
د. علاء جراد يكتب: صربيا.. نسيج من التاريخ والجمال الطبيعي
تلقيت دعوة من جامعة «كراجيوفتس» Kragujevac في صربيا للتحدث في مؤتمر دولي عن مستقبل الجودة، وكانت المرة الأولى التي أسافر فيها الى صربيا. تعتبر مدينة كراجيوفتس رابع أكبر مدينة من حيث عدد السكان، وقد استطعت تكوين فكرة جزئية عن تلك الدولة التي تقع في قلب البلقان، وقد ذكرني أحد الزملاء في المؤتمر أن هناك روابط تاريخية بين مصر وصربيا حينما كانت جزء من يوغسلافيا عندما أسس جمال عبد الناصر مع رئيس يوغسلافيا «جوزيف تيتو» ورئيس وزراء الهند «جواهر لال نهرو» حركة عدم الانحياز.
عدد سكان صربيا حوالي 7 مليون نسمة، وهي دولة آسرة، تفتخر بنسيج غني من التاريخ والطبيعية الخلابة، تتميز بجمال مدنها وأديرتها القديمة، كذلك الفولكلور الشعبي وكرم الضيافة.
تقدم صربيا تجربة فريدة وغامرة لزوارها الذين يسعون لاستكشاف هذه الجوهرة الخفية في أوروبا الشرقية، خاصة أن تاريخ صربيا يتشابك مع العديد من الحضارات التي تركت بصمة على التراث الصربي الذي يتسم بالحيوية والتنوع.
إن كرم الضيافة في صربيا مميز بالفعل، وينعكس ذلك في تنوع وحجم كميات الطعام المقدمة، وكذلك في خدمات الفنادق، ولا أدري هل حالفني الحظ في اختيار الفندق أم أن جميع الفنادق بهذه الجودة، فعلى الرغم من بساطته إلا أن خدمة العملاء والسرعة لا تضاهى في أي مكان زرته من قبل، وطبعاً الأسعار خمس الأسعار مقارنة بإنجلترا تحديداً.
وبالإضافة إلى الكنوز التاريخية والثقافية، تنعم صربيا بجمال طبيعي خلاب، حيث يمر بها نهر الدانوب، ثاني أطول أنهار أوروبا، ويوفر مناظر طبيعية خلابة وفرصاً للرحلات النهرية. كما توفر القمم الوعرة لجبال Dinaric Alps ملعبًا لعشاق الهواء الطلق، مع مسارات المشي لمسافات طويلة ومنتجعات التزلج والشلالات.
تعتبر صربيا دولة صناعية بالدرجة الأولى، حيث يتم تصنيع سيارات «فيات» بها، وتشتهر بصناعة الأدوية، ولها سمعة ممتازة في هذا المجال، كما أن صادراتها أكبر من وارداتها، عملتها الدينار، ويساوي الدولار الأمريكي 110 دينار صربي.
وتعتبر أسعار تذاكر السفر لصربيا وكذلك التسوق أرخص بكثير من الدول الأوروبية، صحيح أنني لم أرى الكثير من السياح ربما لتواجدي في مدينة بعيدة نسبياً، ولكن السكان المحليون يرحبون بالزوار بأذرع مفتوحة، ولكن تعتبر اللغة عائقاً، حيث أن غالبية من قابلتهم لا يجيدون اللغة الإنجليزية، كما أن اللافتات في الشوارع وقوائم الطعام معظمها باللغة الصربية.
ومن فرص تحسين السياحة المطار الرئيس في العاصمة بلجراد، والذي يحمل اسم «نيكولا تيسلا» الذي يفتقد للأساسيات، فمثلاً لا يوجد سوى مقهيين فقط، كما لا يوجد تجهيزات لشحن الهواتف، والسوق الحرة بسيطة للغاية ولا يوجد بها سوى عدد محدود من المنتجات المحلية – على الرغم من جودتها العالية – والارشادات عليها غير مترجمة.
أثناء العشاء تحدث بعض مضيفينا عن الماضي الأليم والمذبحة التي نفذها الألمان في صربيا خلال الحرب العالمية، وهنا تذكرت أيضاً المذابح العرقية التي نفذها الصرب لجيرانهم في البوسنة والهرسك في بداية التسعينات، وتعجبت من كيفية أن يصبح الضحية جلاداً في منتهى القسوة، ولكن لا توجد عدالة في عالمنا، ويبدو أن العلاقات الآن بين البلدين في سلام وتعاون.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية