نون والقلم

رشيد حسن يكتب: دعوات مريبة ..

دعوات مريبة ، وغير بريئة ..لا بل دعوات مغرضة، وصادرة عن جهات معادية، وتعبر عن نوايا سيئة ..وعدوانية ..التي انطلقت جهار نهار بعد مجزرة الاثنين الاسود في غزة يوم الـ 14 من ايار الجاري، تطالب بوقف مسيرات العودة ..التي انطلقت في ذكرى يوم الارض المجيد في الـ 30 من اذار الماضي، ولا تزال مستمرة، بزخم جماهيري يتصاعد اسبوعيا..

ان مصدر هذه الدعوات –اذا ما دققنا – هي جهات معادية لفلسطين وشعبها وقضيتها المقدسة العادلة، وفي مقدمتها العدو الصهيو-اميركي، فهو الجهة الأكثر تضررا، والاكثر انكشافا، من استمرار المسيرات السلمية، وقد سقط القناع عن وجهه العنصري القمعي الفاشي، فاذا به الوجه الاخر للنازية..

وبوضع النقاط على الحروف..

فان نظرة سريعة للمشهد الدولي والاقليمي، تؤكد أن هذا الحراك السياسي والدولي النشط .. والذي تجسد في اجتماعات مجلس حقوق الانسان، وصدور قرار هام بتشكيل لجنة للتحقيق في مذبحة غزة «الاثنين الاسود»..وفي عقد قمة لمنظمة التعاون الاسلامي في تركيا، وصدور عدة قرارت هامة، تؤكد عروبة القدس، وتدين قرار ترامب، وتدعو لحماية الشعب الفلسطينى…الخ، واجتماع مجلس الامن لاكثر من مرة بطلب من دولة الكويت، لمناقشة الاوضاع الخطيرة في غزة، وتشكيل لجنة للتحقيق في جرائم العدو ..الخ.

كل ذلك وأكثر منه لم يحدث صدفة، بل هو نتيجة حتمية لتداعيات مسيرات العودة، واقتراف العدو ابشع الجرائم بقتل المدنيين بدم بارد، واستعمال الاسلحة المحرمة دوليا.

ومن ناحية أخرى.. فالمتابعون للشأن الاسرائيلي، يلمسون مدى القلق الذي بدأ يتسرب الى مفاصل العدو، فها هو الكاتب اري شليط يحمل المستوي السياسي الاسرائيلي «نتنياهو»، مسؤولية تدهور الاوضاع في غزة، ويؤكد ان الاسرائيليين فوجئوا بصبر وصمود الفلسطينيين الاسطوري، واصرارهم على المقاومة، واصرارهم على تقديم الشهداء لم يتعبوا، ولم ييأسوا رغم سنوات الحصار، التي تجاوزت «11»عاما على قطاع غزة، جعلت الحياة الادمية، شبه مستحيلة بشهادة الرئيس الاميركي الاسبق «كلينتون»..

واليوم ها هم الغزيون يفاجئوننا بمسيرات غاضبة، وينجح شبابهم في اجتياز الاسلاك الشائكة والوصول الى الارض التي هجروا منها عام 48.

ويختم جدعون ليفي الكاتب الاسرائيلي الاشهر بالقول:

اسرائيل غير محظوظة، لانها تقاتل شعبا لا يعرف الاستسلام، ويصر على المقاومة، وتحقيق الانتصار والعودة ..

هذه الاعترافات الصهيونية فرضتها مسيرات العودة، ودماء الشهداء الابرار، ومئات الالوف من المتظاهرين الذين يزحفون اسبوعيا وكل جمعة الى الحدود مطالبين بالعودة الى مدنهم وقراهم التي اقتلعتهم منها العصابات الصهيونية، والقتهم في المجهول، وسلمتهم الى معاناة لا مثيل لها مضى عليها سبعون عاما…صهرهم الصفيح الساخن، والقت بهم سنوات الشقاء الى ركوب امواج البحر في قوارب متهالكة، ليلاقوا مصيرهم المجهول

.. نعم، هربوا من الموت الى الموت..

صيحة احرار غزة لامست مسامع أحرار العالم، ونكأت جراح المقهورين، وأعادت تذكيرهم بجرائم أميركا، ودور الامبريالية المتوحشة في افقار الشعوب، ونهب خيرات بلادها، والاستيلاء على مقدراتها، وتحويل هذه الشعوب الى مجرد عبيد واقنان في امبراطورية العم سام، يكدحون ليل نهار لرفاهية الشعب الاميركي.

ان المفارقة الابلغ بعد انتصار اميركا في الحرب الباردة، وشيوع العولمة «الامركة »..

ان الاغنياء ازدادوا غنى، وان الفقراء ازدادوا فقرا ..

وأصبح العالم كله محكوما لعدد من الشركات الكبرى العابرة للقارات، على حد تعبير المفكر الاميركي المعروف نعوم تشومسكي.

نجزم ان مسيرات العودة التي فاجأت العدو، هي من ابداعات الشعب الفلسطيني النضالية، بحكم خبرته ومخزونه الكفاحي المجيد عبر مائة عام.

..ونجزم أن هذه المسيرات فاجأت العدو بالطائرات الورقية المشتعلة، واطارات الكاوتشوك المحترقة، وجرأة وشجاعة شباب المسيرات الذين نجحوا أكثر من مرة في ازالة الاسلاك الشائكة، والوصول الى ارضهم المحتلة عام 48.

ونجزم أيضا انهم ادهشوا شعوب العالم بجرأتهم وحبهم للحياة، وبالاصرار على سلمية المسيرات، واحرجوا الدول الشقيقة التي لم ترق بمواقفها السياسية الى تضحيات هذا الشعب .. شعب الجبارين.

وها هي تحرج العدو الصهيوني، فيحاول الهروب الى الامام بارتكاب المجازر، والتي لن تفت في عضد هذا الشعب.. أو التلويح بحلول جزئية لا تشفي غليلا، ولا ترجع لاجئا واحدا…

باختصار..

الانجازات الكبيرة التي حققتها مسيرات العودة.. رغم جسامة التضحيات .. تفرض استمرارها في اطارها السلمي .. لا بل تطويرها، بعد الاختراق الكبير الذي حققته وعلى كل المسارات وخاصة في وقوف الرأي العام العالمي مع الشعب الفلسطيني، وادانة المذابح الصهيونية، والمواقف الاميركية، ومطالبة الهيئات الدولية بتشكيل لجان تحقيق، وحماية الشعب لفلسطيني من ارهاب ومجازر الاحتلال.

المجد للمرابطين الذين يصرون على بقاء الجذوة مشتعلة لكنس الغزاة الصهياينة..

والعار للمشككين المتأسرلين.

نقلا عن صحفية الدستور الأردنية

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى