غير مصنف

وقود المحرقة الإيرانية.. فقراء السنة ولاجئون وشيعة الجوار

بالرغم من انتشار تقارير إعلامية عديدة تتحدث عن زّج إيران بقوافل من جنودها للقتال إلى جانب حلفائها في العراق وسوريا واليمن، إلا أنّ تلك التقارير مبالغ فيها، فإيران تضّن على حلفائها بأبنائها “الشيعة”، لكنها لن تبخل عليهم بالمال لتمويل مجموعات من فقراء السنة، أو اللاجئين الضيوف، أو حتى شيعة الجوار المعدمين.

وتباهي إيران بدعمها للأنظمة الحاكمة في العراق وسوريا، وكذلك المليشيات الشيعية في المنطقة كحزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن، مالياً وعسكرياً عبر استشاريين وخبراء.

ومراراً، نشرت صور لقادة عسكريين إيرانيين بارزين، على رأسهم قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، الذي تجوّل غير مرة في مناطق الحرب بالعراق وسوريا، في رسائل واضحة على إصرار الدولة الفارسية على المضي بدعم حلفائها، فضلاً عن وجود مستشارين أمنيين وخبراء عسكريين لم تتردد طهران في زجهم بحروبها في المنطقة.

الخسائر الهائلة في الأرواح التي مني بها نظام الأسد في سوريا على وجه الخصوص، والتي تقدر بأكثر من 50 ألف عسكري، استدعت من إيران مدّ حليفها الاستراتيجي بمرتزقة يموتون في سبيل بقائه، مقابل أموال يرونها سخية تصل إلى 1000 دولار، يُتوقع أن تزداد بعد توقيع الاتفاق النووي والإفراج عن الـ150 ملياراً في أرصدة طهران المجمدة لدى الغرب.

– فقراء سنة إيران

وفي استراتيجية جديدة، شرعت إيران في تجنيد مواطنيها السنة، الذين تستسهل الاستغناء عنهم فيما يبدو، لتزجهم في حروبها المفتوحة بالمنطقة، لا سيما سوريا والعراق.

وكشف المتخصص في الشؤون الإيرانية، ومدير عام قناة البيان الفارسية المعارضة في لندن، قاسم دراني، أن “طهران تعمل على تجنيد الإيرانيين السنة مقابل ألف دولار شهرياً للانضمام لمليشياتها في العراق لمقاتلة السنة”.

ونقل دراني عن مصدره الذي قال إنه يعمل في مؤسسات النظام الإيراني وقريب من الأجهزة المعنية، ورفض الكشف عن هويته لأسباب تتعلق بأمن وسلامة المصدر، أنه “خلال الأسبوعين الماضيين وفي مناطق أهل السنة وتحت كتمان شديد، كلف الحرس الثوري فريقاً خاصاً من عملائه بتجنيد الفقراء والمساكين الذين هم بحاجة إلى لقمة العيش، لإرسالهم إلى بعض المعسكرات الخاصة للتدريب العسكري، ومن ثمّ إرسالهم إلى جبهات القتال في سوريا والعراق براتب شهري قدره ثلاثة ملايين تومان (ما يعادل ألف دولار شهرياً)”.

وأشار دراني في تصريح لـ”الخليج أونلاين”، إلى أنها المرة الأولى التي تقرر فيها قيادة الحرس الثوري تجنيد أهل السنة للقتال في سوريا والعراق؛ لافتاً إلى أن عدد من تم تجنيدهم يتراوح بين 350 و500 شخص.

– فقراء اليمن

وامتد التجنيد الإيراني إلى المليشيات الحوثية الموالية لها في اليمن، حيث عملت على نقل مئات المقاتلين إلى سوريا لتدريبهم وزجهم في الحرب ضد مناوئي حليفها الأبرز نظام الأسد، حيث كان الحوثيون في اليمن يتقدمون بلا رادع حينها، وشعرت طهران بإمكانية الاستفادة من أعدادهم لزجهم في ساحات أشد حاجة، قبل أن يعصف “الحزم السعودي” بهم.

وقبيل إطلاق عمليات “عاصفة الحزم” العسكرية بقيادة السعودية في 26 مارس/ آذار ضد مليشيات الحوثيين في اليمن، وفي مطلع ذلك الشهر، كشف دبلوماسيون أوروبيون رفيعو المستوى، عن “وجود مراكز لتدريب مقاتلين من الحوثيين اليمنيين ميدانياً في مدينتي بصرى الشام (تمكن الثوار من فرض سيطرتهم عليها في 25 مارس/ آذار) وإزرع في درعا، يُشرف عليها إيرانيون”، وقالوا حينها إن هؤلاء يخضعون لـ”دورات تدريب عملية من خلال المشاركة في المعارك” قبل أن يعودوا إلى اليمن.

التصريحات التي نقلتها وكالة “آكي” الإيطالية، في 5 مارس/ آذار، أكدت أنه “يُشرف ضباط وصف ضباط من الحرس الثوري الإيراني على هؤلاء اليمنيين وعلى تدريبهم، ويكتسبون في سوريا مهارات يفتقدونها ويحتاجون إليها، وليس للنظام السوري ولا لحزب الله اللبناني أي دور أو نفوذ على هؤلاء المقاتلين الحوثيين” الذين يبلغ عددهم مالا يقل عن 3 آلاف عنصر، بحسب تأكيدها، موضحة أن دولاً أوروبية والولايات المتحدة باتت على علم بتفاصيل هذا المعسكر.

– فقراء أفغان وباكستانيون

ولم يكن جديداً ما كشفته صحيفة التايمز البريطانية، في يونيو/ حزيران الماضي، عن قيام إيران بتجنيد مرتزقة شيعة من أفغانستان وباكستان للقتال في سوريا مع قوات الأسد.

ونقلت الصحيفة عن زعماء جماعات شيعية في العاصمة الأفغانية كابول قولهم، إن السفارة الإيرانية في كابول تمنح شهرياً تأشيرات دخول للمئات من الرجال الشيعة الراغبين في القتال في سوريا.

وذكرت الصحيفة أن موقعاً باللغة الأوردية على الإنترنت يعمل على تجنيد المرتزقة الشيعة في باكستان، ويعد بتقديم 3000 دولار للراغبين في الانضمام.

وأشارت الصحيفة إلى أن بعض المحللين يقدرون أن نحو 5000 أفغاني وباكستاني يقاتلون (في يونيو/حزيران) إلى جانب الأسد.

وكانت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية قد سبقت زميلتها البريطانية بالكشف في مايو/أيار 2014 أن طهران ترسل مقاتلين أفغاناً إلى سوريا، للقتال في صفوف قوات النظام، مقابل راتب شهري يبلغ 500 دولار، ومنح تصريح إقامة لهم ولعائلاتهم في إيران.

– الهدف.. فقراء

وتركز عمليات التجنيد الإيرانية، في أفغانستان على أقلية الهزارة الشيعية التي طالما عانت الاضطهاد، ويقول أحد قادة الشيعة في كابول، إن الدافع الأساسي للانضمام هو البطالة، وقلة ذات اليد، كما تهدف إلى تجنيد اللاجئين الأفغان داخل البلاد.

وقالت صحيفة التايمز، إن بعض المجندين جاؤوا من صفوف المهاجرين الأفغان غير الشرعيين في إيران، والذين يصل عددهم إلى نحو المليونين.

ويتفق هذا مع ما تنشره وكالة الأنباء الإيرانية، لدى بثها أخباراً متكررة عن تشييع قتلى قضوا في مهمات جهادية في سوريا، ضمن لواء “فاطميون” الذي يتكون بشكل رئيسي من الأفغان، وتؤكد أن اللاجئين الأفغان يشاركون في التشييع.

ويقول مسلحو المعارضة في سوريا، إنهم يقتلون أو يأسرون المزيد من المقاتلين الأفغان والباكستانيين، وإن بعض من وقع منهم في الأسر جنوبي سوريا منذ أسبوعين قالوا إنهم كانوا ضمن وحدة ضمت 600 أفغاني.

ونقلت التايمز عن الرائد عصام الريس، المتحدث باسم مسلحي المعارضة السورية في جنوب البلاد، قوله: “نواجه في الشهور الأربعة الأخيرة نحو 80% من الأجانب و20% من السوريين”.

– مليارات

وخلص تقرير للحكومة الأمريكية، أشرف عليه السيناتور مارك كيرك، وكشفت عنه صحيفة الواشنطن تايمز قبل يومين، إلى أن إيران تنفق المليارات (ما يصل إلى 30 مليار دولار) للجماعات الإرهابية في سوريا والعراق واليمن.

ويفصل التقرير المبالغ التي تنفقها إيران سنوياً لدعم الجماعات الإرهابية، حيث يقدر الباحثون أنّ حزب الله اللبناني يحصل سنوياً على نحو 100 إلى 200 مليون دولار، في حين تذهب 3.5 إلى 15 مليار دولار سنوياً لدعم نظام بشار الأسد، كما تنفق إيران زهاء 12 إلى 26 مليون دولار لدعم المليشيات الشيعية في العراق وسوريا، في حين تدفع ما بين 10 و20 مليون دولار لدعم جماعة الحوثي باليمن.

وفي سوريا على سبيل المثال، تدفع إيران شهرياً ما بين 500 و1000 دولار للمقاتل في صفوف الجماعات الموالية لنظام الأسد.

وكشف التقرير أنّ المقاتلين الأفغان في سوريا يتلقون تدريبات في إيران أولاً قبل أنّ يتم زجهم في القتال، مقابل رواتب شهرية تتراوح ما بين 500 و1000 دولار شهرياً.

لكن صحيفة “كريستيان ساينس مونيتر” الأمريكية أشارت في تقرير لها أواخر أبريل/ نيسان إلى ما صرح به ستيفان دي ميستورا، مبعوث الأمم المتحدة في سوريا، بجلسة خاصة عقدت في واشنطن حينها، من أن إيران تنفق نحو 35 مليار دولار أمريكي سنوياً دعماً لنظام الأسد.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى