نون والقلم

السيد زهره يكتب: المدافعون عن إيران .. المدافعون عن الإرهاب – 1

قبل أن نناقش الاستراتيجية الأمريكية الجديدة في مواجهة إيران التي أعلنها وزير الخارجية بومبيو، وما إذا كانت سوف تنجح فعلا في ردع إيران ووضع حد لإرهابها في المنطقة، هناك قضية مهمة يجب أن نتوقف عندها.

منذ أن أعلن الرئيس ترامب قرار الانسحاب من الاتفاق النوي مع إيران، وأعلن بومبيو بعد ذلك ملامح الاستراتيجية الجديدة، يتم شن حملة ضخمة سياسية وإعلامية في أمريكا وأوروبا انتقادا لترامب وسياسته الجديدة، ودفاعا عن إيران.

هذه الحملة يشنها اللوبي الإيراني في أمريكا والمتعاطفون معه. وليس هذا بالأمر الغريب. الغريب أنه يشارك في هذه الحملة دوائر سياسية وإعلامية في الدول الأوروبية، رسمية وغير رسمية، وتتبنى نفس منطق وحجج اللوبي الإيراني.

في الأيام الماضية، قرأت عددا كبيرا من كتابات وتحليلات المشاركين في هذه الحملة، ووجدت أن من المهم أن نكون على بينة من المبررات والحجج التي يقدمها هؤلاء لرفض الاستراتيجية الأمريكية الجديدة ودفاعا عن إيران، وما الذي تكشف عنه بالضبط.

أول هذه الحجج والمبررات القول بأن انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي والاستراتيجية التي أعلنها بومبيو، سوف تقود في النهاية إلى نشوب حرب جديدة في المنطقة.

هذا في الحقيقة منطق غريب ومرفوض كمبرر للدفاع عن النظام الإيراني لأسباب كثيرة.

المنطقة تشهد منذ سنين طولية حروبا مدمرة كثيرة. هذه الحروب تجري على الساحة العربية، والدول العربية دفعت ثمنا فادحا لهذه الحروب. دول عربية تدمرت وتشردت شعوبها.. مدن عربية تم تدميرها بأسرها تقريبا.. مئات الآلاف قتلوا.. وهكذا.

على امتداد هذه السنوات الطويلة لم نسمع أحدا من هؤلاء الذين يدافعون عن النظام الإيراني في الغرب ينتقدون هذه الحروب أو يطالبون بوقفها. فلماذا اذن، حين يتعلق الأمر بما يعتقدون انها حرب يمكن ان تندلع تتعلق بإيران يصرخون اليوم ويحذرون من الحرب والدمار؟

السبب بطبيعة الحال أن هؤلاء المدافعين عن إيران والمنتقدين لترامب وسياساته كانوا دوما من المدافعين عن مشروع الهيمنة الإيرانية في المنطقة، وكان يسعدهم باستمرار أن يروا دولا عربية يجري تدميرها وشعوبا عربية يتم تشريدها. ولهذا صمتوا تماما عن هذه الحروب وهذا الدمار. لكن جن جنونهم حين تصوروا أن حربا يمكن أن تندلع وتكون إيران ضحيتها.

بعيدا عن هذا، حقيقة الأمر أنه ليس صحيحا أن الاستراتيجية الأمريكية الجديدة ضد إيران سوف تفجر حربا. لا أمريكا تريد هذه الحرب بأي شكل، ولا إيران على استعداد لأن تخاطر أبدا بالدخول في أي حرب مباشرة.

كل ما في الأمر إذن أن الحديث عن خطر الحرب هو مجرد محاولة للترهيب والتخويف على أمل ان يقود هذا إلى اقناع أمريكيا بمراجعة استراتيجيتها.

ومن أكبر الحجج والمبررات التي يقدمها المدافعون عن إيران في الغرب القول بأن الهدف الحقيقي للاستراتيجية الأمريكية الجديدة هو تغيير النظام في إيران، وأن هذا التدخل في الشؤون الداخلية لإيران أمر مرفوض ويتناقض مع القانون الدولي والمواثيق الدولية.

وحتى لو افترضنا أن ما يقولونه صحيح وأن أمريكا تريد فعلا العمل على إسقاط النظام في إيران، فمنطق هؤلاء فاسد ومستفز.

على امتداد السنوات الطويلة الماضية، سعى النظام الإيراني بكل ما يملك من أدوات إرهاب، وجند كل إمكانياته هو وعملاؤه في المنطقة، من أجل محاولة إسقاط نظم الحكم في أكثر من دولة عربية. وقد رأينا في حالة مثل العراق كيف أن الأمر لم يقتصر على التدخل في شؤونه، وإنما سعى النظام الإيراني إلى السيطرة على مقادير العراق بمليشياته الإرهابية وبكل ما يملك من أدوات إرهاب للشعب العراقي.

كل ما فعله النظام الإيراني على هذا النحو من تدخلات إجرامية سافرة ومحاولات لإسقاط نظم الحكم العربية وإشعال الصراعات الطائفية هو بالذات ما دأب هؤلاء الذين يدافعون عنه اليوم على تأييده.

بأي وجه إذن يحق لهم أن ينصبوا أنفسهم مدافعين عن القانون الدولي ويتباكون على التدخل لتغيير النظام؟

في المقال القادم سنواصل عرض ومناقشة حجج ومبررات هؤلاء.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى