نون والقلم

رشيد بن حويل البيضاني يكتب: الربيع الإيراني

اللهم لا شماتة. نحن لا نفرح لأي ضر يصيب المسلمين مهما كان موقفهم منا، ومهما كانت تجاوزاتهم في حقنا، بل لا نفرح لأي ضر يصيب الإنسان في كل مكان، لكننا هنا لا نستطيع أن نخفي سعادتنا لكشف سوءات نظام الملالي في إيران أمام العالم أجمع، حيث تأتي هذه الانتفاضة الشعبية في إيران لتؤكد صدق دعوانا في ما ترتكبه السلطات الإيرانية من دعم للإرهاب، وتدخل سافر في شؤون دول الجوار. ولعله مما يثير الدهشة أن يتهم الرئيس الإيراني المتظاهرين بأنهم قد ثاروا بدعم من أعداء إيران، مع أن مطالبهم لاعلاقة لها بالأعداء، إنهم قد ثاروا ضد سوء الأحوال المعيشية، وضد الفساد، وضد إضاعة ثروات البلاد في دعم القلاقل في البلدان المجاورة. فهل كان أعداء إيران وراء إمداد عصابات الحوثي في اليمن بهذا الكم الهائل من الأسلحة منذ عام 2004، من أجل تحقيق الحلم الفارسي في السيطرة على باب المندب، وتهديد بلادنا التي لم تفكر يوما في الاعتداء على إيران أو التدخل في شؤونها الداخلية؟ وهل كان أعداء إيران وراء إمداد حزب الله اللبناني الإرهابي بـ200 مليون دولار سنويا، من أجل أن يصبحوا دولة داخل دولة، ويهددوا استقرار لبنان؟ وهل كان أعداء إيران وراء التدخل الإيراني في سورية والعراق، والدعم العسكري والمادي الذي يدفع ثمنه المواطن الإيراني؟ وهل كان أعداء إيران وراء ديكتاتورية المرشد، الذي طالب المتظاهرين بإسقاطه؟!

تلك هي أسباب ثورة الشعب الإيراني، وكلها أسباب داخلية لا علاقة لها بأعداء إيران، إذ لا يعقل أن يعاني هذا الشعب، وبلاده غنية بمواردها، ويرى ثرواته تبدد هنا وهناك، وشباب إيران لا يجدون عملا، ولو وفرت إيران ما تنفقه على الإرهاب؛ لعاش مواطنوها حياة كريمة هانئة.

لقد تساقط العشرات قتلى، وأصيب المئات، واعتقل الكثيرون، وستستمر انتفاضة الشعب الإيراني طالما استمر نظام الملالي في نهجه، وفي إضاعة ثروات البلاد، وفي معاداة دول العالم، وفي زعزعة استقرار أمن المنطقة.

يخطئ نظام الملالي إذا اعتقد أنه سيتمكن من كبت المواطنين وكبح جماحهم، فهم لم يفهموا ما حدث من انتفاضات الشعوب وثوراتهم ضد حكامهم، وأنى لهم أن يفهموا وهم يعتقدون بعصمتهم، وأنهم ظل الله تعالى على الأرض.

نعم، أنا كمواطن عربي عانى من سياسات إيران، أشعر بشيء من الراحة تجاه ما يحدث في إيران، لأنه على الأقل سيجعل نظامها ربما ينشغل عنا وعن دعمه للإرهاب، وإن كنت أستبعد أن يعي الملالي الدرس جيدا، وإن غدا لناظره قريب.

نقلا عن صحيفة عكاظ

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى