اخترنا لكنون والقلم

داعش ينتخب

يتجه الفرنسيون اليوم إلى صناديق الاقتراع ليختاروا رئيساً جديداً لبلادهم، خمسة أشخاص فقط يتنافسون على أعلى منصب في الجمهورية الفرنسية بمكانتها وأهميتها وقوتها وتأثيرها في محيطها وفي العالم أجمع، ولا نعرف ما هي الأسباب التي تجعل شعباً عرف عنه أنه مثقف وسياسي يحجم عن الدفع بدماء جديدة ووجوه غير مألوفة، فالديمقراطية تسمح لكل من يرغب بالترشح أن يقدم أوراقه، ومع ذلك اقتصرت المعركة على الأحزاب الرئيسية، يمين ويسار ووسط واشتراكي، وانتهت الاختيارات، بينما ديمقراطية ناشئة مثل «ديمقراطية الملالي» تقدم لنا نموذجاً جديداً عن التطور في المفاهيم الانتخابية والمنافسة الشريفة المعبرة عن الإرادة الوطنية الحرة، فقد تجاوزت كشوفات «الآيات» 1600 مرشح، كل من حلم في منامه بالترشح سجل اسمه عند الجهات المعنية، وكل من أراد أن يحقق أمنية أمه أو أبيه عندما كان صغيراً ترشح للانتخابات، حتى الذين ظنوا أنهم إذا سجلوا أسماءهم سيحصلون على بطاقة «تموين» جديدة ذهبوا وسجلوا، واستوعبتهم الديمقراطية المستحدثة!!

الفرق ما بين إيران وفرنسا شاسع، تماماً مثل الفرق ما بين الرقمين المذكورين، الخمسة والألف و600، وهو الفرق نفسه ما بين الجد والهزل، ما بين احترام أفراد الشعب أو الاستهزاء بهم وتحقيرهم، وأيضاً الفرق ما بين حق الاختيار وعكسه، فأهل فرنسا سيذهبون إلى الصناديق وهم واثقون أن أصواتهم هي التي ستفرز، أما الإيرانيون فهم يعرفون اسم الرئيس القادم من الآن، صوتوا أم لم يصوتوا، ومع ذلك سيذهبون إلى المراكز الانتخابية وسيقفون في طوابير طوال النهار حتى يصوروا ولا يدخلوا في القائمة السوداء، قائمة معاداة الثورة، ولن تخرج بطاقات التصويت من الصناديق، أقفالها لا تفتح أبداً، ومجلس صيانة الدستور انتقى من يريد من بين المرشحين، ومن يحتج يسحب إلى سجن «ايفين» ليتأدب، وبعدها يحسم المرشد الأمور، فالديمقراطية تقف عند بابه، واسم «رئيسي» كتب باسم الشعب، وإن حدث ورضي عن «روحاني» سمح له بولاية ثانية، ولن يتنافس الاثنان!!

اليوم سنعيش الحالة الفرنسية المشوبة بالضباب الذي خلفه حادث «الشانزيليزيه» الإرهابي، فقد يكون «داعش» أدلى بصوته عبر طلقات الرصاص، ويحدث ما توقعه الرئيس الأميركي «ترامب» ونجد «مارين لوبان» صاحبة الفكر اليميني المتطرف على أبواب «الإليزيه»!!

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى