري تحرك الدول الأعضاء داخل الجمعية العامة وفق المادة 18 من الميثاق للمطالبة باتخاذ قرار بتجميد عضوية الولايات المتحدة وإلغاء حق الفيتو الخاص بها في مجلس الأمن. بالإضافة إلى ذلك، يمكن العمل على نقل مقر الأمم المتحدة إلى دولة أخرى تلتزم باحترام الميثاق والمبادئ الدولية.
مثل هذا الإجراء يتطلب حملة دبلوماسية متكاملة تشمل جهودًا رسمية وشعبية، بهدف الضغط لإجراء إصلاح شامل للأمم المتحدة. على رأس هذه الإصلاحات ينبغي أن يكون توسيع عضوية مجلس الأمن لإضافة أعضاء دائمين يمثلون العالم بشكل أكثر عدالة وإلغاء حق النقض.
طرد الولايات المتحدة من المنظمة الدولية قد يُعتبر بداية لبناء نظام أممي أكثر توازنًا وقابلية لفرض الميثاق على جميع الدول دون استثناءات سياسية أو اقتصادية.