اقتصاد وبنوك

قوة الدولار وضعف اليورو

بقلم المحلل الإقتصادي – أمين قسوم

مع نهاية العام 2016 إرتفعت نسبة الأسهم في حجم المحافظ الاستثمارية لدى كبار المستثمرين العالميين إلى أعلى مستوى لها خلال ستة أشهر الماضية كما أظهر تقرير نشرته وكالة رويترز في أواخر شهر كانون الأول / ديسمبر الماضي , وذلك بعد ارتفاع الرهانات على  أن تؤدي سياسة الاقتصادية للرئيس المنتخب حديثا دونالد ترامب إلى رفع نسبة النمو والتضخم في الولايات المتحدة الأمريكية.

حيث دفعت تعهدات و خطط دونالد ترامب بتقليص الضرائب وزيادة الإنفاق الحكومي مؤشرات وول ستريت إلى تحقيق مستويات تاريخية لم يسبق أن وصلت إليها من قبل , بعد أن تسابق المستثمرين على أسهم البنوك و الطاقة و كل ما يتعلق بتجهيزات البنية التحتية .

في استطلاع الرأي الذي قامت به رويترز والذي شمل 45 من كبار المستثمرين ومديري المحافظ الاستثمارية الكبير في كل من أوروبا و بريطانيا و اليابان والولايات المتحدة الأمريكية , أشار 45.3% منهم إلى أن نسبة الأسهم من محافظهم هي في أعلى مستوى منذ يونيو/حزيران الماضي وذلك كتتويج لما شهدته سنة 2016 من نمو الإقتصاد الأمريكي وبعض البلدان النامية وكذلك الإشارات الإيجابية حول التضخم في كل من اليابان وأوروبا خاصة . رغم التهديدات السياسية مع بروز تيار الشعوبية و المشاكل التي عانى منها الاقتصاد الصيني .

ومن الواضح جدا أن إنتخاب دونالد ترامب و الذي يحسب على التيار الشعبوي كان  من أكبر الإهتزازات التي تلقتها الأسواق , حيث من المتوقع أن تكون لخططه الإقتصادية و سياسته فيما يتعلق بالتجارة الخارجية وخاصة مع الصين من أكبر محركات الأسواق في العام 2017.

و يرى الكثير من المراقبين أن ” ترامبونوميكس Trumponomics (و هو المصطلح المبتكر للإشارة لسياسات ترامب الإقتصادية) العامل الرئيسي الذي يجب التركيز عليه في 2017 خاصة إذا تم تنفيذها بفعالية وبشكل مباشر بعد التنصيب الرسمي ، مما يعزز من فرص تحسن النمو الاقتصادي والتضخم ” .

الشعبوية و التذبذب في الأسواق:

طبعا فإن أي فشل في هذه الخطط  وعدم تحقق هذه التوقعات لأي سبب كان ، سيخلق حالة قوية من التذبذب في أسواق الأسهم العالمية , و الكثير من المستثمرين يعتقدون أنه حتى في هذه الحالة سيكون هناك الكثير من الفرص لاقتناصها من خلال تتبع الأسهم الصحيحة في حالة إنخفاض قيمتها .

ويجادل بعض الخبراء أن تيار الشعوبية و الذي سيطر على الواجهة السياسية في أوروبا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية في عام 2016 من المحتمل أن يستمر تأثيره في العام المقبل على الأسواق , وخاصة مع وجود انتخابات سياسية في كل من ألمانيا وفرنسا في عام 2017.

و كنتيجة لذلك فمن المتوقع أن تكون هناك حركة تذبذب كبيرة في أسواق الأسهم العالمية و بالتالي خلق الكثير من الفرص الاستثمارية مع الإنخفاض و الإرتفاع الذي قد تسجله هذه الأسهم.

نعود إلى التقرير السابق الذكر , حيث أشار أيضا إلى انخفاض حجم السيولة لدى هؤلاء المستثمرين بمقدار واحد بالمئة مما يعكس حالة الثقة بأن الارتفاعات التي تشهدها أسواق الأسهم في المرحلة الحالية لم تبلغ ذروتها بعد حيث يرى الكثير من المستثمرين وجود فرص في أسهم البنوك الأوروبية و السلع مثل النفط و أيضا في قطاعات التكنولوجيا والدفاع في عام 2017.

ورغم وجود بعض التخوفات بين المستثمرين من إمكانية حدوث انهيار في أسواق الأسهم العالمية فإن نسبة التعرض المحافظ الإستثمارية للأسهم الأمريكية قد ارتفعت في أواخر العام إلى 41% و 11.3% بالنسبة للأسهم البريطانية وهي الأعلى منذ يوليو/تموز الماضي .

أسعار الأسهم في النصف الثاني من عام 2016 كانت بالفعل مرتفعة حتى قبل حدوث تأثير ترامب و لكن ذلك لم يمنع المستثمرين من الإقبال عليها وشرائها بأسعار مرتفعة , يبقى الفارق الكبير في العائد بينها وبين السندات من العوامل الجاذبة للأسهم في عام 2017 خاصة مع توقعات النمو الكبيرة .

قوة الدولار وضعف اليورو :

إرتفع الدولار الأمريكي في عام 2016 إلى أعلى مستوياته ..في 14 عاما أمام أغلب العملات الرئيسية العالمية و خاصة أمام اليورو وذلك كنتيجة لتعافي الاقتصاد الأمريكي ورفع الفائدة من قبل الفيدرالي الأمريكي .

الكثيرون هم الذين يعتقدون أن الدولار سيصل إلى مستوى التعادل مع اليورو و في عام 2017 خاصة مع إعلان الاحتياطي الفيدرالي عن نيته القيام برفع الفائدة في أكثر من مناسبة .

أما بالنسبة للجنيه الأسترالي و بعد الانخفاض الحاد الذي شهده بعد الإستفتاء في منتصف عام 2016 فالكثير من الخبراء لا يعتقدون حدوث مزيد من التدهور في قيمة العملة , بحكم أن انخفاضها الأخير ساعد على رفع العجلة الإقتصادية في المملكة المتحدة على الأقل في المرحلة الراهنة , وذلك قبل بروز تأثير الخروج من الإتحاد الأوروبي و التي تبدأ بعد سنتين أو ثلاثة .

 

 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى