عبد العزيز النحاس يكتب: الهند أو الإجراءات الاحترازية
الأسابيع الأخيرة شهدت تزايداً في أعداد المصابين بفيروس كورونا وبالتالي زادت أعداد الوفيات. وشهدت بعض المدن والمحافظات انتشاراً سريعاً للعدوى بسبب سوء سلوك بعض المواطنين. وعدم التزامهم بالإجراءات الاحترازية ما أسهم في تفشي المرض بصورة خطيرة في بعض المناطق. وهو أمر نتج عنه أزمة فى وجود أماكن بالمستشفيات المخصصة للعزل وعلاج المرض.
وفي اعتقادي أن زيادة أعداد المصابين في مصر نتج عن التمسك بالعادات والتقاليد التي يمارسها المواطنون في بعض المناسبات والأعياد، وتؤدي إلى التجمعات وزيادة الاختلاط بين المواطنين سواء في الأسواق والمطاعم والكافيهات ووسائل المواصلات. وهو ما يحدث في شهر رمضان الذي تتجمع فيه الأسر والمواطنون على موائد الإفطار والسحور، وهي بالتأكيد سلوكيات ساهمت في زيادة الإصابات رغم كل التحذيرات والإجراءات التي اتخذتها الحكومة.
وللأسف نرى بعض المطاعم والكافيهات لم تعد تراعي الإجراءات الاحترازية أو القوانين. ونجد المواطنين بصورة كثيفة على موائد متلاصقة. وأيضاً تقديم الشيشة وغيرها من السلوكيات التي زادت من العدوى.
مصر الآن باتت أمام خيارين لا ثالث لهما.. أحدهما أن تستمر الأوضاع على ما هي عليه، ويزداد تفشي المرض بسبب سوء سلوك الناس، ونتحول لا قدر الله إلى دولة مثل الهند التي إنهار فيها القطاع الصحي بسبب تفشي الإصابات إلى حد أننا نرى المصابين يترنحون ويموتون في الشوارع بعد أن أصبحت المستشفيات غير قادرة على استيعاب أعداد المصابين، وعجز القطاع الصحي عن تقديم خدماته وعلاج المصابين في أي مكان بعد أن فاقت أعداد المصابين قدرة الدولة، وأيضاً قدرة الدول التي تقدم مساعدات للهند، وباتت دولة موبؤة.
أما الخيار الثاني فهو أن نعود إلى تطبيق الإجراءات الاحترازية بكل حزم، ونأخذ العبرة من الدول الحديثة التي تراجعت فيها الإصابات بفضل سلوك مواطنيها والالتزام بالقوانين والإجراءات الاحترازية التي احترمها المواطنون خوفاً على صحتهم وعلى أسرهم، وحتى لا تضطر الحكومة إلى العودة لإجراءات أشد قسوة مثل حظر التجول ما يؤدي إلى إغلاق المحلات والمطاعم والفنادق وتوقف وسائل النقل وغيرها من الأنشطة التي تؤثر بشكل مباشر على قطاعات كثيرة وتحديداً الطبقة الفقيرة والمتوسطة، وهو إجراء لا نتمناه، وبات متوقفاً على سلوك المصريين خلال الفترة المقبلة.
بصراحة مصر تشهد نهضة غير مسبوقة، وتتغير بسرعة وبعمق. وحجم الإنجازات والمشروعات التي تحدث على أرض مصر. لم تحدث منذ زمن بعيد، وهذا التطور الذي يحدث في كل المجالات أصبح يحتاج إلى تطور بشري. وإعادة بناء للإنسان المصري فكرياً وثقافياً وسلوكياً حتى نصبح أمام نهضة شاملة لهذه الأمة. لأننا ما زلنا نجد سلوكيات رجعية تأبى أن ينتقل هذا الوطن إلى الحداثة بدليل إصرار البعض على عادات. وتقاليد تسهم في نشر فيروس كورونا.. أو رفض البعض للجمال والتطور الشامل الذي حدث في بعض الأماكن العامة، التي أصبحت تضاهي أجمل الميادين والشوارع في أوروبا، ونفاجأ بالسلوكيات الفوضوية التي تفسد وتشوه هذا الجمال.
حمى الله مصر
نائب رئيس الوفد