نون والقلم

رضا هلال يكتب: فرصة التغيير مواتية في رمضان

ومضات رمضانية

أعتقد أننا متفقون تماما في ان شهر رمضان المبارك مختلف عن بقية الشهور، مختلف في كل تفاصيله، عباداته وعاداته، ليله ونهاره، بكل ما فيه مختلف، شكلا ومضمونا، ولا يمكن بأي حال مقارنته ومساواته بالشهور الأخرى ولا يقترب منه في الفضل سوى شهر الله المحرم لأنه أيضا يضم شعيرة من أعظم الشعائر، وهي فريضة الحج.

وسأتجاوز قليلا عن ان هذا الاختلاف لما اشتمل عليه هذا الشهر من مميزات عظيمة لم تتوفر لغيره، وانما أنا وقفت متعجبا امام خصوصية هذا الشهر الفضيل الذي يمر علينا سنويا، ولا نستغله – نستفيد به – أقصى استغلال او استفادة.

فهذا الشهر الكريم بأجوائه وبرامجه وروحه وبكل ما فيه يدعو الانسان المسلم إلى التغيير للأحسن، وتعديل المسار للأفضل، ويا حسرة على من يفرط فيه وفي لحظاته ودقائقه وساعاته ونهاره ولياليه.

فنحن فيه لا تتوقف عجلة الحياة بل علينا ممارسة روتين الحياة بشكل اعتيادي فيتحول ذلك الاعتيادي المتوافق مع شريعتنا الغراء الى عبادة، ثم التطوع بأجر أعظم من أجر الفريضة فيما سواه فتجد نفسك مندفعا نحو المسجد ليلاً لصلاة التراويح والقيام، ويدك تمتد بدافع ذاتي الى المصحف لتقرأ وردا قرٱنيا، وبدلا من اللهو واللعب تجد نفسك مشغولا بذكر وتسبيح، وهذا أعظم تغيير يحصل لصاحب الفطرة السليمة.

وهنا فرصة التغيير الكبرى للمسلم السوي.. بتغيير نمط واسلوب حياته اليومية، بداية من صلاة الفجر واكاد ازعم ان اغلب المسلمين الآن بما يجاوز الـ 90% يؤدون صلاة الفجر حاضرا، وهذا ما لا يحدث في غير رمضان.. ولو استمر هذا الالتزام لتغير حال الأمة تماما، ثم التوقف عن الالفاظ البذيئة، وغض البصر ومساعدة من يحتاج المساعدة، والكف عن الرشى والحرمان كلها بدعوى – اللهم إني صائم- وهكذا يتغير الانسان خلال هذا الشهر حتى نعتقد أن مسلم رمضان غير مسلم بقية الشهور.

كما وقد أعتقد البعض ان الامتناع عن الاكل والشرب هو تعذيب للإنسان بترك متطلبات الجسم لتقويته، وهذا من الخطأ الكبير ولكنني ارى انه من باب التغيير لتعويد النفس على الانضباط والحرمان مما تحب هذه النفس وللسيطرة على هذه الشهوة لتهذيبها وتحسينها، وعلى احسن تقدير كما يقول القائلون انه لكي يشعر الغني بالفقير والشبعان بالجوعى، ولكنني ارى بعدا مختلفا إلى حد ما يوافقني فيه من يوافق، وهو انه كلما كان العبد جائعا قلت معاصيه، وزاد قربه من الله بالذكر والدعاء والتودد إلى الله، وصفا ذهنه، فيفكر بطريقة افضل ويزهد في ملذات لذتها قصيرة بلا قيمة على المدى البعيد.

وقد اعجبني في هذا المقام ما ذكره إبراهيم بن أدهم بحسب ما ذكره العلامة الدكتور احمد سحلول استاذ الحديث النبوي الشريف وعلومه بالأزهر الشريف الذي قال حكاية عن ابن الادهم: من ضبط بطنه، ضبط دينَه، ومن ملك جُوعَه، ملك الأخلاق الصالحة، وإنَّ معصية الله بعيدةٌ من الجائع، قريبةٌ من الشبعان، والشبعُ يميت القلبَ، ومنه يكونُ الفرحُ والمرح والضحك.

ففرصة التغيير كبيرة لمن اراد، ومتاحة لمن يرغب.. فقط تمتلك الارادة وستجد كل شيء طيع لك راغبا فيك مشجعا لك.

وغدا لقاء جديد مع ومضات رمضانية.

redahelal@gmail.com

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى