نون والقلم

عداء الدوحة لمصر.. لماذا؟

العداء القطري لمصر بات مفضوحاً، ومحاولات الإساءة للنظام المصري، والتشكيك في الإنجازات، ومحاولات بثّ الفتنة بين المصريين، تكاد تكون خبزاً يومياً في وسائل الإعلام القطرية.

وإذا أضفنا لهذا القصف الإعلامي اليومي، المواقف الدبلوماسية القطرية التي يظهر فيها عمق الخلافات بين الدوحة والقاهرة، فإن مشهد العداء القطري لمصر، يكتمل بتبني الدوحة لأطروحات تيار سياسي محظور في مصر، وبتوجيه الآلة الإعلامية القطرية من أجل استهداف مصر، وضرب استقرارها، والسؤال الذي يطرح هنا، لماذا تعادي إمارة قطر، دولة في حجم مصر؟ وما هي الغايات التي تريد الوصول إليها؟

من خلال بعض التسريبات التي نشرت في الآونة الأخيرة، والتي تخص تصريحات وزير الخارجية القطري السابق حمد بن جاسم، وهو مهندس السياسات القطرية، يمكننا أن نفهم خلفيات هذا العداء وجذوره.

صحيفة «الوطن» السعودية قالت إن ابن جاسم «أسس للعلاقات القطرية «الإسرائيلية»، وكان يحلم بتغيير الحكم في السعودية، وأشعل الفوضى في بعض البلدان العربية، وعمل على بث الفتنة في مصر، واستخدم «الجزيرة» للانتقام من الخصوم.» أما موقع «لكل المصريين» فقد نشر مقالاً عن المسؤول القطري السابق قال فيه «بحسب تسريبات موقع «ويكيلكس» فإن ابن جاسم قال إن السعودية لن تعود موجودة بعد 12 عاماً، بل ستقسم إلى دويلات، وأنه أبلغ «إسرائيل» بأن الدوحة تتبنى طريقة لضرب استقرار مصر بعنف اللعب على مشاعر المصريين لإحداث فوضى عن طريق قناة الجزيرة.

تستند الدوحة في مواقفها وفي حملاتها الإعلامية، إلى أن ما حدث في مصر هو عملية انقلاب على الشرعية التي يمثلها الرئيس المخلوع محمد مرسي، وإلى أن النظام المصري قمع اعتصام رابعة بقوّة تراها الدوحة، تتنافى وحقوق الإنسان.

ولكنّها تنسى، أو تتناسى الملايين من المصريين الذين خرجوا إلى الشوارع، واعتصموا عدة أسابيع مطالبين برحيل نظام الإخوان عن السلطة، بعدما تبيّن لهم أن ذلك النظام كان يسعى إلى إدخال مصر في تحالفات تضر بالأمن القومي، وبعدما بدا لهم أن النظام الإخواني، كان له موقف يضر بالمصلحة الوطنية المصرية في ما يتعلق بسدّ النهضة الإثيوبي الذي يشكل خطراً حقيقياً على مصر.

الدوحة، في واقع الأمر، ترى نفسها قد سحبت البساط من تحت القوى الإقليمية في المنطقة، وهي تدرك أن المؤسسة العسكرية في مصر كانت، ومنذ ثورة الضباط الأحرار، هي القوة الرئيسية في البلاد وهي المنتجة للرؤساء، وهي الضامنة لاستقرار المنطقة، وفق معطيات التوازنات الدولية. وعودة المؤسسة العسكرية في الحكم، تعني بالنسبة للدوحة، نهاية عهد حلفائها من الإخوان، وطبعاً فإن هذا لا يرضيها، لأن إخوان مصر هم قاطرة الإخوان في العالم العربي، ونهايتهم في مصر تعني بكل بساطة تضاؤل حظوظهم في البقاء في موقع القيادة.

نهاية إخوان مصر، تعني بالنسبة للدوحة نهاية مشروعها. وفعلاً، فإنّ خروج الإخوان من الحكم في مصر تلاه انسحاب لحركة النهضة في تونس، وتراجع حظوظ حزب العدالة والتنمية في المغرب، في السيطرة المطلقة على المشهد السياسي هناك.

نهاية عهد الإخوان، يعني تراجع الامتداد الجغرافي القطري، كقوة إقليمية تعتمد على دعم حلفائها وتمويلهم من أجل أن تكون هي القوة الفاعلة في المنطقة. وجميعنا يتذكر حجم الدور الذي لعبه حمد بن جاسم في هذا الإطار، وكيف بات يتحكم في الكثير من القرارات العربية. ومن الطبيعي أن يكون نجاح المؤسسة العسكرية المصرية في إسقاط هذا المشروع القطري، سبباً قوياً لعداء الدوحة للقاهرة، ولو كانت الدوحة تمتلك الإمكانات، العسكرية والدعم الدولي، فإنها ما تأخرت في استهداف مصر عسكرياً من أجل نصرة «حلفائها».

هي تجرّأت على سوريا، ولكنها عجزت عن فعل ذلك في الحالة المصرية. فسعت إلى محاولة النيل «إعلامياً» من مصر، وسعت إلى بثّ الفتنة بين مصر وأشقائها في الخليج في مرحلة أولى، ثم إلى دقّ إسفين بين مصر والسودان.

سيستمر العداء لمصر، ما دامت الأخيرة تقف في صف الدول الرافضة لتوظيف الدين لغايات سياسية، وكلما أدركت الدوحة أن مشروعها الإخواني يتهاوى، زاد عداؤها وتآمرها على بلد الأهرام.

خسرت الدوحة كثيراً بعدائها لمصر، وأحلامها في أن تكون الدولة الإقليمية التي تعوض مصر، هي مجرّد أوهام وأضغاث أحلام. لأنّ مناصرة تيار سياسي بعينه ظالماً كان، أو مظلوماً، والسعي إلى تخريب دولة عربية من أجل مصلحة ذلك التيار، هي جريمة ضد دولة، وجريمة ضد شعب عظيم.

نقلا عن صحيفة الخليج

 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى