نون والقلم

تنصيب الإمبراطور ترامب !

هكذا هي السياسة، خلطة عجيبة من التناقضات في كل شيء، في البشر وسلوكهم في الأفكار والتوجهات والوعود والبرامج، السياسة ليست لعبة الأخيار ولا وظيفة الطيبين كما يقول الفلاسفة، لكنها فن الممكن وفن سياسة العباد وتدبير المصالح أيضاً، يمكنك في السياسة أن تجمع الأعداء في مكان واحد وجهاً لوجه دون أن يبدو على ملامح أي واحد منهم ما ينم عن أية مشاعر، ستجدهم كلهم بلا استثناء مبتسمين يتحدثون بأعصاب باردة تماماً، ولذلك هم سياسيون!

في حفل التنصيب الأغلى والأضخم لرئيس أميركي في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية منذ تولي الرئيس جورج واشنطن الحكم عام 1789، لم تشهد واشنطن هذا الحضور غير المسبوق ولم تتخذ كل تلك الإجراءات الأمنية المشددة، بدا الحفل بكل إجراءاته وتفاصيل تفاصيله وكأنه حفل تنصيب إمبراطور بكل معنى الكلمة، كان ينقص المشهد وضع التاج على رأس دونالد ترامب الذي بدا منتشياً ومنتفشاً كطاووس وفي عينيه تلك الابتسامة الساخرة يطل منها على كثيرين ممن ناصبوه العداء ووقفوا ضده وتحدوه أن ينجح في الوصول لسدة الرئاسة!

بدت هيلاري كلينتون وهي تتكئ على ذراع زوجها الرئيس الأسبق كمن مازالت تعاني آثار الهزيمة الساحقة على يد ترامب، هي التي كانت قاب قوسين أو أدنى من بوابة البيت الأبيض، لقد جاءت مدعوة لحضور تنصيب خصمها رئيساً للولايات المتحدة وللعالم، كانت تقف طوال الوقت ربما كانت تتسلى بتذكر تلك المواقف التي لا تنسى، وخاصة يوم لوح ترامب في وجهها خلال إحدى المناظرات قائلاً: أنت كاذبة كاذبة، حين سأصبح رئيساً سأسجنك، رغم ذلك فإن لعبة السياسة اقتضت أن تضع تدوين مجاملة على حسابها في تويتر «أحضر اليوم بكل اعتزاز حفل تنصيب الرئيس الأميركي»، وذلك قبل أن تتوجه لمبنى الكابيتول حيث إجراءات التنصيب.

بدت ميلانيا ترامب زوجة دونالد ترامب اليوغسلافية الأصل هي الرابح الأكبر بعد أن تم تعرية ماضيها أمام الجميع، وخاصة تلك الصور العارية لها على صفحات مجلة الفضائح بلاي بوي، كانت تسير كملكة تحمل الإنجيل وفي منتهى الأناقة والوقار، بينما بدت أسرة الرئيس الجديد تجسيداً حياً لفكر ترامب وللشخصية الأميركية الأنجلوسكسونية التي يمثلها، التي هلل وصفق لها ملايين الحضور ممن شهدوا الحفل.

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى