اخترنا لكنون والقلم

من مكافحة الإرهاب إلى مكافحة الغلو والتطرف

استمعنا الى خطابات قادة العالم في القمة العربية الاسلامية الامريكية في الرياض التي اجمعوا فيها على مكافحة الارهاب والمضي في الحرب عليه حتى الاجهاز عليه.

لقد شوّه الارهابيون ديننا واوقعوا في شعوب العالم وتحديدا في الشعوب العربية والاسلامية، نكبات لا تضاهى، وخلقوا مآسي لا مثيل لفظاعتها، في سوريا والعراق ومصر وليبيا واليمن.

لقد حوّل الإرهابيون انظار العرب والمسلمين وشعوب العالم الحرة، وطاقاتهم وغضبهم، بعيدا عن الاحتلال الاسرائيلي للضفة الفلسطينية، وما كان لطغمة الارهابيين أن تنجح في تجنيد آلاف الشباب لولا الظلم الذي وقع على شعب فلسطين والتمييز الطائفي الذي مارسه المتعصبون على سنّة الشعب العراقي ولولا هشاشة المنهاج والمدرسة والجامعة والمسجد وضعف تحصينها لابنائنا ضد وباء الخوارج المتوحشين ولولا الفساد السرطاني الذي تفشى في المجتمعات الاسلامية والاستبداد الذي تلازم معه.

ولنعترف ان في مجتمعاتنا تعددية وتنوعا وحريات ومحبة وتسامحا وأخوة وأمنا ومساواة، ولنعترف ايضا ان في مجتمعاتنا تكفيرا وكراهية وتعصبا وخرافة وغلوا وتخلفا وجمودا وإرهابا بدنيا ولفظيا، يغذيها المحرضون وفضائياتُ الدم والتكفير، الذين يكذبون ويزورون، عن سابق قصدٍ وإصرار، فيصنفون الحداثةَ إلحادا، وتطويرَ المناهج كفرا، والدولةَ المدنية رِدة، وإرسال الشباب الى التهلكة في سوريا والعراق جهادا. ويسمون حرائر الايزيديات والكرديات سبايا، والاغتصاب نكاح جهاد، وقطع الاعناق والاطراف حدودا.

يدّعي الارهابيون والمحرضون على العنف والارهاب أنهم المدافعون عن الاسلام، ويرعبون خلق الله، بزعمهم أن الاسلام في خطر من الحداثيين والتقدميين والحزبيين والعلمانيين «الكفرة».

اذا كان اخوتنا الاحباء، مسيحيو الاردن الذين هم 5% تقريبا الآن، ليسوا ولم يكونوا في خطر، على امتداد 1438 عاما هي عمر الاسلام، فكيف يكون الاسلام في خطر ايها الأفاكون الدجالون المتكسبون من إرعاب الناس وتوتيرهم وابتزازهم بالتخويف.

وبوضوح وبأمانة وصدق اقول «انه لولا كتابات المثقفين الوطنيين والاصلاحيين والليبراليين والتقدميين والمؤمنين بالدولة المدنية، في حقول المسرح والمسلسل والفكر والدراسات والمقالات والشعر والغناء والتمثيل، التي واجهت ظواهر العنف والغلو والتطرف، في المجتمع الاردني، وتصدت لها تصديا علميا شجاعا، وكشفتها وفضحتها، لأغلق المتطرفون المغالون الاقصائيون، ابواب المجتمع ونوافذه، وافواه أبنائه وبناته، ولأسدلوا السواد على الشمس والفن والشعر والتطور والنسبية والفلسفة والتقدم والبحث والنقد والتعددية والديمقراطية وحرية التعبير والرأي الآخر.

المثقفون الوطنيون الديمقراطيون التقدميون، كانوا في طليعة أبناء المجتمع الشرفاء، المناضلين من أجل الحفاظ على الاعتدال والقيم والجمال والخير والحق والعدالة الاجتماعية والدولة المدنية وأسلوب العيش الأردني منذ الخمسينيات وإلى اليوم والغد».

لولا كواكب هؤلاء الوطنيين الشجعان، لتفشى الغلو والخوف والرعب والتخلف، ولتضعضع النظام العام، ولتضعضع النظام السياسي، ولتأثر الكيان الأردني كثيرا، ولتحولنا الى دولة قمع وجهل وخزعبلات وخرافة.

ستنحسر موجة الارهابيين الخوارج، عمّا قريب، وستنجلي الغمامة المظلمة السوداء، عن أفق آمن ارحب للاسلام والانسان، وستطوى مئات الرايات التي تلطخت بالدماء البريئة التي تلطى الارهابيون خلف الوانها وشعاراتها وكتاباتها وستبدأ معركة الحياة الثقافية في مواجهة التضليل والتغرير والخرافة والجهل والتطرف والموت.

وسيجدد كتّابنا وصحافيونا ومثقفونا وفنانو شعبنا الوطنيون الإصلاحيون التقدميون، الانتصار للحق والخير والجمال في معركة إعادة البناء والإصلاح والتجديد والحداثة.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى