نون والقلم

محمد نورالدين يكتب: فلسطين: ما العمل؟

في نظرة بيانية بين وضع فلسطين عام 1948 ووضعها اليوم لأمكن القول إن فلسطين في طريقها للضياع وفي طريقها للتصفية النهائية.

في يوم نقل سفارة الولايات المتحدة من «تل أبيب» إلى القدس يوم الاثنين الماضي كان المشهد الفلسطيني كما العربي كما الإسلامي خجولاً .

حصلت النكبة والتقسيم ومن ثم حصل العدوان الثلاثي على مصر ونهضت الجزائر بثورتها واليمن بثوراتها ومن ثم عدوان يونيو/‏حزيران 1967 ومن ثم أيام الأرض وانتفاضات الثمانينات. وبمواكبة كل هذا كانت الجماهير تخرج بالملايين في الشوارع ترفع شعارات الوفاء لفلسطين وحركات التحرر العربية.

كانت بعض الدول تبادر إلى إجراءات في غاية الجدية مثل قطع النفط عن الغرب حامي «إسرائيل» وتضغط على الدول الأخرى لقطع العلاقات الديبلوماسية مع «إسرائيل» أو على الأقل تخفيضها وتجمد علاقاتها التجارية معها. كان هناك وعي أكبر للتعاطي مع القضية الفلسطينية وقضايا العروبة.

أما اليوم فعند اتخاذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قراره نقل سفارته إلى القدس، جلّ ما فعله العرب اجتماع متأخر جداً لوزراء الخارجية العرب والنتيجة صفر كبير. وجل ما فعله العالم الإسلامي هو اجتماع قمة في إسطنبول لم يتخذ أي قرار، وكان مناسبة للمتاجرة بالقضية الفلسطينية.

وفي الحالتين العربية والإسلامية كانت هناك دول عربية ومسلمة لها علاقات مع «إسرائيل» على كل المستويات؛ لكنّ أحداً منها، لم يبادر إلى خطوة استدعاء السفراء أو تقليص العلاقات مع العدو. اكتفوا كلهم بالتنديد والانتقاد الذي لا يطعم ولا يغني من جوع.

أيضاً إذا كانت «إسرائيل» مسرورة جداً من خطوة نقل السفارة الأمريكية إلى القدس فإننا نسأل: أليس من اتخذ قرار النقل هي الولايات المتحدة؟ أليست هذه هي المعنية الأولى بالقرار؟والمسؤولة الأولى عن القرار؟ فلماذا لم تتخذ الدول العربية أو المسلمة أي قرار بشأن العلاقات الديبلوماسية وغيرها مع واشنطن؟.

ومن ثم نأتي إلى الفلسطينيين المسؤولين الأُول والأكثر مباشرة عن قضيتهم ونتساءل ما الذي فعلوه لمواجهة خطوة قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس؟والسؤال لا يتوجه إلى الشعب الفلسطيني الأعزل والمظلوم الذي يبذل ما يستطيع من مقاومة على الخط الفاصل مع الأراضي المحتلة؛ حيث ارتقى أكثر من 60 شهيداً في يوم نقل السفارة إلى القدس. السؤال يتوجه إلى القيادات الفلسطينية سواء في غزة أو في الضفة الغربية. ما الذي فعلته هذه القيادات للدفاع عن فلسطين؟

ما الذي فعلته القوى الفلسطينية التي قدّمت إيديولوجيتها الفكرية على القضية القومية والوطنية الفلسطينية؟.وما الذي فعلته القيادة الفلسطينية الرسمية في الضفة الغربية لمواجهة قرار ترامب ولمواجهة خطوات الاستيطان «الإسرائيلي» في الضفة الغربية. وهل يمكن الدفاع عن الحقوق الفلسطينية ومواجهة هجمة الاستيطان وتحرير فلسطين بالتخلي عن المقاومة المسلحة؟وهل حقق الأسلوب الديبلوماسي والسلمي شيئاً للقضية الفلسطينية؟ هل أوقف الاستيطان؟ هل أوقف نقل السفارة الأمريكية إلى القدس؟ هل حرر الضفة والقدس حتى لا نقول كل فلسطين، وهل رفع الحصار عن غزة؟ وكلها منصوص عليها في القرارات الدولية التي لا تحترمها «إسرائيل» ولا أمريكا؟.

إن المسؤولية الأولى ملقاة على عاتق القيادة الفلسطينية؛ باتخاذ قرار جريء فكلفة المقاومة عند كل شعوب العالم أقل بكثير من كلفة الاستسلام الذي سيؤدي إلى ضياع كل القضية. لقد دفعت الجزائر أكثر من مليون شهيد وانتصرت ولم تستسلم. وانتصرت فيتنام بهذه الطريقة. يعرف الفلسطينيون أن العرب قد خذلوهم؛ لكن على الأقل يجب أن يطور الفلسطينيون استراتيجية تعتمد على النفس والمقاومة باللحم الحي والعاري. هذه ليست مثاليات وأحلاماً وأوهاماً. فخيار السلم والاستسلام هو الطريق الذي سيبيد القضية الفلسطينية، ويمحوها من الوجود.

المسؤولية الآن على القيادات الفلسطينية التي عليها إما المواجهة أو الاستقالة. ومجرد وجود سلطة تحت الاحتلال هو خديعة حوّلت الفلسطيني إلى حارس لأمن «إسرائيل».

وفي الوقت نفسه على العرب كلهم أن يقفوا موقفاً للتاريخ؛ بدعم القضية الفلسطينية.

وهذا لا يكون الا بالعودة إلى الضمير والوجدان بأن فلسطين هي الأساس وهي رمز الكرامة وأن وجود«إسرائيل» باطل لا بد زائل. فلا تدعوا أيها الفلسطينيون والعرب والمسلمون مكانكم في التاريخ في غير ما يريده لكم الإسلام والعروبة والوطنية والشرف والكرامة.

نقلا عن صحيفة الخليج

 

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى