- أهم الأخباراخترنا لكالأخبار

قطر.. مستعمرة الصهاينة في الوطن العربي

 

كشفت قطرعن وجهها الحقيقي المساند والداعم والراعي للإرهاب، وباتت في قلب الوطن العربي والإسلامي سرطانا خبيثا ينخر بقوة في قواعد الإخوة والوحدة العربية.

ولم تكن الإنتفاضة الخليجية – المصرية ضد «دويلة قطر» مؤخراً إلا محاولة جادة من دول المقاطعة وفي مقدمتها مصر والإمارات والسعودية والبحرين، لإعادتها إلى الصف العربي وإنتزاعها من أحضان الإرهاب والتطرف، ووقف مساندتها للمنظمات والجماعات الإرهابية.

وتأبى قطر« الأخ الشارد» إلا أن تستمر في غيها رافضة جميع المطالب التي قدمت لها عبر الوسيط الكويتي، وتسعى بشتى الطرق لتجر المنطقة بأكملها إلى سيناريوهات هي تعلم عواقبها وخطورتها، بل وتخطط لها مع دول هي الأخرى مصنفة إرهابية.

وتبقى الحقيقة عن قطر التي لاتحمل تاريخا تستند إليه، ولاحاضراً مشرفاً تفتخر به، إنها بكل المقاييس صغيرة تخيلت أن أنها تستطيع بسلطان المال أن تجد لها مكانا وسط الكبار، لكنها إستغلته على أسوأ مايكون وبدلا من أن تنفقه في إسعاد المنطقة إستغلته خنجرا مسموماً لقتل الأشقاء وإيواء المطلوبين والسعي بشتى الطرق لتفتيت الوطن العربي وتقسيم دوله المستقرة إلى دويلات حتى تتساوى الرؤوس من وجهة نظرها المريضة.

قطردولة بلا تاريخ أو حضارة، تنفق ببذخ يتجاوز حدود الخيال لشراء التاريخ والحضارة، لكن اليقين الراسخ أن هناك أشياء كثيرة لا تشترى، والتاريخ والحضارة فى الصدارة. قطر دويلة صغيرة، لا يزيد طولها على مائة وستين كيلومترا، أما العرض فيقل عن المائة كيلو.. عدد السكان محدود بالتبعية، والثروة الطائلة هبة سخية من الطبيعة، فهل يمكن للثراء المادى وحده أن يصنع دولة عظمى؟ «ثرى حرب» مصطلح شهير عند الحديث عمن يصعدون اقتصاديا فى أجواء الحرب المضطربة، بكل ما يصاحبها من متغيرات لا ضوابط فيها أو قواعد، ويمكن القول إن إمارة قطر لا تختلف كثيرا عن أثرياء الحرب هؤلاء، الذين يبحثون فى اندفاع جنونى أهوج عن وجاهة لا وجود لها، ويدفعون الملايين لشراء لقب يتوهمون أنه يمنح المكانة ويصنع تاريخا.

 

حكايات وأسرار قطر التي أوهمت نفسها أنها تستطيع أن تشتري العالم قصة كتاب جدير بالقراءة والدراسة للكاتبة الصفية حنان أبو الضياء والتي قدمت فى كتابها المتميز «قطر تشترى العالم.. مستعمرة الصهاينة فى الوطن العربى» الصادر عن دار «كتبخانة للنشر والطباعة والتوزيع» فبراير ٢٠١٤، جهداً غير مسبوق للكشف عن حقيقة الدويلة التى تلعب دورا سلبيا مدمرا عمديا، بحيث يمكن القول إنها مستعمرة الصهاينة، كما يشير عنوان الكتاب الذى يعتمد فى معالجته على الحقائق والوثائق، ويفضح الدور المشبوه الذى تقوم به الإمارة الصغيرة لتنفيذ مشروع برنارد لويس لتقسيم دول الشرق العربى، لتصبح دويلات هشة لا يعتد بها، فى سبيل هذا الهدف تتحرك يمينا ويسارا مسلحة بـ«زكيبة فلوس» تبعثر منها ولا تملك سلاحا آخر.

البارانويا السياسية

وما جاء في الكتاب من حقائق يكشف أن ما يحدث فى قطر يشبه «البارانويا السياسية»، والحقيقة المؤكدة التى لا يختلف حولها أحد، أنها «بلد الانقلابات العائلية التى لا يأمن فيها الأب من ابنه، والأخ من أخيه، بل إن السيدة الأولى (موزة) نفسها تآمرت على زوجها لصالح ابنها المفضل تميم، الطيع لها والأكثر خضوعا للأمريكان والذراع المحمولة للإخوان. إنها السارق الحالم بدور إقليمى فى ظل غياب الدول العربية الكبرى: مصر، سوريا، العراق، معتمدة على نفوذها المالى ودعم الحركات الإسلامية لتصل إلى سدة الحكم، مع تغذية الانقسامات السياسية والعرقية والمذهبية، لتسير على نهج جورج بوش الذى طرحه فى خطابه الشهير حول (مشروع الشرق الأوسط الكبير) متسترا تحت شعار: (تطوير الديمقراطية فى العالم العربى)».

من ناحية أخرى، فإن قطر التائهة بين الصحراء والبحر قد أصبحت حاضرة فى كل مكان، وأضحت كل الطرق تؤدى إلى الدوحة، «وانتقلت من مجرد قرية للصيادين، فى مستهل القرن العشرين، إلى دولة ذات حضور عالمى، والبركة فى دفتر الشيكات الذى حول الخيمة والنخلتين إلى دولة لها عاصمة».

فى الفصل الأول «تمتلك العالم بفلوسها.. ولا عزاء للحضارة»، تشير حنان أبوالضياء إلى السعار القطرى الهستيرى لتلفيق حضارة لا تملك منها شيئا، فهى تعرض الملايين لشراء منزل المفكر المصرى الكبير عباس محمود العقاد، وتدفع مئة مليون للاستحواذ على قصر السياسى المصرى البارز فؤاد سراج الدين فى جاردن سيتى، ثم تضيف مؤلفة الكتاب: «ومن المعروف أن دولة قطر أصبحت أكبر مشتر للتحف الفنية فى العالم بعد موجة إنفاق ضخمة للعائلة المالكة لتعزيز محفظتها الثقافية قبل مونديال ٢٠٢٢».

حمى الشراء بمثابة الدليل الأكبر على تدنى مستوى العائلة الحاكمة القطرية وعدم وجود جذور تاريخية لها، لذلك تشترى المقتنيات بأغلى الأسعار فى محاولة للظهور بأنهم يهتمون بالفن والتاريخ، وخلال شهور قليلة دفع حكام قطر أكثر من مليار دولار على هذه الأمور، يشبه الكثيرون ما تقوم به قطر من تغلغل فى مختلف دول العالم بما قام به الصهاينة، الذين استخدموا قوتهم المالية والإعلامية لتحقيق أحلامهم، لكن الفارق الجوهرى هو عجز القطريين عن تدبر أمورهم الشخصية داخل بلدهم دون الاعتماد على الأجانب، فكل مديرى هيئاتهم الاستثمارية هم من الغربيين، ومعظم موظفى قنواتهم الإعلامية من غير القطريين، وحتى رجال الدين هم عبارة عن أشخاص غير قطريين تم تسويقهم حتى يلعبوا الأدوار التى تتطلبها المصالح الاستعمارية فى العالمين العربى والإسلامى، أمثال مفتى الناتو يوسف القرضاوى!!

على الرغم من أن إمارة قطر تعد إحدى أصغر الدول العربية من حيث المساحة وعدد السكان، فإن حضورها الاقتصادى لافت مثير. العالم بالنسبة إليها «سوبر ماركت» يمكن شراء كل شىء فيه، وتستثمر قطر عائدات الغاز الطائلة فى كل المجالات، من الصناعات الثقيلة والتحويلية إلى دور الأزياء الشهيرة وفرق كرة القدم الكبرى!

الدوحة تسعى إلى شراء التاريخ، لأنها لا تملك تاريخا، وقد استولت قطر على ما تيسر لها من حضارات دول الربيع العربى من خلال ثلاثة منافذ، الأول ظاهره خير ومنتهى التحضر، حيث شعارات البعد الريادى فى المحافظة على الحضارة، ويتمثل فى بعثات تنقيبية عن الآثار أو للمحافظة على الوجود بها كما فى تونس واليمن، أو الاستعانة بعمليات البيع والشراء مستغلة الظروف الاقتصادية السيئة، إلى جانب الجهل باعتبار أن الآثار أصنام كما فى السودان أو «سرقة وش» كما حدث فى مصر من سرقة للعديد من مقتنيات المتحف الإسلامى وكما فى سوريا والعراق، وظهر معظمها فى قطر.

ما السر فى قوة الخيمة والنخلتين؟! تجيب حنان عن هذا السؤال: «ترتكز الاستراتيجية الاقتصادية فى قطر على سياسة تنويع مصادر الدخل، عن طريق فتح استثمارات جديدة مستغلة فائض الدخل الناتج عن الغاز والنفط، ولدى قطر جهاز للاستثمار معنى باكتشاف الفرص الاستثمارية حول العالم وضخ الأموال بها، وتمتلك قطر صندوق ثروة سيادية تقدر قيمته بنحو ٢٠٠ مليار دولار، وبدأ توجيه اهتمامه بالمشروعات القائمة فى البلدان التى تعانى من عدم استقرار اقتصادى، مثل دول الاتحاد الأوروبي، ودول الربيع العربى». إن تاريخ قطر الهامش، وخبرتها السياسية الضئيلة، لا يمكن أن يؤهلاها للدور الذى تلعبه، أو تحاول أن تلعبه فى العالم، لكن كلمة السر هى المال الذى يفتح الأبواب ويغلق العقول.

دويلة بلا تاريخ

وفي الفصل الرابع من الكتاب تؤكد حنان أبوالضياء، على أن قطر هى تلك الدويلة التى لا يعرف أحد ما يدور فى أغوارها، والتى لا تملك تاريخا ولا أصولا تمتد إليها، وهو ما ينطبق فى المقام الأول على حكامها: «فبينما تحاول أسرة آل ثانى التأكيد على أنهم جاءوا إلى قطر فى بداية القرن الثانى عشر الميلادى، نازحين من واحة (يبرين) الواقعة على بعد ٢٠٠ كيلومتر جنوب غربى قطر فى أراضى المملكة العربية السعودية، وأن قبائل قطر سلمت بزعامتهم بسبب حاجة هذه القبائل إلى من يجمع شملهم وينهى خلافاتهم من بعضهم البعض، وإلى من يقودهم فى الدفاع عن أرضهم وأموالهم وأرواحهم ضد اعتداءات المغيرين على شبه جزيرة قطر».

فى مقابل هذا الزعم، يؤكد الدكتور حسام الدين الخلاصى، الكاتب والمحلل السياسى السورى، أن أصول آل ثانى تعود إلى أصول يهودية، وأن هناك وثائق فى متحف مكتبة بياسيا، الكائنة بشارع رقم ٧٥٤/ ثان فى إسطنبول، تكشف عن الأصول اليهودية للأسرة.

وأكد الكاتب أن «قطر أرسلت إلى الجانب التركى لاستعادة هذه الوثائق، ولكن الجانب التركى رفض بدعوى أن هذه الوثائق ملك للتاريخ، ولا يجوز لأحد أن يتصرف فيها»، كما أكد الكاتب أن «أمير دولة قطر حاول شراء صور ضوئية حصل عليها الخلاصى من المكتبة، خوفا من تسريبها، ولكن الخلاصى رفض العرض القطرى».

من ناحية أخرى، فإن قطر التى تنفق المليارات تحت مظلة الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، دويلة لا متسع فيها لشىء فى الديمقراطية وحقوق الإنسان. فى ظل حكم الأمير حمد، تسجل قطر الانتهاك الأكبر لحقوق الإنسان، «إذ نزع بشكل تعسفى جنسية أكثر من ٧ آلاف شخص من أفرادها، والتهم أنهم ناصروا والد المخلوع عندما أجرى حمد انقلابا واسعا ضده وأزاح فيه قسرا عن الحكم ونفاه خارج البلاد».

آل مرة فى ضحايا النظام الذى يتاجر بحقوق الإنسان، وهناك قضية إنسانية أخرى حركت المشاعر لقسوتها، وهى الحكم بالسجن المؤبد على الشاعر محمد بن الذيب العجمى، وهو ما يمثل إجهاضا فاضحا للعدالة، ذلك أنه متهم بتوجيه النقد إلى «الذات الأميرية»، وهذه التهمة فى قطر تعد «خيانة عظمى»، وهو ما أثار ضجة واسعة لدى المنظمات الإنسانية التى انتقدت قطر على ازدواجيتها فى التعامل مع الشأن الإنسانى الداخلى.

منظمة العفو الداخلى وصفت الحكم بالخيانة العظمى للمبادئ الإنسانية، وقال فيليب لوثر، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فى المنظمة: «من المؤسف أن قطر التى تحب أن تظهر دوليا بلد يشجع حرية التعبير، وينغمس بانتهاك صارخ لهذا الحق».

وأضاف لوثر: «كل المعلومات المتاحة تشير إلى أن العجمى سجين رأى، وتم سجنه بسبب كلماته، وينبغى الإفراج عنه فورا وإلغاء إدانته».

ووجه روبرت ألتمان، رئيس منظمة العفو الدولية السابق فى لوكسمبورج، رسالة إلى حكومة بلاده يحذرها فيها من «زواج المصلحة» مع قطر، وقال: «كيف يمكن أن يفهم المرء قيام قناة الجزيرة الفضائية القطرية بدعم الثورات فى تونس ومصر وليبيا، ثم تمنع قطر نفسها قصيدة كتبها شاعر قطرى يذكر فيها (الربيع العربى)». وذكر ألتمان فى رسالته العديد من النقاط والتساؤلات الموجهة لحكومة لوكمسبورج، متسائلا: «هل تعرف الحكومة بأن قطر لا تحترم حرية الرأى؟».

ثلاثي الشر

التحالف الثلاثى بين قطر وتركيا وجماعة الإخوان، لا يصب بطبيعة الحال فى خدمة المصالح العربية، ولم تعد المسألة بحاجة لمزيد من الدلائل، لتكشف عن أن تركيا وقطر تعملان بكل السبل لمحاربة أى حل سياسى للمسألة السورية، وأنهما على استعداد لاستخدام تنظيم القاعدة بأفرعه وتسمياته المختلفة كى يتم عرقلة الحل الذى تعتبرانه الضربة الأخيرة لمشروعهما الخاص.. إنه محور الشر بين رجب طيب وتابعه الأمير تميم بن حمد. لقد شكلت قطر الداعم المالى الرئيسى لأنظمة الحكم الجديدة فى القاهرة وتونس، إبان الوجود الإخوانى فى سدة الحكم، ووفرت بحسب مسئولين قطريين مليارات الدولارات من المساعدات للرئيس الإخوانى محمد مرسى. لا تملك قطر مقومات الدولة المحاربة، لكنها تملك المال، وهذا المنطق فى الإنفاق لا يجعل قطر دولة بقدر ما يجعلها بنكا، والبنوك لا تلعب أدوارا سياسية بطبيعة الحال، لكن الدوحة أرادت أن يكون لها هذا الدور، متوهمة أنها دولة عظمى تطبق دبلوماسية الشيكات والحقائب المليئة بالنقود!

الجيش القطرى يتكون فى باكستانيين وبنغال، والدوحة تحتلها القوات الأمريكية برضا حكامها، فأى دولة عظمى هذه؟!

أدوار قطر القبيحة فى ليبيا وسوريا

من «خيمة ونخلتين» و«كشك فى الخليج».. إلى وهم الدولة العظمى أدوار قطر القبيحة فى ليبيا وسوريا.. والدعم السخى للإرهاب تنظيم كأس العالم.. فساد ورشاوى وعمالة بلا حقوق «الجزيرة» جاسوس فضائي وأداة تنفيذ الأحلام الإسرائيلية .. وفضيحة الشريط الذى قدمته القناة لإدانة «بن لادن»

دولة بلا تاريخ أو حضارة، تنفق ببذخ يتجاوز حدود الخيال لشراء التاريخ والحضارة، لكن اليقين الراسخ أن هناك أشياء كثيرة لا تشترى، والتاريخ والحضارة فى الصدارة. قطر دويلة صغيرة، لا يزيد طولها على مائة وستين كيلومترا، أما العرض فيقل عن المائة كيلو.. عدد السكان محدود بالتبعية، والثروة الطائلة هبة سخية من الطبيعة، فهل يمكن للثراء المادى وحده أن يصنع دولة عظمى؟ «ثرى حرب» مصطلح شهير عند الحديث عمن يصعدون اقتصاديا فى أجواء الحرب المضطربة، بكل ما يصاحبها من متغيرات لا ضوابط فيها أو قواعد، ويمكن القول إن إمارة قطر لا تختلف كثيرا عن أثرياء الحرب هؤلاء، الذين يبحثون فى اندفاع جنونى أهوج عن وجاهة لا وجود لها، ويدفعون الملايين لشراء لقب يتوهمون أنه يمنح المكانة ويصنع تاريخا.

خيمة ونخلتين

قطر، وفق تعبير الرئيس عبدالناصر، مجرد «خيمة ونخلتين»، أو هى كما يقول السادات «كشك فى الخليج»، فكيف تنشأ فكرة مقارنتها مع مصر؟!

يتوقف الفصل السابع فى كتاب حنان أبوالضياء، الذى يحمل عنوان «العملاقة والقزمة.. مصر وقطر» أمام عدد من الوثائق التى تبرهن على عمق الكراهية القطرية لمصر، وهى كراهية منطقية مبررة جراء البون الشاسع بين الحضارة واللاحضارة، الشعب واللاشعب، ولعل أهم هذه الوثائق ما تم تسريبه من خلال موقع «ويكليكس»؛ حيث تأكيد رئيس وزراء قطر ووزير خارجيتها حمد بن جاسم لإسرائيل أن الدوحة تتبنى خطة لضرب استقرار مصر بعنف بإشعال الفوضى عن طريق قناة «الجزيرة»، وفى لقاء سرى جمع بين جاسم ومسئول إسرائيلى كبير وصف حمد مصر بـ«الطبيب الذى لديه مريض واحد، ويفضل أن يستمر مرضه لفائدته الخاصة»، واعتبر بن جاسم أن المريض الذى لدى مصر هو «القضية الفلسطينية» فى إشارة منه إلى أن مصر تريد إطالة أمد القضية الفلسطينية دون حل حتى لا تصبح مصر بلا قضية تضعها فى منصب القائد للمنطقة العربية.

قطر ومصر

العلاقة بين قطر ومصر إبان حكم ناصر والسادات ومبارك كانت فى الإطار الذى يفرضه الواقع التاريخى والحضارى والجغرافى للدولتين، لكن مع وصول الإخوان إلى السلطة انقلب الهرم على رأسه فأصبحت الدولة القزمة بأموالها عملاقا أمام مصر التى ابتليت بالسرطان الإخوانى، ولذلك عندما شفيت مصر من الطاعون العابر المؤقت جن جنون القطريين وحكامها؛ فقد كانت الإمارة الصغيرة قاب قوسين أو أدنى من احتلال العملاق اقتصاديا وقد قدمت «الفاينانشيال تايمز» مقالا مطولا تشرح فيه تأثير إزاحة مرسى على السياسة الخارجية القطرية وترى فى ذلك التحول ضربة موجعة للرهان القطرى على الإخوان ويذكر كاتب المقال أن المراقبين كانوا يتخوفون على أمير قطر الجديد من تقلبات المنطقة لكنهم لم يكونوا يتوقعون أن يحدث ذلك خلا أسبوع واحد.

لقد تبلورت ملامح التحالف الاستراتيجى بين قطر والإخوان المسلمين فى ظل ما يسمى «الربيع العربى» حيث دعمت قطر ماليا وإعلاميا حركات الإسلام السياسى فى كل من تونس ومصر وليبيا واليمن ثم سوريا كما قامت الجزيرة بتوثيق وتغطية نشاط الحركات الاحتجاجية فى بلدان الربيع العربى ومقابل هذا الدعم لما يسمى «الثورات العربية» جاءت تغطيتها لأحداث البحرين مارس ٢٠١١ ضعيفة إلى حد كبير ما لفت النظر إلى أن السياسة القطرية تنطلق من منطلق عقائدى يتعلق بتعزيز مصالح الإسلام لاسنى ويدلل أصحاب هذا الرأى على تحليلهم هذا بصمت الجزيرة على الاضطرابات التى حدثت فى الجزء الشرقى فى السعودية وهى المنطقة ذات التركيز الشيعى وتغطيتها الهزيلة لتوترات البحرين بينما سلطت الضوء على سوريا وكذلك ما يثار حول تمويلها لجماعات الإسلام السياسى فى مصر.

أدريانا إيفا نجليتا الكاتبة والشاعرة الفرنسية تصف حمد بن خليفة بالشيطان وتتهمه بخيانة العرب والسلام وعلى حد تعبيرها: «يجب أن نرى ما فعل فى ليبيا وما يستمر بالقيام به فى سوريا» ثم تتساءل: «كيف يمكن له أن يكون غير ذلك خاصة عندما نعلم أنه يزور إسرائيلى بشكل سرى للتنسيق مع قادتها وأن قناة الجزيرة لم تبث أى مقطع فيديو يظهر زياراته إلى إسرائيل لأنها تفضل أن تبث معلومات كاذبة حول ما يجرى فى سوريا لدفع العالم للاعتقاد بأن الجرائم التى يرتكبها الإرهابيون الذين تمولهم قطر من عمل الحكومة السورية ولكن الإسرائيليين أنفسهم نشروا ذلك المقطع بدلا منها لأنه من الواضح أن الصهاينة لا يعرفون الاحتفاظ بالسر»!.

الخزينة التى لم يفتحها أحد

يكشف كتاب «قطر.. أسرار الخزينة التى لم يفتحها أحد» من خلال تقارير المخابرات الفرنسية التى حصل عليها المؤلفان كريستيان تشينو وجورة مالبونو عن أن تمويل قطر للإخوان والجماعات الإسلامية كان مثار قلق المسئولين الفرنسيين الذين دخلوا فى مواجهة أكثر من مرة مع القطريين بسببها.

وينقل الكتاب تفاصيل مقابلة جرت بين أحد الوزراء الاشتراكيين الجدد فى الحكومة الفرنسية ومحمد الكوارى السفير القطرى فى باريس قال فيها الوزير الفرنسى للسفير: «نحن لدينا مشكلة مع قطر نريد أن نعرف كيف تفكرون بالضبط ما سياستكم؟.. أنتم تقدمون التمويل للإسلاميين وتمويلكم للإخوان فى تونس بالتدحيد يثير قلقنا».

وفى كتابه «نهاية القذافي» يقف وزير الخارجية الليبى الأسبق وممثل ليبيا فى الأمم المتحدة عبدالرحمن شلتم عند الدور القذر الذى لعبته قطر فى محاولتها مصادرة إرادة الشعب الليبى والتدخل فى شئون ليبيا الداخلية بغية تحقيق حلم أمير قطر الشيخ حمد بتزعم اتحاد إسلامى فى شمال إفريقيا.

جاء قرار قطر بالمشاركة فى التدخل الدولى من خلال «الناتو» فى ليبيا وأحيانا من وراء الستار بمثابة تحول فى السياسة القطرية التى كثيرا ما اعتمدت على دبلوماسية الوساطة ومحاولة الظهور بمظهر الوسيط المحايد بين أطراف النزاعات المختلفة وقد قدمت قطر لـ«الثوار» دعما ماديا ومعنويا كبيرا من خلال امدادات السلاح والتدريب وإغداق الأموال وتغطية قناة الجزيرة التى سلطت الضوء على الممارسات الوحشية لنظام القذافى كما كانت قطر من أولى الدول التى اعترفت بالمجلس الانتقالى الوطنى واستضافت أول مؤتمر دولى لإعادة إعمار ليبيا بعد مقتل العقيد معمر القذافي.

فى علم الاجتماع: النفوذ أو السلطة يعنى امتلاك قوة ضخمة نسيج العلاقات الاجتماعية تمكن المرء من تنفيذ رغبته دون نظر إلى مدى شرعيتها ومطابقتها للقوانين والأعراف الاجتماعية وفى هذا الإطار تلعب قناة الجزيرة دورا متميزا فهى تمكن قطر فى التأثير على الأوضاع الداخلية فى أنظمة معينة بتصعيد الحملات التحريضية وبالنسبة لامتلاك النفوذ لدى القطريين فإنها عملية يمتزج فيها المال بالقدرة على التنفيذ والتخطيط بالمساندة الإعلامية ويمكن فهم ذلك بالنظر إلى طبيعة العلاقة التى تجمعهم بحركة الإخوان المسلمين.

قناة الجزيرة

قناة الجزيرة ذات تاريخ طويل حافل فى ساحة الكذب والتضليل وعند اكتشاف الكذب تتم التضحية بواحد من صناع الجريمة لاستكمال مسيرة النفاق الإعلامى وهذا ما حدث عند إقالة مجلس إدارة شبكة الجزيرة مديرها العام وضاح خنفر وتعيين الشيخ أحمد بن جاسم آل ثانى بديلا له بعد تسريبات ويكيليكس التى كشفت عن علاقة خنفر واتصالاته بأجهزة أمريكية والطريف أن هذه الإقالة جاءت بتوجيه من أمير قطر السابق الذى طالب بالتحقيق فى صحة المعلومات الواردة فى التسريب.

كان وضاح يعد تقريرا مكتوبا عن الأعمال والمواضيع التى تعالجها الشبكة بصفة دورية كل عدة أشهر ويسلمه لمسئولة الشئون العامة بـ«بي. آي. إيه» كما كان يتلقى تعليماته منها مباشرة أو عن طريق وزارة الخارجية القطرية التى كانت تمثل حلقة الوصل بين إدارة الجزيرة والمخابرات الأمريكية وقد أوضحت الوثيقة المسربة من السفارة الأمريكية فى الدوحة أن تعليمات المخابرات المركزية للشبكة كانت تقضى بضرورة التغطية على الجرائم التى ترتكبها قوات الاحتلال الأمريكية فى العراق ذكرت الوثيقة ما يشبه التوبيخ الذى تلقاه مدير الجزيرة جراء تغطية الشبكة لجرائم الاحتلال ضد المدنيين فى دمينة تلعفر العراقية كما كشفت الوثيقة عن قرار لخنفر بوضع بعض القيود على طبيعة العمل ببعض أقسام الشبكة التى بثت بعض المواد التى أزعجت الاحتلال الأمريكي.

ولأن قطر هى الذراع القذرة للعدو الصهيونى فى المنطقة العربى فالطبيعى أن قناتها المحركة للأحداث يجب أن تكون تابعة شكلا وموضوع لإسرائيل وقد كشف الكاتب الفرنسى تيرى ميسان عن أن القناة قد تأسست بمعرفة آخرين فرنسيين يحملان الجنسية الإسرائيلية دافيد وجان فريدمان استعانا بقطر من أجل إظهار محطتهما هذه على أنها قناة عربية ولفت الكاتب الفرنسى فى مقاله أن قطر قامت بتمويل القناة من خلال قرض وصل إلى ١٥٠ مليون دولار على مدى خمس سنوات إضافة إلى دفعة مقدمة من الأخوين فريدمان قبل أن تصبح قطر فى وقت لاحق هى الممول الوحيد للقناة.

فضيحة مدوية

من حيث لا تدرى فجرت محطة «سى إن إن» فضيحة مدوية بطلتها محطة الجزيرة عرضت القناة الأمريكية لقاءً تليفزيونيا أجراه مراسل الجزيرة فى أفغانستان مع أسامة بن لادن بعد أحداث سبتمبر ٢٠٠١ ولم يعرض الشريط على المشاهدين العرب ذلك أن الجزيرة قد سلمت الشريط للمخابرات الأمريكية وهو الشريط الذى اعتمدته الإدارة الأمريكية كدليل قاطع على مسئولين بن لادن عن الهجوم الإرهابى وأطلعت عليه رؤساء باكستان وروسيا والصين وامتنعت عن الكشف عن المصدر الذى قدم لها الدليل.

كان الشريط هو الدليل الحاسم وقد سارعت محطة الجزيرة إلى إصدار بيان يقول إنها لم تعرض الشريط لأنها لم تجد فيه ما يستحق العرض من الناحية الإخبارية وهو تبرير يستحق السخرية بطبيعة الحال ذلك أن الشريط مليء بما يستحق أن يعرض.

تبعية الجزيرة والمخابرات القطرية للولايات المتحدة لا موضع فيها للشك وليس أدل على ذلك من أن القناة لم تتعرض من قريب أو بعيد للقاعدة الأمريكية الضخمة الموجودة فى قطر ولم تشر يوما إلى اتفاقية الاقتصاد والغاز بين قطر وإسرائيل تعمل الجزيرة جاهدة على زراعة الفتنة والفرقة إنها تنفذ منذ اليوم الأول لظهورها مخطط منشئيها الآخرين فريدمان فالهدف الأساسى هو خلق مجال يستطيع أن يتحاور عبره الصهاينة والعرب بحرية ويمكن لهم أن يتبادلوا الأفكار والرؤى وهو حوار يتعذر وجوده فى ظل حالة الحرب والرفض الشعبى العارم لفكرة التطبيع.

لقد لعبت الجزيرة دورا مهما لا يستهان به فى وصول جماعة الإخوان المسلمين إلى الحكم فى المنطقة العربية ومصر تحديدًا بداية من المكالمة الهاتفية التى أجراها السجين الهارب محمد مرسى مع القناة عند هروبه بهاتف الثريا وقد تم إجراء هذه المكالمة لحماية الإخوان الهاربين من السجن فى حالة فشل الثورة ولذلك قام محمد مرسى بإعلان أسماء كل الهاربين معه من الإخوان والطريف أن تلك المكالمة قد انقلبت عليه وأصبحت وثيقة ضده!.

فضيحة تنظيم كأس العالم

لا شك أن العالم قد ضرب أخماسًا فى أسداس عند فوز قطر بحق تنظيم كأس العالم وأسباب الدهشة عديدة ومنها على سبيل المثال الارتفاع غيد العادى فى درجة الحرارة بعد فترة قصيرة من إعلان الخبر المثير بات واضحا أن «دفتر الشيكات» قد لعب دوره باقتدار وكفاءة وتشير صحيفة «الإندبندنت» البريطانية إلى المناخ العام المصاحب لفوز قطر عندما تكتب: «رغم تصاعد الأصوات المطالبة بتغيير موعد أو موقع بطولة كأس العالم لكرة القدم فى قطر عام ٢٠٢٢ فإن ذلك أمر مستبعد رغم وجود سوابق تاريخية له».

وتضيف الصحيفة: «إن القضية لا علاقة لها بكرة القدم لكنه التحالف المشبوه خلف الكواليس منذ عام ٢٠١٠ لمنح حق تنظيم البطولة لروسيا فى عام ٢٠١٨ وقطر فى عام ٢٠٢٢».

وأشارت الصحيفة أيضا إلى أن الاتحاد الدولى لكرة القدم قد اتخذ هذا القرار ضاربا عرض الحائط بنصائح فريق التفتيش الذى أكد فى تقريره أن إقامة مباريات كأس العالم فى قطر محفوف بالمخاط والخوف من درجات الحرارة المرتفعة فى البلد الخليجي.

وتابعت الصحيفة مؤكدة أن صفقة الفيفا مع قطر تفوح منها رائحة الفساد والرشوة والمخالفات المالية الجسيمة وقالت إن رئيس الاتحاد «سيب بلاتر» قد فشل فى أن يوضح على نحو مقنع السبب فى منح قطر حق التنظيم بل إنه أقر قبل شهور من الموافقة أنه من غير المنطقى إقامة المباريات تحت حرارة صيف قطر الحارقة.

لا عيب أن تكون قطر إمارة صغيرة ثرية لكن الكارثة هى الإصرار على القيام بدور لا تملك مؤهلاته على الساحتين الإقليمية والدولية ولا سلاح لها إلا دفتر الشيكات تتوهم أنها قادرة به على شراء التاريخ والحضارة والدور المستحيل

 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى